أحدث الأخبار
  • 12:10 . مباحثات كويتية عراقية حول دعم العلاقات والأوضاع في غزة... المزيد
  • 09:04 . وزير إسرائيلي يهدد بإسقاط حكومة نتنياهو إذا منع وزراء فيها صفقة مع حماس... المزيد
  • 08:21 . أرسنال يعزز صدارته للدوري الإنجليزي بفوز مثير على توتنهام... المزيد
  • 07:24 . على خلفية المظاهرات المناصرة لغزة.. عبدالله بن زايد يذكِّر الأوروبيين: لقد حذرتكم من الإسلاميين... المزيد
  • 07:17 . وزير الخارجية البحريني يصل دمشق في أول زيارة منذ الثورة السورية... المزيد
  • 07:11 . اجتماع عربي إسلامي في الرياض يطالب بعقوبات فاعلة على الاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 12:16 . "الأرصاد" يحذر من تأثر الدولة بمنخفض جوي خفيف اعتباراً من الثلاثاء... المزيد
  • 11:48 . محمد بن راشد يعتمد تصاميم مبنى المسافرين الجديد في مطار آل مكتوم الدولي... المزيد
  • 11:47 . "أدنوك للإمداد والخدمات" تعقد أول جمعية عمومية سنوية في 29 أبريل... المزيد
  • 11:01 . المركزي: 41.6 مليار درهم ودائع جديدة قصيرة الأجل مطلع العام... المزيد
  • 10:48 . العين يخسر أمام الأهلي ويبتعد من مطاردة الصدارة والبطائح يخطف نقطة من الشارقة... المزيد
  • 10:48 . قطر تسعى لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية 2036... المزيد
  • 10:47 . مانشستر يونايتد يتعثر أمام بيرنلي وشيفيلد يونايتد يهبط للدرجة الثانية في الدوري الإنجليزي... المزيد
  • 10:43 . ثورة الجامعات الأمريكية.. الشرطة تواصل اعتقال عشرات المحتجين المؤيدين لفلسطين... المزيد
  • 10:40 . طيران الخليج البحرينية تستأنف رحلاتها للعراق بعد انقطاع أربعة أعوام... المزيد
  • 10:38 . الحرب على غزة تتصدر مناقشات قمة اقتصادية عالمية في السعودية... المزيد

