أحدث الأخبار
  • 11:17 . النفط يتراجع مع استمرار محادثات وقف إطلاق النار في غزة... المزيد
  • 11:10 . توقعات بارتفاع أسعار البنزين في الإمارات خلال مايو بسبب الصراع "الإسرائيلي الإيراني"... المزيد
  • 10:50 . مانشستر سيتي يواصل مطاردة أرسنال بثنائية في مرمى نوتينجهام... المزيد
  • 10:43 . وزير الخارجية الأمريكي يصل السعودية لبحث الحرب على غزة... المزيد
  • 10:16 . لوموند: فرنسا تخفض صادرات أسلحتها لـ"إسرائيل" لأدنى حد... المزيد
  • 12:10 . مباحثات كويتية عراقية حول دعم العلاقات والأوضاع في غزة... المزيد
  • 09:04 . وزير إسرائيلي يهدد بإسقاط حكومة نتنياهو إذا منع وزراء فيها صفقة مع حماس... المزيد
  • 08:21 . أرسنال يعزز صدارته للدوري الإنجليزي بفوز مثير على توتنهام... المزيد
  • 07:24 . على خلفية المظاهرات المناصرة لغزة.. عبدالله بن زايد يذكِّر الأوروبيين: لقد حذرتكم من الإسلاميين... المزيد
  • 07:17 . وزير الخارجية البحريني يصل دمشق في أول زيارة منذ الثورة السورية... المزيد
  • 07:11 . اجتماع عربي إسلامي في الرياض يطالب بعقوبات فاعلة على الاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 12:16 . "الأرصاد" يحذر من تأثر الدولة بمنخفض جوي خفيف اعتباراً من الثلاثاء... المزيد
  • 11:48 . محمد بن راشد يعتمد تصاميم مبنى المسافرين الجديد في مطار آل مكتوم الدولي... المزيد
  • 11:47 . "أدنوك للإمداد والخدمات" تعقد أول جمعية عمومية سنوية في 29 أبريل... المزيد
  • 11:01 . المركزي: 41.6 مليار درهم ودائع جديدة قصيرة الأجل مطلع العام... المزيد
  • 10:48 . العين يخسر أمام الأهلي ويبتعد من مطاردة الصدارة والبطائح يخطف نقطة من الشارقة... المزيد

