أحدث الأخبار
  • 12:04 . الذهب يتجه لتحقيق مكاسب للأسبوع الثاني على التوالي... المزيد
  • 12:04 . للمرة الثالثة في آخر عقد.. مانشستر سيتي وأرسنال يواصلان المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي... المزيد
  • 12:03 . دراسة: السمنة وارتفاع السكر في الدم يلعبان دورا متزايدا في اعتلال الصحة... المزيد
  • 12:03 . خلال لقائه عضو الكنيست الإسرائيلي.. عبدالله بن زايد يحذر من خطر التصعيد القائم في المنطقة... المزيد
  • 12:02 . "قمة المنامة" تدعو إلى نشر قوات دولية في فلسطين لحين تنفيذ حل الدولتين... المزيد
  • 12:00 . إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى الإحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 10:50 . مصر ترفض مقترحا إسرائيليا بشأن إدارة معبر رفح... المزيد
  • 09:16 . "توتال" الفرنسية تبحث الاستثمار بمشاريع الطاقة المتجددة السعودية... المزيد
  • 07:22 . رئيس الدولة والقطرية لؤلؤة الخاطر يفوزان بجائزة "الشخصية الإنسانية العالمية" ... المزيد
  • 07:02 . بريطانيا تعتزم افتتاح 10 مدارس في السعودية... المزيد
  • 06:32 . الإمارات تطلق "الإقامة الزرقاء" طويلة الأمد للمهتمين بالبيئة... المزيد
  • 03:00 . مباحثات قطرية تركية حول التطورات في قطاع غزة... المزيد
  • 10:52 . جنوب أفريقيا تعتزم اتخاذ خطوة جديدة ضد "إسرائيل" أمام محكمة العدل الدولية... المزيد
  • 10:27 . الدوري الإنجليزي.. تشيلسي على بعد خطوة من المشاركة الأوروبية ومانشستر يونايتد يُسقط نيوكاسل... المزيد
  • 10:17 . السعودية تخطط لإنشاء ستة مطارات جديدة وإضافة تسع صالات... المزيد
  • 01:16 . هنية: اليوم التالي للحرب تقرره المقاومة الفلسطينية... المزيد

ماذا تريد تركيا من سوتشي

الكـاتب : محمد زاهد جول
تاريخ الخبر: 25-11-2017

عندما دعت روسيا إلى مؤتمر دولي حول سوريا تحضره ثلاثة وثلاثين جماعة أو حزبا سياسيا أو فصيلا معارضا من السوريين في سوتشي، وحددت له تاريخ 18 نوفمبر 2017، قلنا إن هذه الدعوة الروسية متسرعة وتعبر عن حالة أزمة في الرؤية الروسية للخروج من الأزمة السورية بأقل الخسائر وبأقل المكاسب أيضاً، وإنها إما تعبر عن سيطرة روسيا كاملة على سوريا، أو تعبر عن أزمة روسية كبيرة في سوريا.
وعدم نجاح ذلك المؤتمر ولجوء روسيا إلى مؤتمر قمة مع تركيا وإيران للتحضير لذلك المؤتمر، دليل على ضياع روسيا في سوريا، وإن كانت لا تزال تكابر انها انتصرت على طريقة حسن نصرالله وقاسم سليماني وخامنئي، الذين أعلنوا تباعاً انتصارهم بالقضاء على «داعش»، وهم يتجاهلون أن الثورة السورية بدأت قبل ظهور «داعش» بأربع سنوات، وان المعارك في سوريا كانت ولا تزال بين الشعب السوري ونظام البعث السوري السابق، فحرب دامت سبع سنوات لن تستطيع قمة سياسية إنهاءها ما لم يكن الشعب الذي قاتل سبع سنوات من أجل الحرية والاستقلال والكرامة حاضرا فيها.
الحقيقة الكبرى وراء هذه القمة هي أن روسيا لا تستطيع الاستمرار بالمستنقع السوري أكثر، وبوتين يريد أن يسدل الستار على التورط الروسي في سوريا بأية طريقة كانت، وقد حاول ذلك مرار بالتفاهمات الفاشلة السابقة بين وزيري خارجية أمريكا جون كيري ونظيره الروسي لابروف، حتى قال بوتين شخصياً لقد فقدنا الثقة بالشريك الأمريكي لإيجاد حل سياسي في سوريا، ولذلك اضطرت أمريكا البحث عن الحل السياسي الذي يرضي أكبر طرفي التأثير على الصراع في سوريا، وهما الطرف الإيراني المتورط أيضاً في سوريا قبل روسيا بسنوات، وقد فشل قبلها بالقضاء على الثورة السورية، وهو أي الطرف الإيراني كان شريكاً لأمريكا بتوريط روسيا في الأزمة السورية، بتشجيعها على التدخل العسكري بحجة إمكانية حسم الصراع عسكرياً، إذا توفرت القوة الجوية، كما وعد قاسم سليماني بوتين من قبل، دون نجاح، وقد تبين لبوتين أن إيران ورطت روسيا في الحرب في سوريا حتى لا تكون إيران وحدها حاملة وزر الفشل في سوريا، ولا وحدها حاملة لوزر قتل الشعب السوري أيضاً.
