أحدث الأخبار
  • 10:13 . ميلان يواصل نتائجه السيئة في الدوري الإيطالي... المزيد
  • 10:08 . الترجي التونسي يتعادل مع الأهلي المصري في ذهاب نهائي أبطال أفريقيا... المزيد
  • 09:36 . باير ليفركوزن أول فريق ألماني يحرز "الدوري الذهبي"... المزيد
  • 09:35 . أمبري: تعرض ناقلة نفط ترفع علم بنما لهجوم قبالة اليمن... المزيد
  • 07:27 . القضاء المصري يرفع اسم أبو تريكة و1500 آخرين من قوائم الإرهاب... المزيد
  • 07:24 . خالد مشعل: لدينا القدرة على مواصلة المعركة وصمود غزة غير العالم... المزيد
  • 07:20 . الأرصاد يتوقع انخفاضاً جديداً بدرجات الحرارة في الإمارات غداً... المزيد
  • 07:02 . "الموارد البشرية" تعلن عن 50 فرصة عمل بالقطاع الخاص للمواطنين... المزيد
  • 06:49 . القسام تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا شرقي رفح... المزيد
  • 06:16 . صحيفة: أبوظبي تسعى لتلميع صورتها رغم سجلها الحقوقي السيئ... المزيد
  • 11:12 . رئيس الدولة يلتقي ولي العهد السعودي للمرة الأولى منذ مدة... المزيد
  • 11:02 . "أدنوك" تعتزم إنشاء مكتب للتجارة في الولايات المتحدة... المزيد
  • 10:58 . مستشار الأمن القومي الأمريكي يزور السعودية نهاية اليوم... المزيد
  • 10:55 . تعادل مثير يحسم مباراة النصر والهلال في الدوري السعودي... المزيد
  • 10:53 . "أكسيوس": أميركا أجرت محادثات غير مباشرة مع إيران لتجنب التصعيد بالمنطقة... المزيد
  • 10:46 . البحرية البريطانية: تعرض سفينة لأضرار بعد استهدافها في البحر الأحمر... المزيد

كنت في الأندلس

الكـاتب : فاطمة الصايغ
تاريخ الخبر: 16-01-2017


لم تكن زيارتي لإسبانيا زيارة سائح عادي فقد كانت دراستي للتاريخ الإسلامي دافعاً أساسياً للتعرف عن قرب على تاريخ وحضارة الأندلس ورؤية كل ما قرأته عن الوجود الإسلامي الذي دام أكثر من 800 عام.

ومما لا شك فيه أن الزائر العربي إلى الأندلس ينتابه مزيج من الذكريات المؤلمة والفخر، الألم بسبب ما آل إليه حال العرب والمسلمين اليوم، والفخر بأن العربي والمسلم الذي سكن هذه البقعة قبل أكثر من ألف عام قد ترك تراثاً حضارياً تفخر به الإنسانية جمعاء.

الصروح الإسلامية في الأندلس لا يمكن مقارنتها بأي عمارة أخرى في تلك البلاد، والإرث الحضاري الذي تركه المسلمون عميق ومتجذر في الثقافة الإسبانية حتى اليوم. فمثلاً، يوجد في اللغة الإسبانية حوالي 4 آلاف كلمة مشتقة من اللغة العربية.

كما ترك العرب المسلمون حضارة متقدمة وراقية للغاية في مجالات التكنولوجيا والفلاحة والعمارة والفنون وغيرها من مجالات الحياة. فقد جلب المسلمون إلى تلك البقاع زراعات عدة كالبرتقال والرمان وغيرها من المحاصيل.

حالما تطأ قدماك الأندلس يأخذك الخيال إلى الماضي بكل عبقه وذكرياته بكل ما توحيه تلك العمارة الإسلامية والتراث الذي خلّفه المسلمون وراءهم. فعظمة البنيان ورقي الإنسان جعلت من الأندلس في تلك الفترة جنة من جنان الأرض.