«التسامح» مفردة أخرى في قاموس النفاق

الكـاتب : أحمد بن راشد بن سعيد
تاريخ الخبر: 18-01-2017


حدّث سهم بن كنانة، قال:
حصل في أواسط القرن الخامس عشر أن دعا عربٌ من أرباب المصالح، إلى إشاعة مفهوم التسامح، وما أسموه «تقبّل حق الآخر في الاختلاف»، أملاً في التعايش والائتلاف، وقد نقل هؤلاء هذا المفهوم، عن بعض فلاسفة الروم، ممّن ضاقوا ذرعاً بالهيمنة الدينيّة، وطغيان السلطة البابويّة، وما حدث في أوروبا من حروب، وما عصف بأهلها من كروب، فدعوا إلى احترام حقوق غير الكاثوليك، والنظر إليهم بوصفهم الرديف والشريك، وإلى التساهل مع المختلفين في العقيدة، مهما تكن الاختلافات شديدة، ثم إعلاء شأن العقل، وتهميش ما جاء في النّقل، بل الكفّ عن التقديس والمجاملة، ووضع المسلّمات الدينية موضع المساءلة، فالعقل في زعم «فلاسفة التنوير»، هو المرجع الأول والأخير، والديانات بطبيعتها مغلقة، وأصحابها يدّعون امتلاك الحقيقة المطلقة، فلا بدّ من إقصاء عوامل الفرقة، وإعطاء كل ذي حقّ حقّه، بصرف النظر عن لونه أو ملامحه، أو عمّا يعتقده بين جوانحه، فالعقل هو الذي يصوغ الأفكار، لا الكتب المقدّسة ولا الأحبار، هكذا نشأ «التسامح» وشاع، ثم اتّسع بعد ذلك أيّما اتّساع.
قال سهم بن كنانة: وتجاوز مفهوم التسامح الدّين إلى السياسة، وارتبط بحقّ الاختلاف بين الساسة، بل أصبح قريناً للمدنيّة، وجزءاً من الحقوق الإنسانيّة، ولازمةً من لوازم الثقافة، ونقيضاً للجهل والخرافة، ودخل في تعريف «دولة المواطنة»، التي لا تمييز بين أبنائها ولا مباينة، فكلّهم أمام القانون سواسية، ويعبّر عن رأيه علانية، واتسّع «التسامح» ليشمل الحوار بين الحضارات، استناداً إلى ثراء التنوّع البشري عبر القارّات، فيسود النقاش بالألسن، والجدال بالتي هي أحسن، بعيداً عن البغي والعسكرة، وغيرهما من الأمور المُنكَرة، حتى لا تطغى فئة على أخرى، ولا تظنّ أمّة أنّها بالتفوّق أحرى، فيحلّ الوئام واللطف، ولا يبقى سببٌ للعنف.
قال سهم بن كنانة: والتسامح يعني التساهل، واحترام حق الآخر أو المقابل، وتغليب القواسم الجامعة، عبر المفاوضات البارعة، والسعي إلى ردم كلّ فجوة، مع الابتعاد عن فرض الرأي بالقوّة، و تمكين الأقليّة من التعبير، وممارسة حقّها في التغيير، و»تحمّل» الاختلاف السياسي، حتى لو كان على المنصب الرئاسي، ونقيض التسامح هو التعصّب، والانقضاض على الشرعيّة بالتغلّب، والعدوان على فئة واحترام أخرى، ثم ادّعاء التسامح بغياً وعُهرا، وكم قد أساء أقوام إلى»التسامح»، إذ تغنّوا به وهم يرتكبون المذابح، أو أعلنوه على أنقاض أُمم، من دون حياءٍ ولا ألم.
قال سهم بن كنانة: وعلى الواحد منا أن يحترس، من كلّ مصطلح ملتبس، فالتسامح يصبح خارج السياق، إذا انفصل عن مكارم الأخلاق، والعدل في هذه الدنيا أساس، ومن دونه يختلّ القياس، ولا ريب أن تسامحاً من غير عدل، مردّه إلى ضياع وذل، وقد دخل «التسامح» قاموس النفاق، وتاجر به شُذّاذ الآفاق، فضيّق أقوام يدّعون الإسلام على المساجد، وفتحوا للبوذيين والهندوس المعابد، وسفكوا دماء الرُكّع السُّجود، ثم أبدوا مودّتهم لليهود، وحاربوا بزعمهم الإرهاب، وهم يغذّونه من وراء حجاب، وأعلنوا احترام أتباع كلّ دين، إلا من اختلفوا معهم من المسلمين، ومارسوا عقيدة التصهين، وقالوا في دين الله بلا تبيّن.
قال سهم بن كنانة: ولا ريب أن الإسلام قد سبق فولتير، في الدعوة إلى التسامح مع الغير، فقد قال ربّ العالمين: «لا إكراه في الدين»، وقال: «ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلّهم جميعاً، أفأنت تُكرِهُ النّاس حتى يكونوا مؤمنين»، كما جاء في الكتاب المُبين، «وما على الرّسول إلا البلاغ المُبين»، وقال الشافعي: «رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب»، فالتسامح نقيض الاستبداد، وعنوان تنوّع لا تضاد، وقد جاء الإسلام بالشورى والاجتهاد، فكانت تعاليمه رحمةً للعباد، لكنّ الإسلام مستقيم غير مُعوَج، ويرفض الخطاب المزدوج، فلا يقبل تسامح أهل النفاق، الناظرين بعين حقد وعين إشفاق.;