وأضاف: «عبر التاريخ الإسلامي كان الوقف يستخدم في بناء المكتبات ودُور الترجمة ومعاهد التعليم، وأيضاً في بناء كليات الطب ومواكبة التطور والتقدم العلمي، وفي العالم الغربي أيضاً استخدمت الهِبات في تأسيس أعرق الجامعات وتطوير أفضل المستشفيات، ودعم الأبحاث الطبية والعلمية لخدمة الإنسانية، العالم مليء بالتجارب الوقفية المؤثرة، واليوم نريد أن نعيد للوقف دوره التنموي، فلا حدود للابتكار في الوقف لأنه لا حدود لتنمية المجتمعات».
جاء ذلك خلال اطلاع الشيخ محمد بن راشد، على النتائج التي حققها «مركز محمد بن راشد العالمي لاستشارات الوقف والهبة» (جزء من مبادرات محمد بن راشد العالمية)، خلال عامه الأول.
ويعد المركز مؤسسة وقفية استشارية، أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، لإعادة إحياء الوقف كأداة تنموية للمجتمع، حيث صمم المركز نموذج الوقف المبتكر بهدف إتاحة الوقف لجميع فئات المجتمع والمؤسسات مهما كان حجمها (صغيرة، متوسطة، كبيرة)، وعدم اقتصاره على أصحاب الثروات الكبيرة، حيث يمكن للمؤسسات ربط أي نوع من الأصول أو الموارد أو الخدمات بمفهوم الوقف المبتكر.
ويهدف هذا المفهوم إلى إبراز الوقف كأداة تنموية للمجتمع من خلال عدم التقيد بالمصارف التقليدية للوقف، بل توسيع نطاقها ليشمل مجالات تنموية أوسع، مثل الأبحاث الطبية، والثقافة والبيئة، ومشروعات الشباب والتوعية المجتمعية، غيرها.
كما اعتمد مفهوم «رحلة الوقف المبتكر في دبي» الذي أطلقه المركز، والذي يجعل من دبي أول مدينة في العالم تدمج حياة سكانها بالوقف، حيث يركز المفهوم على ربط الأوقاف المبتكرة لتكون جزءاً من الحياة الطبيعية للسكان، فالمقيم في دبي يمكن أن يبدأ يومه صباحاً باستقلال سيارة أجرة وقفية ليسهم من خلال الأجرة التي يدفعها في الحملات المجتمعية، وأثناء ذلك يمكنه الاستماع إلى إحدى الإذاعتين الوقفيتين ليسهم في دعم مشروعات الشباب، حيث إن هاتين الإذاعتين تبثان إعلانات وقفية مجانية لأصحاب المشروعات الناشئة من الشباب، ثم يمكنه التوجه للعلاج في أحد المستشفيات التي تقدم مفهوم الغرف الوقفية، بحيث تسهم الرسوم التي يدفعها في علاج الآخرين.
كما يمكن لسكان دبي الإسهام في وقف لأبحاث السرطان من خلال المشاركة في المزادات التي تنظمها إحدى المؤسسات التي تبنت الوقف المبتكر، ويمكنهم إنجاز معاملات في أحد مراكز الأعمال الوقفية، لتذهب الرسوم لمصلحة وقف ثقافة الطفل.
ويمكنهم دعم القراءة للأيتام من خلال اختيار الجلوس على طاولة وقفية في بعض المطاعم، ويمكنهم دعم أطفال التوحد من خلال شراء صحيفة تتبنى مفهوم الإعلانات الوقفية، ويمكن لمحبي الرياضة الذهاب لمشاهدة إحدى المباريات في أول استاد رياضي وقفي في العالم.