في تطور جديد للأزمة الخليجية، وبما قد يؤدي إلى توتر إضافي في العلاقات الرسمية بين دول الخليج والذي تدفع ثمنه شعوب المنطقة، استقبل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي في مجلس قصر البحر الاثنين (19|2)، من يصفه القطريون "بالدمية" والمتمرد على الشرعية والشعب القطريين، الشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني.
ومنذ اندلاع الأزمة الخليجية في يونيو الماضي، امتنعت القيادة الإماراتية إجراء أي استقبال علني لأي منشق قطري، حتى عندما كانت تتعامل أبوظبي مع الشيخ عبدالله بت علي آل ثاني قبل أن يقع بينهما الخلاف مؤخرا، ظلت العلاقات معه غير علنية بصورة رسمية وظلت إعلامية فقط.
مراقبون وناشطون قطريون يعتبرون أن استقبال القيادة الإماراتية لابن سحيم، بأنه انعطافة جديدة و"استفزاز" لمشاعر القطريين ورعاية رسمية لـ"تمرد" يتم استخدام ابن سحيم فيه لمصالح دول إقليمية.
المراقبون اعبتروا أن استقبال أبوظبي لابن سحيم وعلى أعلى مستوى في القيادة الإماراتية وبحضور كبار الشيوخ في الدولة سيؤدي إلى مزيد من التوتر في المنطقة، وبصورة قد تدفع الدوحة للرد بقوة على رعاية ابن سحيم العلنيةن رغم أن القوانين والاتفاقيات الخليجية التي لا تزال سارية بين دول الخليج تحظر على أبوظبي توفير ملاذ آمن لابن سحيم، فضلا عن استقباله هذا "الاستقبال الحافل" على حد قول ناشطين.
ويقول ناشطون، إن هذا التطور يشكل ردا "قويا" من أبوظبي إزاء الدوحة على كلمة الشيخ تميم في مؤتمر ميونخ للامن مؤخرا، والذي قال فيه إن قطر استطاعت حماية سيادتها من دول جوار إقليمية طامعة، مشددا على محاربة بلاده للتطرف والإرهاب، إلى جانب تزايد التقارير الغربية التي تفيد بجهود أمريكية لإجراء مصالحة خليجية، ما دفع مراقبين للاعتقاد أن الهدف من هذا اللقاء هو نسف كل مساعي احتواء الأزمة بل والسعي نحو تفجيرها، على حد تقديرهم.
ولكن من جهة أخرى، يقول آخرون إن قطر تستضيف معارضة إماراتية اعترف بوجودها وزير الخارجية القطري فلماذا يسمح للدوحة ومحظور على الإمارات ذلك؟
وقد رد ناشطون على هذه المقاربة، بالقول: إن وجود المرأة الإماراتية في قطر لا يعدو كونه أكثر من وجود إنساني وغير مسموح لها بممارسة أي نشاط إعلامي فضلا عن سياسي، ولم يستقبلها أي مسؤول قطري من أي مستوى، على خلاف استقبال بن سحيم الذي يزعم أنه الوريث الشرعي لحكم قطر بدلا من الشيخ تميم، وهذا يعتبر من أكبر المحرمات في المجتمعات الخليجية، وتدرك المنطقة الخليجية معنى منازعة الأمر بهذه الطريقة، وأن تأتي دولة أخرى ترعى هذه المنازعة ذات المحظورات السياسية والشرعية والوطنية فيما لو تمت بهذه الطريقة.
يقول مراقبون، ظلت أبوظبي تنتقد لسنوات ما يسمى "الشرق الأوسط الكبير" الذي تطرحه إدارات أمريكية متعاقبة،تقول إنه يهدف لنشر الديمقراطية في المنطقة العربية، على اعتبار ان ذلك تدخل في الشؤون الداخلية العربية و"إصلاح" مفروض من الخارج، فإذا بها تسعى لتطبيق ما ترفض على الآخرين تطبيقه، رغم أن المشروع الأمريكي بهذا الصدد لا يقوم على ما تفعله أبوظبي إطلاقا.
قطاعات شعبية واسعة، تعتقد أن هذا اللقاء سيكون له ما بعده، والدوحة لن تسكت عليه، معتبرين أن خيارات الدوحة كثيرة وهامش المناورة واسع لديهان خاصة أنها تعاملت مع استقبال الملك سلمان ومحمد بن سلمان قبل شهور للشيخ عبدالله بن علي قبل الشقاق الأخير بينه وبين دول الحصار.
فهل تنتظر الدوحة الخلاف القادم بين ابن سحيم وأبوظبي، أم تبدأ اليد القطرية بالتحرك ومواجهة هذا التطور الذي تعبتره مساسا بسيادتها، وهل ترد على أبوظبي بالمثل، أم أن الرد سيكون مختلفا وبصورة مفاجئة ونوعية، على حد تساؤل ناشطين خليجيين.