ولا يمكن مقارنة الجموع التي تأتي في كل يوم لمشاهدة تلك الروائع الإسلامية بأي جموع تأتي إلى إسبانيا لمشاهدة الآثار الأخرى، حيث تحتشد صفوف الزائرين لآلاف الأمتار وقوفاً بالساعات انتظاراً لدخول أحد الصروح الإسلامية كقصر غرناطة أو مسجد قرطبة أو قصر إشبيلية.

معالم رائعة وصروح خيالية أثبتت قدرة العرب المسلمين على الابتكار والاختراع قبل غيرهم من الشعوب، وتركوا وراءهم إرثاً حضارياً رائعاً. كما أن حضارة الأندلس تثبت أن المسلمين قد سبقوا غيرهم في مجالات عدة متقدمة حتى باتت حضارة الأندلس مضرب الأمثال في التقدم والرقي. ولكن ما هي عوامل ضعف المسلمين وانهيار دولتهم وتفرق عددهم في الأندلس؟

عوامل كثيرة أدت إلى ضعف المسلمين بعد قوة وانفراط عقد دولتهم بعد وحدة، فمنذ أن استطاع عبد الرحمن الداخل تأسيس الدولة الإسلامية في الأندلس واتخاذ قرطبة عاصمة والمسلمون مستمرون من نصر إلى نصر حتى وصلوا إلى جبال البرانس في فرنسا، وباتت كل الممالك المسيحية في أوروبا تراقب تحركهم بكل حذر خوفاً من أن تقع هي الأخرى تحت سيطرة المسلمين.

واستمر التقدم الإسلامي حتى باتت كل أوروبا تنظر إلى التقدم الإسلامي على أساس أنه واقع حاصل. هذا النصر أورثهم حقد أوروبا. بالإضافة إلى هذا العامل، فقد كان التناحر بين الممالك الإسلامية في عصر الطوائف عاملاً حاسماً في تفرق عددهم وانهيار دولهم.

لم يترك المسلمون أثراً سياسياً على أوروبا فقط بل تركوا إرثاً حضارياً لا يمكن مقارنته بأي إرث حضاري في العالم أجمع.

فصروح الأندلس دخلت التراث الإنساني كأجمل ما خلدته يد إنسان على وجه البسيطة إلى جانب ما خلده المسلمون في بقاع العالم كتاج محل في الهند وصروح سمرقند وبخارى، وليست الصروح المادية هي فقط ما خلفه المسلمون وراءهم بل الفنون والعمارة وذلك الإرث الفكري الذي خلفه علماء الأندلس مثل الإدريسي وابن رشد وابن العربي وغيرهم الكثير.

ولكن كيف تعاملت الممالك المسيحية مع الإرث العربي الإسلامي بعد سقوط آخر مملكة إسلامية في الأندلس وهي غرناطة؟ بعد سقوط الأندلس على يد الممالك الإسبانية وخروج العرب من إسبانيا تعامل الإسبان مع الإرث العربي بكل قسوة.

فالكثير من الكنوز الأدبية أحرقت وتحولت العديد من المساجد الإسلامية إلى كنائس ومنها مسجد قرطبة الكبير. فالزائر إلى هذا المسجد اليوم يحزنه أن يرى المسجد وقد تم تغير اسمه إلى كاتدرائية والصليب وقد نصب في وسط المسجد المشهور بعمارته الإسلامية وأقواسه التي دخلت التاريخ شاهداً على روعة الحضارة الإسلامية.

دروس عدة يمكن استيعابها من الأندلس ولكن قد يكون أولها أن العربي المسلم قادر على الإبداع والابتكار بشكل استثنائي إذا ما سنحت له الفرصة، وثانيها أن الإسلام لم يركز على العبادات فقط بل أيضاً ركز على عمارة الأرض. إن هذه الدروس هي في حد ذاتها دروس توعية للأجيال المسلمة الجديدة التي تعتقد أن الإسلام هو فقط الأركان الشرعية.