السياسة بين التجريد والتعقيد

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 17-01-2017

كم كانت الدنيا بسيطة حين كنا أطفالاً، كل شيء أبيض أو أسود، حلو أو مر، صحيح أم خاطئ، هكذا نبرمج، يعلمنا الكبارما هوالصحيح فنفعله، وينهروننا إذا قمنا بشيء خاطئ، تطورت الأمور قليلاً وتعلمنا كيف نخطىء ومتى نخطئ، ولكن بقيت الدنيا لونين، في مرحلة معينة من عمرك بعد أن تتعرض لعوامل التعرية الأخلاقية والفكرية تكتشف أن هناك مساحة رمادية، هذه المساحة تتسع شيئاً فشيئاً حتى يغدو تقييمك لما حولك نسبياً، يعتمد تقييمك على عناصر متعددة قد تبرر الخطأ هنا لصالح صواب أكبرهناك، وربما تكون المساحة الرمادية أكبر بشكل خاص في مجال السياسىة، لا يكاد يكون في السياسة مساحات واضحة من البياض والسواد، ولكن مع ذلك هناك الكثيرمن اللاعبين على الساحة الذين يرفضون الاعتراف بهذه المساحة، المشكلة هي أن هؤلاء يفترضون أن الخلافات السياسية الكبرى يمكن أن تحل بحل واحد سحري وربما تصرف أولئك في الميدان بهذه العقلية فبدل أن يساهموا في حلحلة المشاكل يساهمون في تعقيدها.
أذكر حين كنت أدرس في الولايات المتحدة عام 2000 أن أحد الإخوة من المسلمين الجدد كان يلح علينا بأن الحل لمشاكل المسلمين سهل جداً، كل ما علينا فعله هو الانتقال مع أموالنا وأهلينا والعيش في أفغانستان في ظل حكومة طالبان، بالتالي تقوى دولتهم اقتصادياً وبشرياً وثم تسود العالم، ومع محاولاتنا المتكررة لإقناعه ظل مصراً على أننا نعقد الأمور فحسب، بعدها بعامين زالت دولة طالبان من الوجود في ظل قراردولي أنها لا تصلح في السياق العام ويجب التخلص منها، واليوم يقال نفس الكلام حول تنظيم الدولة الإسلامية، هناك الكثير من أولئك الذين يرون العالم بنظارتهم ويعتبرون أن المسألة منتهية، دولة إسلامية قامت وتحتاج إلى بعض الدعم وتنقلب موازين القوى عالمياً بين عشية وضحاها، لا يمكن إقناع أولئك بأن العالم معقد ولا بأن هذا التنظيم مخترق مخابراتياً وينفذ أجندات القوى المختلفة بقصد وبدونه.
وهذا التجريد للواقع السياسي لا يتوقف عند تنظيم الدولة ومؤيديه، هذه النظرة التجريدية موجودة حتى عند أنصار الدولة المدنية والليبرالية الغربية، يعتقد أولئك أن مجلساً وحكومة منتخبين سيتخلصون مباشرة من كل الأزمات السياسية، وأن التخلص من شخوص الأنظمة الفاسدة كفيل بإنهاء الظلم، والحقيقة رأيناها في الربيع العربي، أن الانتخابات لن تؤدي بالضرورة إلى حل سياسي شامل ولا لحلول للأزمات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة، بل ربما كانت سبباً في عودة القوى التي قام ضدها الربيع العربي في هذا القُطْر وذاك، وبعض من ينظر سياسياً دون فهم حقيقي للواقع يضع حلولاً سحرية فيقول مثلاً أننا لو طبقنا التعليم بشكله الغربي سينضج المواطن وينتهي الفساد، وينسى أولئك أن معظم الذين يمارسون الفساد بشتى صوره متعلمون في السياق الغربي، ومنهم بشار الأسد.
عندما نجرد واقعنا من العوامل المتداخلة ونفترض أن هناك مشكلة واحدة وحلاً واحداً فنحن نعيش في عالم الخيال، الواقع السياسي مضطرب ومتداخل بشكل عال، ربما يكون الحل لمشكلة معينة هو باب لعشرين مشكلة أخرى، الانتقال السياسي إلى الديموقراطية في بلد معين قد ينتج عنه الازدهار بعد حين ولكن في آخر قد يحول الدولة إلى دولة فاشلة، ولكل دولة ومجتمع ظروف متعددة لا بد من فهمها قبل طرح الحلول للمشكلات الرئيسية، وهنا تأتي الحاجة إلى نظرة واقعية معقدة للواقع من حولنا، نظرة تعطينا القدرة على التعامل مع طموحاتنا بما يتناسب مع ما هو موجودعلى الأرض من إمكانيات وظروف، وبإمكاننا حينها أن نقبل بقصور في جانب حتى يتحقق التطور في جانب آخر بشكل سلس، وبإمكاننا العمل على مكتسبات جزئية دون القلق من أن هذه المكتسبات الجزئية تأتي في سياق سياسي فاسد وظلم متجذر، والصورة الطوبائية للتغيير الشامل يجب أن تستبدل بما يمكن تحقيقه دون إحداث انهيار اجتماعي سياسي للوصول للهدف.
أصحاب الحلول الصفرية في الحالة السورية مثلاً كان لهم دورسلبي كبيرفي الإخفاقات المتكررة في تحقيق مكتسبات ولو جزئية خلال الصراع، والذين يلومون تركيا اليوم على موقفها عليهم أن يعلموا أن تركيا دفعت ثمناً غالياً لمواقفها «المثالية» في الموقف السوري لفترة طويلة وهي اليوم تحاول أن تتعافى من آثار هذه المثالية، على العكس واقعية «النهضة» و»العدالة والتنمية» مغاربياً كلفتهم غالياً على المدى القريب ولكنهم حققوا من خلالها مكتسبات لا يستهان بها على مستوى النظام السياسي، طبعاً لا يمكن بأية حال مقارنة هذه الحالات مع بعضها فكما قلنا لكل حالة ظروفها، ولكن بشكل عام نحن جميعاً بحاجة إلى نظرة واقعية متأنية نستوعب من خلالها العالم باعتباره كلاً متداخلاً وباعتبارنا أجزاءً منه لا ننفصل عن مشاكله الكلية ولا يمكننا الانفكاك عنه متى أردنا لتطبيق رؤية سياسية مثالية مجردة.;