لأول مرة منذ بدء الحرب في اليمن، يظهر الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح برفقة القيادي الحوثي صالح الصماد رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى، وهو يتفقد معسكرا لتدريب المسلحين بجنوب العاصمة صنعاء، للدفع بهم إلى جبهات القتال.
وبثت وسائل إعلام موالية للانقلابيين مقاطع فيديو تظهر الرئيس المخلوع برفقة الصماد، في إشارة إلى قوة تحالف الانقلابيين وتماسك الجبهة الداخلية بين شركاء الحرب والانقلاب على الشرعية.
كما ظهر في الفيديو العميد طارق محمد عبد الله صالح، نجل شقيق الرئيس المخلوع ورئيس الحرس الرئاسي سابقا والمسؤول عن حراسة عمه "صالح" في الوقت الراهن، كما يتولى حاليا المسؤولية عن تدريب وحشد المسلحين والجنود للقتال مع ما يسمى باللجان الشعبية للحوثيين.
وأثار التحرك العلني لقادة الانقلاب بصنعاء وزيارة المخلوع وقادة الحوثيين إلى معسكرات التدريب للدفع بالمقاتلين إلى جبهات القتال، كثيرا من التساؤلات عن سرّ غياب طيران التحالف العربي عن رصد واستهداف قادة الانقلاب.
وكان رئيس المجلس السياسي الأعلى لتحالف الانقلابيين، قد قام مؤخرا بزيارات ميدانية إلى جبهات القتال على الحدود مع السعودية، كما زار محافظة الحديدة وجزيرة كمران في البحر الأحمر.
واللافت أن الزيارات الاستعراضية لقادة الانقلاب توثّق إعلاميا، وتظهرهم في صورة المتحدي لطيران التحالف العربي.
واعتبر المحلل السياسي ياسين التميمي أن "الظهور المشترك للمخلوع صالح رفقة الحوثي الصماد في زيارات ميدانية ذات طابع عسكري، الهدف منها تقديم رسائل واضحة للرياض بصلابة التحالف القائم بين المخلوع والحوثيين، وعلى نحو يناقض الخلافات الظاهرة على السطح بين طرفي الانقلاب".
ويرى التميمي أن "هذا النوع من الزيارات يأتي على خلفية إخفاق مساعٍ بذلت من أطراف عديدة لفتح قناة تفاوضية مع الرياض، تسمح بإنجاز ترتيبات يكون فيها المخلوع طرفا أساسيا خلال المرحلة المقبلة على حساب الحوثيين، تتسق مع الجهد الذي تبذله أبو ظبي على هذا الصعيد".
وبشأن زيارة الحوثي صالح الصماد لجزيرة كمران ومناطق أخرى غرب البلاد، قال "إنها تستغل ما يمكن اعتباره حالة الجمود العسكري الملحوظ على أهم الجبهات وأكثرها خطورة، على نحو يعبر عن ارتخاء القبضة من جانب التحالف العربي بقيادة السعودية، رغم استمرار الطلعات الجوية من وقت لآخر".
ويعتقد التميمي أن "القضاء على الانقلاب والانقلابيين لم يعد أولوية لدى التحالف، على الرغم من بقاء الشعارات ذاتها، خصوصا أن ذلك يترافق مع تدهور حاد في العلاقة بين الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته من جهة، ودولة الإمارات التي هي القوة الثانية في التحالف العربي، كما يتزامن مع استمرار أبو ظبي في سلوكها المنفرد والخطير خصوصا في جنوب اليمن"، على حد تعبيره.
ويؤكد الباحث فيصل علي أن "التحالف العربي بات تائها في اليمن، فهو بلا أهداف معلنة، وبلا قيادة عسكرية موحدة، ولا يوجد قائد عام لقوات التحالف، ولكل دولة أهدافها الخاصة".
وأشار علي في حديث لوسائل إعلام خليجية، إلى أن "دولة الإمارات العضو الفاعل في التحالف لا تعتبر الحكومة اليمنية شريكا في العمليات العسكرية التي يخوضها التحالف لإعادة الشرعية، وبدلا من تحرير المدن تقوم أبو ظبي بإعادة احتلال المدن الساحلية والموانئ في خروج عن فكرة إعادة الشرعية".
كما لفت إلى أن "الإمارات تقوم بدعم الجماعات المسلحة كالحزام الأمني في عدن ومليشيات النخبة في حضرموت وكتيبة أبو العباس في تعز، وكلها قوات غير تابعة فعليا للجيش الوطني والشرعية".
وقال علي إن "ما يجري في اليمن يجب أن لا ينظر إليه بمعزل عن الوقائع السابقة، فانقلاب صنعاء في 2014 دعمته الإمارات ماديا وعسكريا وسياسيا وإعلاميا، ودفعت ملياري دولار نقدا للحوثي حتى يحتل العاصمة اليمنية صنعاء لصالح إيران، والديوان الملكي السعودي كان على علم حينذاك بخطوات ومخطط الانقلاب، والرئاسة اليمنية أيضا كانت مرحبة بالانقلاب".
وقال الباحث اليمني إن "أهداف التحالف العربي باتت اليوم لا علاقة لها بعودة الأمن والاستقرار وعودة الشرعية إلى اليمن، وبدت أهدافها متقزمة للغاية، تتمثل في إلغاء عدد من الجمعيات الخيرية واتهام بعض الأشخاص بأنهم إرهابيون، بينما اليمن يتشظى ويتمزق، واليمنيون يقعون فعليا تحت رحمة قوات إرهابية مدعومة من الإمارات"، على حد زعمه.