تحت عنوان “لماذا كان لسعد الحريري تلك الزيارة الغريبة للسعودية ؟”، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز″ تقريرا روت فيه “الوقائع الغريبة” التي لم يكشفها رئيس الوزراء اللبناني لتلك الزيارة إلى الرياض، و التي انتهت باحتجازه وأدت إلى أزمة دولية.
وتقول الصحيفة إن القصة التي نقلتها من مصادر متعددة لبنانية و سعودية و عالمية “مثيرة وغريبة، امتزج فيها الواقع بالخيال، حيث بدأت تتكشف الأحداث في تلك الليلة عن صاروخ باليستي أطلق على الرياض، وحملة اعتقالات للأمراء، وكل كان جزء من خطة الأمير ( ولي العهد السعودي محمد بن سلمان) الطموح، ليس في هز وتغيير بلده فقط بل المنطقة كلها بشكل عام، مثلما شن حملة ضد قطر واليمن”.
حضر باكراً بالجينر معتقدا أنه سيذهب للصحراء مع ابن سلمان فكانت المفاجأة !
وتروي معدتا التقرير آن برنارد وماريا أبي حبيب: “استُدعي رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في اليوم الموالي لوصوله على الساعة الـ8:30 صباحا إلى الديوان الملكي السعودي، وهو توقيت أبكر من المعهود في المملكة”.
وتكشفان: “أن الحريري ارتدى في ذلك الصباح الجينز والقميص “تي شيرت”، معتقداً أنه سيذهب إلى الصحراء مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، غير أنه فوجيء بتجريده من هاتفه النقال، و تم تفريقه عن حراسه ماعدا حارس واحد، و تعرض للشتم من الأمن السعودي، ثم جاءت الإهانة الكبرى جاءت بعد ، حيث سُلّم خطابا معدّا مسبقا للاستقالة، وأجبر على قراءته من على تلفزيون سعودي (العربية)”.
واتضح أن السبب الرئيسي وراء دعوته كـ”موظف” إلى العاصمة السعودية، و ليس رئيس وزراء دولة ذات سيادة، هي الاستقالة تحت الضغط، ولوم “العدو اللدود” للسعودية إيران و “بيدقها” في لبنان “حزب الله”.
طلب من الحرس إحضار بدلته لقراءة استقالته أمام كاميرا “العربية”
وتشير الصحيفة :” كان على الحريري الطلب من الحرس إحضار بدلته” لقراءة استقالته أمام كاميرا قناة “العربية”.
وتلقت إلى أن مسؤولين في بيروت حاولوا دون جدوى الاتصال مع الحريري في الرياض، و اللافت أن اتضح انه قضى أخيرا ذلك المساء مع ولي العهد في الصحراء،
وتورد نقلا عن مسؤولين لبنانيين “أن الحريري وضع بعد ذلك في قسم الضيافة في بيته تحت حراسة سعودية، وكان وحيدا، ومنع من مشاهدة أبنائه وزوجته، وزاره عدد من الدبلوماسيين الغربيين، وخرجوا بانطباعات متعددة حول حريته، لافتا إلى أنه عندما سأل الدبلوسايون الحريري عما إذا كانت هناك إمكانية لمغادرة الحرس، فإنه قأجاب لا يجب أن يبقوا”.
ابن سلمان قدم خدمة لحزب الله و إيران !
وتعلق الصحيفة إن “ملحمة غياب رئيس الوزراء، التي استمرت شهرا، هي مثال على زعيم متهور جديد يحاول تغيير الطريقة التي عملت فيها السعودية في الماضي، لكنه يحصل على نتائج غير متوقعة، خاصة أن الحريري بقي في السلطة وبشعبية أكبر، وأصبح حزب الله أقوى من السابق”.
وتضيف أن “اليد الحديدية المتهورة وأساليب السعودية نفرت حتى أوثق حلفاء الولايات المتحدة، مثل الكويت والأردن ومصر، ومعظم أعضاء كتلة المستقبل التي يترأسها الحريري، كما يقول المسؤولون والمحللون”.
وفي المقابل تنقل الصحيفة عن مسؤول سعودي بارز، قوله في بيان إن الحريري “عومل بأعلى درجات الاحترام”، وقرر الاستقالة بناء على إرادته، و”لا يزال صديقا مهما”، بدعم من المملكة.
وتشير إلى أن “التحرك السعودي في يوم 4 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي كان سريعا، وفي أقل من يوم فرضالسعوديون الاستقالة على الحريري، واتهموا إيران ولبنان بإعلان الحرب بعد إطلاق الحوثيين الصاروخ على الرياض، وتم اعتقال عدد من الأمراء ورجال الأعمال والمسؤولين السابقين والحاليين في الحكومة، وبعد أسبوع طلبت الحكومة السعودية من رعاياها مغادرة لبنان”.
ميليشيات “سنية” في المخيمات الفلسطينية
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين لبنانيين أنهم “عملوا لمنع ما خافوا أن تكون خطة سعودية طويلة لزعزعة استقرار المخيمات الفلسطينية في لبنان، حيث كانت هناك مظاهر قلق في بيروت عن محاولات سعودية لإنشاء مليشيا ( سنية جهادية) معادية لحزب الله في المخيمات أو مناطق أخرى، لإثارة حرب داخلية”.
وتؤكد أنه “كان لدى السعوديين أكثر من نقطة ضغط لاستخدامها ضد الحريري، منها التهديد بطرد 250 ألف عامل لبناني في السعودية، بشكل يدمر اقتصاد لبنان، ولأن الحريري يحمل الجنسية السعودية، ولديه مصالح مالية واسعة، حيث تعد الرشاوى أمرا عاديا فلربما هددوده شخصيا، وقال مسؤول عربي إن الحريري هدد بتوجيه اتهامات فساد ضده”.
الحريري ..حسن نصر الله والحوثيين
وتختم “نيويورك تايمز″ تقريرها بالإشارة إلى أنه من غير المعلوم إن كان الحريري سيكون قادرا على تحقيق ما تريده الرياض، وكان قد سعى لصفقة منع حسن نصر الله لتخفيف تهجماته وتهجمات حزبه ضد السعودية وغلق قناة تابعة للحوثينن تبث من بيروت،..و بدا أن حسن نصر الله خفف انتقاداته للسعودية مؤخراً، بل ودعا قبل أيام إلى تسوية سلمية في اليمن، غير أن “الحوثيين استهدفوا الرياض، بعدها بأيام، بصاروخ آخر”.