نظمت جمعية "كلنا الإمارات" ندوة بعنوان «الأزمة القطرية ودور جمعيات النفع العام في تعزيز الوعي المجتمعي»، حاضر فيها عدد من السياسيين الإماراتيين على رأسهم أستاذ العلوم السياسية المتقاعد عبد الخالق عبدالله، ورئيس تحرير صحيفة "الاتحاد" محمد الحمادي، علي الجحيص مدير مكتب جريدة الرياض بدبي.
وبغض النظر عن تناول الندوة قطر أو السعودية إلا أن التساؤل المطروح، هل انعقاد هذه الندوة يتوافق مع أغراض الجمعية، وهل توافقت مع قانون جمعية النفع العام رقم (2) لسنة 2008؟
"كلنا الإمارات" جمعية نفع عام
قالت جمعية "كلنا الإمارات" على صفحتها الرسمية في "فيس بوك"، أن وزارة الشؤون الاجتماعية (حاليا تنمية المجتمع) قرارها رقم 159 للعام بشأن إشهار جمعية “كلنا الإمارات” طبقا للقانون الاتحادي رقم 2 لعام 2008 بشأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية ذات النفع العام.
وفيما بد أنه تحديد لأغراض الجمعية وأهدافها، قالت "لتعزيز وترسيخ مفهوم المواطنة في مختلف إمارات الدولة وتنشئة الأبناء تنشئة صحيحة، بجانب إسهامها بفاعلية في تنمية وتعزيز روح الولاء والانتماء للوطن لدى الأبناء وتقوية أواصر المحبة والألفة والتلاحم بين أطياف المجتمع الإماراتي".
قانون جمعيات النفع العام
قالت المادة (2) من قانون الجمعيات النفع العام رقم (2) لسنة 2008، يقصد بالجمعية ذات النفع العام كل جماعة تؤلف من أشخاص طبيعيين أو اعتباريين ، بقصد تحقيق نشاط اجتماعي ، أو ديني ، أو ثقافي ، أو علمي ، أو تربوي ، أو مهني ، أو نسوي ، أو إبداعي ، أو فني ، أو تقديم خدمات إنسانية ، أو تحقيق غرض من أغراض البر ، أو التكافل.. وتسعى في جميع أنشطتها للصالح العام وحده دون الحصول على ربح مادي، .. ، وتكون العبرة في تحديد هدف الجمعية بالغرض الرئيسي الذي أنشئت من أجله.
ومع أن المادة لم تضع "النشاط الوطني" ضمن الأنشطة أعلاه، إلا أن صفة "نشاط اجتماعي" تغطي على أي نشاط وطني تمارسه هذه الجمعية أو غيرها.
ولم يكتف القانون بحصر المسموح به، ولكن المادة (16) نصت على "لا يجوز للجمعية الخروج عن الأغراض المحددة في نظامها الأساسي، ويحظر عليها وعلى أعضائها التدخل في السياسة أو في الأمور التي تمس أمن الدولة ونظام الحكم فيها أو إثارة المنازعات الطائفية أو العنصرية أو الدينية".
فماذا تضمنت ندوة الجمعية؟
قال الشيخ مسلم سالم محمد بن حم العامري رئيس مجلس إدارة جمعية «كلنا الإمارات» متحدثا عن دولة قطر : "تعرضت دولة الإمارات للغدر والخيانة من الجار والشقيق الذي حاك المؤامرات وحاول زعزعة استقرار الوطن وزرع الفتنة بين الأبناء والأشقاء مستخدماً كافة الأساليب ومسخراً لأجل ذلك الإعلام المشبوه ودعاة الفتنة"، على حد قوله.
أما محمد الحمادي فقد قال: "نحن دخلنا مرحلة جديدة في تاريخ مجلس التعاون الخليجي، وكذلك الدول العربية وهي مرحلة يعتبرها البعض صعبة وأين البيت الخليجي وما مصير مجلس التعاون وهل يبقى أو يختفي وكذلك جامعة الدول العربية ودورها الذي لم يعد له تأثير، .. ونحن في خلاف سياسي ربما بعد أيام سيزول".
من جهته، أشار عبدالخالق عبدالله أستاذ العلوم السياسية إلى "أن الإمارات دخلت بكل ثقلها السياسي والمعنوي والعسكري وأعز ما لديها من أبنائها وجنودها ودمائها للتصدي للإرهاب". وأضاف: "ووضعت هذا التهديد والخطر على قمة أولوياتها السياسية والعسكرية والأمنية".
وفي مداخلته، قال الإعلامي السعودي علي الجحيص مدير مكتب جريدة الرياض بدبي: "كان هناك عدم رضا عندما انقلب الابن على الأب وكان هناك ضغوط عالمية..ماذا تنتظر من حاكم يصدر مذكرة اعتقال لأبيه؟!".
وإزاء هذه التصريحات، تساءل ناشطون عن مدى صلتها بما شددت عليه المادة الـ16، من حظر "التدخل في السياسة أو في الأمور التي تمس أمن الدولة ونظام الحكم فيها أو إثارة المنازعات الطائفية أو العنصرية أو الدينية". وهل مضمون هذه الندوة سياسي بحت، أم فني ونسوي، مثلا يقول إماراتيون؟! وهل محتوى هذه الندوة لا يثير المنازعات العنصرية وحتى الدينية، على اعتبار اتهام الدولة التي تحدثوا عنها بدعم الإرهاب الذي يربطونه دوما بالإسلام، يتساءل إماراتيون؟!
جمعية المعلمين وغيرها وعريضة الثالث من مارس
هذه الندوة، أعادت للأذهان الاتهامات الأمنية لجمعية الإصلاح الاجتماعي وجمعية المعلمين وجمعية الحقوقيين وغيرها من جمعيات، أقدمت الوزارة على حل مجالس إدارتها بزعم أنها مارست أنشطة غير مرخص بها ولا تتصل بالغرض الذي أنشئت لأجلها، واعتبر أنها مارست عملا سياسيا.
ففي الثالث من مارس 2011 رفع عشرات من أعضاء جمعيات النفع في الدولة عريضة لرئيس الدولة تطالب بتوسيع المشاركة الشعبية في انتخابات المجلس الوطني وتعزيز استقلال القضاء. فاعتبر جهاز الأمن أن الموقعين قاموا بعمل سياسي محظور بموجب الـ16، فتمت معاقبتهم بالسجن من 5 إلى 7 إلى 10 حتى 15 سنة، جراء ممارسة نشاط وطني وعلمي بحت، وحتى إن لم تنص المادة الثانية على النشاط الوطني، إلا أنها نصت على النشاط العلمي، وجميع الموقعين هم من علماء الإمارات ومثقفيها ومبدعيها، بحسب متعاطفين مع الموقعين على العريضة الوطنية.
ومع ذلك، فإنه ينبغي على الإماراتيين مناقشة أمورهم السياسية بانفتاح تام ومن حقهم وواجبهم ممارسة العمل السياسي، وليس المطروح هو تجريم أي نشاط سياسي، ولكن الشاهد هو كيف أن صدر جهاز الأمن يتسع لجمعيات النفع العام عندما يمارس أمورا تصب في صالحه وكيف يضيق بالوطن والمواطنين عندما يمارسون حريتهم حسب اهتماماتهم هم لا اهتماماته هو، على حد تعبير إماراتيين.