أما الطرف الثاني الذي أدركت روسيا أنه يمسك بحدود وقدرات تأثير على الصراع في سوريا فهو الطرف التركي، ولذلك عمل بوتين على إرضائه بالمشاريع الاقتصادية أولاً، والتخويف من التدخل العسكري في سوريا ثانياً، ولكن بوتين صُدم باسقاط الطائرة الروسية سوخوي بتاريخ 24/11/2015 من قبل سلاح الجو التركي فوق الأراضي التركية، وهذا ما دفعه إلى استخدام العاملين السابقين لكسب الموقف التركي لجانبه، وهما الاقتصادي والعسكري، فوقع مزيداً من الاتفاقيات الاقتصادية الكبيرة مع تركيا، وكذلك الاتفاقيات العسكرية ثانياً، وزاد على ذلك موافقة بوتين على الشروط التركية لتوفير أسباب الأمن القومن التركي في المنطقة، وليس في سوريا فقط، والشأن الأخير، أي توفير أسباب الأمن القومي التركي تجاهلته أمريكا عمدا وقصداً، بتحالفاتها الخاصة مع الأحزاب الكردية الانفصالية في سوريا والعراق وربما في تركيا أيضا، ولذلك كانت السياسة التركية أمام خيار واحد فقط، وهو التفاهم مع روسيا وإيران على حفظ أسباب الأمن القومي التركي الذي تهدده المشاريع الامريكية، سواء كانت في سوريا أو في العراق، فضلا عن منعهما من التورط بأعمال عدائية ضد تركيا، ولو كانت من باب الحملات الاعلامية أيضا.
لذلك يمكن القول بأن الرئيس الروسي استعمل ذكاءه السياسي بضرورة الاتفاق مع أقوى الأطراف المؤثرة في الوضع العسكري والاجتماعي والسياسي في سوريا، وهما تركيا وإيران، بدون تجاهل أطراف أخرى لها مصلحة بوقف الحرب في سوريا حقيقة، مثل السعودية وقطر والاردن ومصر وغيرها، فبعضها لعب أدوارا كبيرة بدعم المعارضة السورية سابقاً، وبالأخص في مرحلة تشكيل القوالب السياسية للمعارضة السورية العربية السنية، التي تمثل أكثر من 80% من الشعب السوري، فتركيا لن تستطيع كسب كل المعارضة السورية إلى جانبها، وبالأخص منذ أن عملت السعودية على قيادة طرف مهم وكبير من المعارضة السورية، على حساب إبعاد دور قطر في هذا المجال، مع بقاء هيئات وفصائل معارضة لها ارتباطات مع قطر، ومن هنا فإن بوتين وبعد ان دعا إلى مؤتمر سوتشي الأول بتاريخ 18/11/2017 ، وبعد أن جاءه الرد الأول من هيئات المعارضة السورية العليا رافضة حضور ذلك المؤتمر، بل تهكمت منه بقولها إنه سيكون مؤتمرا لروسيا وعملاء الأسد في السلطة والمعارضة المزيفة، ليحاوروا أنفسهم وبعضهم بعضاً، وبعد أن طالبت تركيا توضيحا روسيا لمجريات ذلك المؤتمر، وامتنعت عن حضوره قبل الاتفاق على إجراءاته، أدرك بوتين أنه تسرع بالدعوة للمؤتمر السابق قبل مشاورة الأطراف المهمة والقادرة على ضمان أكبر عناصر المعارضة السورية، وإلا فإنه سيواجه جدياً المعارضة السورية، برفض الحضور إلى سوتشي سيجعله يواصل أزماته السياسية بعد العسكرية فيها.
