نشرت وكالة "فرانس برس" تقريرا عن البرنامج النووي الإماراتي والتطورات الجارية فيه.
وقالت الوكالة إنه كان من المفترض أن يبدأ المفاعل في توليد الطاقة في 2017، لتصبح الإمارات أول دولة خليجية نووية، إلا أن “مؤسسة الإمارات للطاقة النووية”، المسؤولة عن تشغيل المفاعلات، أعلنت أخيرًا التأجيل إلى 2018 لأسباب تقنية.
ويقول كريستر فيكتورسن المدير العام للهيئة الاتحادية للرقابة النووية المخولة منح الترخيص، إن مؤسسة الطاقة النووية “تقدمت بطلب الحصول على رخصة تشغيل المفاعل الأول في مارس 2015، وكان ملفًا ضخمًا يتضمن أكثر من 15000 صفحة”.
ويضيف “أرسلنا لهم حتى الآن أكثر من ألف سؤال ولا زلنا نرسل الأسئلة”، مشددًا على أن الرخصة لن تمنح قبل الإجابة عن هذه الأسئلة، والتأكد من أن خطط طوارئ كافية للتعامل مع أي حادث وضعت في مكانها.
ويشير فيكتورسن الذي يحمل الجنسيتين الفنلندية والسويدية إلى أن “المسألة قد تتطلب أشهرًا”، لكنه يضيف أن 2018 “هو لا شك عام التشغيل”.
وبحسب مؤسسة الطاقة النووية، فإن النسبة الكلية لإنجاز المفاعلات الأربعة وصلت إلى نحو 80 %، في حين وصلت نسبة إنجاز المفاعل النووي الأول إلى أكثر من 95 %.
الجوار سيتفهم
قد تبدو مسألة امتلاك برنامج نووي سلمي أمرًا طبيعيًا في مناطق أخرى من العالم، لكن المفارقة في الخليج أن الامارات تبني مشروعًا نوويًا في منطقة تعصف بها الأزمات السياسية والأمنية منذ عقود.
ويدفع هذا الواقع المسؤولين ومديري البرنامج إلى التشديد على الطبيعة الآمنة لهذا المشروع الذي تقرر إقامته في العام 2009 ضمن مشروع ضخم بلغت قيمته أكثر من 25 مليار دولار.
وتتطلع أبوظبي إلى أن يساهم البرنامج النووي بحلول العام 2020 في إنتاج نحو 25 % من حاجتها من الكهرباء. لكنها تأمل -أيضًا- أن يعزز هذا البرنامج الطَموح موقعها كدولة مؤثرة على الساحتين الإقليمية والدولية.
وتنقل الوكالة عن مسؤول إماراتي في الملف النووي قوله “دولتنا سباقة، وستبقى كذلك”.
وفي ظل أزمة الثقة بين دول الخليج وإيران، والأحداث الأمنية والهجمات التي شهدتها دول مجاورة بينها السعودية والكويت، يؤكد المسؤولون والأطراف المشغلة للبرنامج النووي أن هذا المشروع لن يسبب مزيدًا من التوترات كونه منحصرا بخطط محلية لتنويع الطاقة.
ويقول دبلوماسي كوري جنوبي مقيم في دبي فضل عدم الكشف عن اسمه، إن مشروع محطة براكة “سيكون له دور مهم في اقتصاد الإمارات، لكنه سيكون -أيضًا- مثالاً ممتازًا للدول العربية الأخرى لحيازة الطاقة النووية واستخدامها في المجالات السلمية”.
وسبق وأن أعلنت بضع دول عربية بينها السعودية في الأعوام السابقة عن نيتها بناء محطات نووية مماثلة.
ويضيف الدبلوماسي “لا نعتقد أن المفاعلات النووية ستتسبب بمشاكل في المنطقة. تعاوننا مبني على جهود (..) التطوير، والدول العربية الأخرى في المنطقة ستتفهم هذا الأمر”.
لا للتخصيب
وتقع المنشآت النووية في الإمارات في نطاق صلاحيات جهاز حماية المنشآت الحيوية والسواحل. وحاليًا، يتلقى السكان الذين يعيشون في دائرة قطرها 50 كلم من المحطة تعليمات حيال كيفية التعامل مع الحوادث.
إلا أن الأمان النووي لا يتعلق بدولة الإمارات فقط. فمحطة براكة تبعد نحو 50 كلم عن أقرب حدود مع المملكة السعودية غربًا، وحوالي 320 كلم عن سلطنة عمان جنوبًا، و350 كلم عن ايران شمالاً.
ومن هذا المنطلق، أقيمت مؤتمرات إقليمية جمعت أطرافًا مختلفة في المنطقة لمناقشة الأمان النووي، وفقًا لمدير هيئة الرقابة.
ويؤكد فيكتورسن أن “الأمان مسألة مهمة جدًا، وقد وضعنا قوانين تتعلق بعدة مجالات في هذا الشأن”، مشيرًا إلى إقامة تمارين مستمرة تحاكي وقوع حوادث في محطة براكة للطاقة النووية تشمل الموظفين في البرنامج وأجهزة وزارة الداخلية.
وبهدف تفادي أي شكوك مستقبلية حيال طبيعة برنامجها النووي، عمدت الدولة، التي تضم نحو 8 % من احتياطات النفط العالمية، إلى الابتعاد عن أكثر المسائل إثارة للجدل: تخصيب اليورانيوم.
فبينما تخوض ايران على الضفة الأخرى من الخليج مواجهة محتدمة مع المجتمع الدولي لإجراء عمليات التخصيب على أرضها، أكدت أبوظبي أنه لن يكون هناك أي عمليات لتخصيب اليورانيوم على أراضيها.
كما أنها ستمتنع عن إعادة معالجة الوقود النووي بأي شكل من الأشكال.
ويقول فيكتورسن “أعلم ان كلمة نووي تعني لأشخاص كثيرين أغراضًا غير سلمية، لكن القوانين التي وضعت هنا تؤكد عكس ذلك، ونحن وضعنا برنامجًا لمراقبة كل النشاطات النووية في البلاد”.
في مايو الماضي، عقدت الحكومة جلسة في محطة براكة. ولخص رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الرؤية للبرنامج النووي بالقول: إن هذا المشروع يحقق “تطلعاتها للريادة عالميًا”.