تتمتع تركيا بعوامل جذب سياحي عديدة تؤهلها لتكون من أفضل الوجهات السياحية على مدار أيام السنة. فيها البحار، والبحيرات، والأنهار، والجبال الخضراء المغطاة بالغابات، والمناظر الخلابة، والطقس الرائع، بالإضافة إلى آثار التاريخ والحضارة، كما يفضلها كثير من السياح للعلاج.
في السابق، كانت الأماكن السياحية في تركيا محدودة، ولم يكن معظم السياح يعرفون غير اسطنبول وسواحل بحر إيجه والبحر الأبيض المتوسط. كما أن السياح كانوا غالباً من دول أوروبية، إلا أن الوضع تغير كثيراً في السنوات الأخيرة، وتم اكتشاف أماكن جديدة من قبل السياح، وتنوعت جنسيات الزائرين لتركيا. ومن المتوقع، وفقاً للتقديرات، أن يزور تركيا العام المقبل مليون سائح من جمهورية الصين الشعبية وحدها، وهذا التنوع يجعل دعوات مقاطعة السياحة في تركيا، بسبب مواقفها المشرفة من بعض القضايا، لا معنى لها ولا تأثير، ومن أراد أن يزور تركيا فأهلاً وسهلاً به في بلده الثاني، ولكن من ظن أنه يمكن أن يبتزها ويهددها بعدم قضاء إجازته فيها قلنا له: «إجازة سعيدة لك في أي بلد تريده».
منطقة البحر الأسود من الأماكن التي تجذب السياح عموماً والعرب على وجه الخصوص، وأصبحت محافظات أوردو وطرابزون وريزة، تعج بالباحثين عن الجمال الساحر، وهذا العدد الكبير من السياح يجعل المنطقة بحاجة إلى مزيد من الفنادق والمحلات والخدمات الأخرى، إلا أن تلك المباني قد تؤدي إلى تدمير المناطق الساحرة، وإفساد جمالها، وتلويث بيئتها، وقطع أشجارها التي تزينها وتشكل رئتها.
الحل الأمثل لهذه المشكلة هو التوفيق بين توفير الخدمات المطلوبة لراحة السياح، والمحافظة على البيئة وجمال المناطق السياحية، وهذا يتطلب التخطيط والتقنين والتنظيم لمنع الفوضى، والعشوائية في البناء، ومما لا شك فيه أن هذه المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على الحكومة.
رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان قام خلال الأيام الماضية بجولة في شمالي شرق البلاد، وصرح بأن السلطات التركية ستعتني بهضبة آيدر الشهيرة في محافظة ريزة، كما ستعتني بمنطقة أوزونغول التي أصبح الجميع يعرفها، وقال: «آيدر التي رزقنا الله بها ليست هذه. قمنا بتلويث آيدر وإفسادها»، في إشارة إلى المباني غير المرخصة.
تجولت قبل أيام في محافظات أوردو وطرابزون وريزة، وعلى الرغم من الزحمة الشديدة والمباني العشوائية ما زال «الريف التركي»، كما يطلق عليه الإخوة العرب، لم يفقد جماله تماماً، إلا أن التغيير الذي بدأ يطرأ عليه قد يؤدي في نهاية المطاف إلى زوال هذا الجمال، لا سمح الله، إن لم يتم استدراكه.
محافظة ريزة، بعرضها وطولها رائعة، ويصفها رئيس بلديتها بأنها «جنة الأخضر والأزرق، والمدينة التي يتحول فيها المطر إلى الشاي»، في إشارة إلى اشتهارها بزراعة الشاي، إلا أن هناك أماكن بحاجة إلى التطوير، وتحسين الطرق والخدمات، مع الحفاظ على جمال البيئة، مثل «شلالة آغاران» التي لا يمكن الوصول إليها براً إلا باستخدام طريق جبلي ضيق للغاية.
الجمال الذي تتمتع به بلادنا ثروة وطنية، وأمانة غالية في أعناقنا، ويجب أن نتخذ كافة التدابير اللازمة لحمايته كي نتركه إلى الأجيال القادمة كما ورثناه من آبائنا، وليس من حقنا أن ندمر هذا الجمال من أجل مكاسب مالية قليلة.;