لذلك جاءت دعوة الرئيس بوتين إلى مؤتمر قمة سوتشي بحضور الرئيس أردوغان والرئيس الايراني روحاني في سوتشي بتاريخ 22/11/2017 لمعالجة نقاط الضعف التي أخطأ بها بوتين، عندما دعا للمؤتمر الأول بتاريخ 18/11، فبوتين أدرك انه لن يستطيع وحده جلب المعارضة السورية المؤثرة في الحل السياسي بقدراته السياسية ولا العسكرية، فأمريكا التي أُبعدت عن أستانا وعن سوتشي يمكنها أن تعرقل جهود موسكو في سوتشي، بالضغط على بعض أطراف المعارضة السورية بعدم الحضور، وهم بطبيعة الحال يرفضون المساهمة بحل سياسي تقوده روسيا وإيران في سوريا أصلاً، بينما روسيا تسعى لإبعاد الضغوط الأمريكية المباشرة وغير المباشرة عن سوتشي، حتى يتم إسدال الستار على الصراع في سوريا أولاً، وينجو بوتين وجنرالاته من المحاسبة الداخلية في روسيا ثانياً، وحتى ينجو من المحاسبة الدولية ثالثاً، ولذلك أسرع بإعلان الانتصار وادعائه بنجاح جيشه بالقضاء على «داعش»، وكأنه انهى أسباب الصراع في سوريا بعد القضاء على «داعش» فيها، أي أن بوتين يريد أن يستبق الأمور ويعلن انتهاء القتال والصراع في سوريا، طالما ان أزلام إيران اعلنوا نهاية «داعش» في سوريا والعراق، وهي الحجة التي جاءت بالجيش الروسي منذ سنتين، وهي الإرهاب الداعشي، فلا معنى لبقاء الجيش الروسي في سوريا بعد القضاء على «داعش»، ولذلك جلب بوتين بشار الأسد إلى سوتشي، قبل القمة مع رؤساء ايران وتركيا، وأوقفه امام جنرالات الجيش الروسي ليشكرهم على مشاركتهم بالقضاء على «داعش»، وكأن مهمتهم قد انتهت، وفي الحقيقة كأن بوتين أمام ورطة كبرى أمام جنرالاته العسكريين، الذين أنهوا مناوراتهم وتدريباتهم العسكرية في سوريا ولا يريدون البقاء فيها أكثر، ولذلك أخذ تعهداً من بشار الأسد الذي لا يملك حيلة بتنفيذ الأوامر الروسية لحل الصراع في سوريا، حسب وجهة نظر الدول الثلاث الروسية والايرانية والتركية، وقد ضمنت تركيا سكوتا رسميا روسيا وإيرانيا ومن جيش بشار الأسد بعدم التعرض للوجود العسكري التركي في سوريا.
إن ما أرادته السياسة التركية من مؤتمر سوتشي، هو ان تضمن تركيا من روسيا وإيران الحفاظ على وحدة الأراضي السورية أولاً، ومنع التقسيم ثانياً، وعدم دعم التنظيمات الارهابية التي تسعى لبناء دول داخل الدولة السورية ثالثاً، سواء كانت دولة «داعش» السابقة، أو دويلة الأكراد الانفصاليين لاحقاً، التي تسعى أمريكا لجعلها دويلة كردية شكلياً ورسمياً وقاعدة عسكرية أمريكية كبيرة فعلياً، وهذا هدف مرفوض لدى تركيا من ناحية مخاوفها من إثارة المشاكل القومية على أراضيها، ولكنها أي تركيا ضد تأسيس قاعدة عسكرية أمريكية كبرى على حدودها الجنوبية أيضاً، وهو ما يشاركها فيه كل من روسيا وإيران بدرجة أكبر، فروسيا على تفاهمات مع أمريكا منذ الحرب الباردة على الاحتفاظ بقاعدة عسكرية روسية في طرطوس. ويمثل إقامة قاعدة عسكرية أمريكية كبرى شمال سوريا خطرا على الأمن الروسي والإيراني أيضاً، ولذلك فإن الرؤية التركية تجد آذانا صاغية من بوتين وروحاني وقادة اركانهم العسكريين.
إن هذا الموقف التركي ليس قبولاً للموقفين الروسي والإيراني في سوريا، وبالأخص حول مستقبل الحل في سوريا، وبصورة أكثر خصوصية حول مستقبل الأسد، فلا يمكن لتركيا أن تقبل حلاً سياسياً تفرضه على الشعب السوري، أو على المعارضة السورية اطلاقاً، ولذلك بقي اسم بشار الأسد مغيباً عن المؤتمر العلني في سوتشي في كلمات الرؤساء الثلاثة، كما أن اسم امريكا لم يذكر أيضاً، وهي التي تملك أكثر من عشر قواعد عسكرية لها في سوريا، ولها اكثر من خمسة آلاف جندي امريكي فيها، فهل تستطيع روسيا وإيران وتركيا فرض حل سياسي مع وجود هذا التدخل العسكري الأمريكي الكبير في سوريا، علما بان امريكا اعلنت أنها لا تفكر بمغادرة سوريا الآن ولا بعد إيجاد حل سياسي فيها؟ كما أن بيان مؤتمر المعارضة السورية في الرياض 2 ركز على مؤتمر جنيف1، وبالأخص قراره بتشكيل هيئة حكم انتقالي تتولى صلاحياتها كاملة.