في تقرير كتبه توم دي كريستوفر على موقع شبكة “سي إن بي سي” الأمريكية ناقش فيه عادات البذخ لدى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان التي يرى فيها بعضهم علامة على النقاق وآخرون لا يهتمون كثيراً.
وقال دي كريستوفر إن سلسلة من التقارير ربطت حملة ولي العهد القوي لمكافحة الفساد بمشتريات باذخة قام بها وتشتمل على قصر فاره ولوحة فنية ويخت. وقال الكاتب إن هذه المشتريات هي تعبيرعن النفاق وتهدد شرعية الأمير ابن سلمان.
وجاءت التقارير وسط الحملة التي أعلن عنها الشهر الماضي لمكافحة الفساد واعتقل فيها عدداً من الأمراء والمسؤولين ورجال الأعمال الذين وضعهم في “السجن الذهبي” ريتز كارلتون المغلق منذ عملية الاعتقال. إلا أن بعضهم يرى فيها استثمارات شرعية ولا غبار عليها من ملك المستقبل.
ويرى دي كريستوفر أن ولي العهد شخصية مثيرة للانقسام التي أثارت انتباه العالم المالي، فهو الوريث لعرش والده ويقوم بالاشراف على خطة تحويل الاقتصاد السعودي ويشرف في الوقت نفسه على الحرب في اليمن وحصار دولة قطر الجارة وحملة ضد الفساد طالت مسؤولين وأمراء كباراً.
ولهذا يتم تحليل كل خطوة يقوم بها من قبل مراقبي الشرق الأوسط الذين يبحثون عن علامات اضطراب في ثاني أكبر منتج للنفط في العالم والدولة السنية المهمة. ولهذا كان محلاً لسلسلة من التحقيقات التي قامت بها صحيفة “نيويورك تايمز″ التي ربطت أولاً الأمير بعملية شراء لوحة تعود إلى ليوناردو دافنشي بمبلغ قياسي 450 مليوناً وبعد أسبوع كشفت عن شرائه أغلى بيت في العالم مقابل 300 مليون دولار وهو قصر الملك لويس الرابع عشر في فرنسا. وكانت الصحيفة نفسها قد كشفت عن شرائه عام 2015 يختا بـ 500 مليون دولار وفي لحظة سريعة. ورفضت الحكومة السعودية التعليق للصحيفة حول شراء القصر في فرنسا ولكنها نفت التقارير التي تحدثت عن شراء أمير سعودي اللوحة الفنية نيابة عن ولي العهد.
قلة وعي وتقدير
ويرى روبرت جوردان السفير الأمريكي السابق في السعودية إن شراء اليخت والقصر واللوحة لا يتوافق مع حملته لمكافحة الفساد والإصلاح الاقتصادي والسياسي فـ “قلة التقدير والوعي الذاتي كان كما أعتقد صادما”. و “هناك أعضاء في العائلة الحاكمة وفي المجتمع سيقولون “انتظر لحظة، فهذا الرجل أكثر الناس نفاقا في العالم” وأعتقد أن عليه التزام الحذر وموازنة هذا”.
إلا أن بعضهم الآخر يقول إن نفقات الأمير محمد وحملة مكافحة الفساد هما شيئان مختلفان، ومن يقوم بالخلط بينهما يقوم بتغذية المفاهيم الخطأ عن الرأي العام في المملكة. ويرى بيرنارد هيكل، استاذ دراسات الشرق الأدنى بجامعة برنستون أن الأمير ابن سلمان يحاول السيطرة على الفساد وليس النفقات الاختيارية. مشيراً إلى أن السعوديين لا يعتبرون النفقات الباهظة نوعاً من الفساد ولا يعارضون قيام الأمراء بالاستثمار الباذخ وفي أرصدة ذات قيمة ملموسة مثل العقارات واليخوت والأعمال الفنية.
وقال: “هذا ليس رجلا يذهب إلى موناكو ويخسر 100 مليون دولار في لعبة قمار” و”ستكون هذه قصة مختلفة”. وأضاف هيكل إن الإعلام الغربي منشغل بمشتريات الأمير على خلاف السعودي العادي الذي يفكر بضريبة القيمة المضافة وتخفيض الدعم الحكومي عن الوقود.
لا تفسير للدوافع
ويضيف هيكل الذي زار السعودية قبل فترة أن السعوديين قلقون من عدم زيادة رواتبهم لمواجهة الكلفة العالية. ويقول هيكل إن السعوديين الذين حصلوا على ثرواتهم عبر القنوات الشرعية يشعرون بالجذل من قيام الأمير بملاحقة الأمراء والمسؤولين الفاسدين.
وهم يشاهدون الفساد الذي يلاحقه مثل الرشوة والحصول على عمولات من مشروعات التطوير وتعتبر عبئاً على النظام. إلا أن الأمير حسب هيكل لم يكن واضحاً في تفسير الدوافع التي تقف وراء عملية الملاحقة سواء في الداخل والخارج.
ويقول سايمون هندرسون من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إن الشباب السعوديين ظهروا كقاعدة دعم للأمير بسبب إصلاحاته الاجتماعية وفي الاقل في الوقت الحالي. فهم يتجاوزون عادات التبذير والإنفاق الباذخ. ولكن هندرسون يحذر ولي العهد من معاملة قطاعات في العائلة المالكة والمؤسسة الدينية “باحتقار”، فهو يفلت من اللوم لأن الأمراء خائفون والمؤسسة الدينية لا تريد التهميش، إلا أن طموحاته قد تكلفه الكثير في المستقبل.
ويعلق هندرسون قائلاً: “حدسي أن العلماء ينتظرون ارتكابه خطأ كبيراً ويأتي إليهم طالباً المساعدة”. و”عندها سيقولون “لقد حذرناك” ويطلبون الثمن.