المشكلة الرئيسية في اليمن هي الانقلاب على الشرعية وإسقاطه، واستعادة الدولة أولوية اليمنيين والأشقاء في التحالف العربي بقيادة السعودية، وأي محاولات لخلط الأوراق وخلق معارك جانبية تطيل عمر الانقلاب وتخدم مشروع إيران بالمنطقة.
الشرعية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته هي المظلة التي يستند عليها التحالف في تدخله باليمن، وهي أساس أي تسوية قادمة، وقبل هذا وبعده هي المعترف بها دولياً، وتجاوزها بأي شكل اعتراف بالانقلاب، وشرعنة جرائمه منذ ثلاث سنوات.
كيف يمكن استنساخ شرعية من مظاهرة هنا أو هناك، والقول إن المشاركين فيها الذين يتم تصويرهم على أنهم كل الشعب في جزء من الوطن منحوا القائمين عليها شيكاً على بياض، أو ما يسمونه بـ» التفويض» لإعلان مجلس لإدارة السلطة في المحافظات المحررة، وفي نفس الوقت يزعمون أنهم مع الشرعية، وهم قد نسفوها من الأساس، وجعلوا أنفسهم أصحابها الحقيقيين؟
هناك فرق بين تشكيل هيئة أو حزب أو كيان لتنظيم شؤون الناس والتعبير عن مواقفهم وفق الأطر المتعارف عليها للمطالبة بحقوق مشروعة، وبين فرض أي شكل من هذه المسميات وصياً على الناس بالإكراه باستغلال الظروف، والدعم لخلق أمر واقع ضمن مشروع سياسي يمثل مجموعة محددة من الناس.
الشرعية تكتسب من صناديق الاقتراع النزيهة، وهذه هي الآلية الدولية المتعارف عليها في تبيان إرادة الناس، وحتى في القضايا المصيرية تقرر بصيغة الاستفتاء الشعبي في ظروف مناسبة وبإشراف دولي، وليس بمظاهرة مهما كان عدد المشاركين فيها مع كامل التقدير لهم، ذلك أن زمن البيان رقم واحد انتهى ولا يمكن لقلة اختطاف إرادة المواطنين.
لا أحد ينكر وجود مظالم في الجنوب مردها حكم صالح الذي انقلب على شركاء الوحدة، وليس هناك اعتراض على مطالبتهم بحقوقهم المشروعة، ولكن ما ينتقده المعترضون هو تجاوز الشرعية بخلق كيان ومنحه هذه الصفة وهو ليس كذلك، وإشغال اليمنيين ومن خلفهم التحالف بمعركة جانبية على حساب أولويتهم الوحيدة وهي إسقاط الانقلاب واستعادة الدولة.
وفي هذا السياق لا بد من التذكير بأن الجنوبيين باتوا هم حكام محافظاتهم في مختلف المناصب المدنية والعسكرية والأمنية، ولم يعد هناك إقصاء أو طلب انتظار وصبر ليكونوا شركاء في السلطة كما كان الحال في الماضي، وبالتالي فإن مصلحة الجميع تقتضي استعادة الدولة، وبعدها يتم البحث في شكلها ومستقبل البلاد.
وقد ضمنت مخرجات مؤتمر الحوار الحلول لكافة القضايا، ومنها القضية الجنوبية وشكل الدولة، بحيث تكون اتحادية فيدرالية من ستة أقاليم، وإن كانت لم تأخذ الصفة القانونية لتعذر الاستفتاء الشعبي عليها ضمن مسودة الدستور الجديد، ولكنها أرضية للبناء والنقاش والاتفاق على شكل معين في المستقبل.
من المهم قراءة التاريخ والاستفادة من تجاربه حتى لا نكرر الأخطاء ونهدر التضحيات، ونظل ندور بحلقة مفرغة.;