أحدث الأخبار
  • 10:06 . وكالة: الخليجيون سعوا لطمأنة إيران عن حيادهم في حربها مع "إسرائيل"... المزيد
  • 09:58 . "فلاي دبي" تعلن استئناف الرحلات مع "إسرائيل"... المزيد
  • 09:05 . "تدوير" تعلن بدء أول الاستثمارات الخارجية في غضون عامين... المزيد
  • 07:51 . في زيارة هي الثانية خلال شهرين.. رئيس الدولة يصل مصر... المزيد
  • 07:49 . النهضة التونسية: لا يوجد أي مناخ ديمقراطي في الانتخابات الرئاسية... المزيد
  • 06:41 . وفاة عضو من الحرس الثوري الإيراني أُصيب في غارة إسرائيلية بدمشق... المزيد
  • 12:02 . وزير خارجية لبنان: نصر الله وافق على وقف إطلاق النار المؤقت قبل أيام من اغتياله... المزيد
  • 12:01 . أمير قطر: ما يجري في غزة إبادة جماعية... المزيد
  • 11:24 . ارتفاع أسعار النفط مع تزايد الصراع في الشرق الأوسط... المزيد
  • 11:23 . 30 مليار درهم تمويلات البنوك للقطاعين التجاري والصناعي خلال النصف الأول... المزيد
  • 11:23 . "هيئة المعرفة" تعلن تفاصيل استراتيجية التعليم 33 في دبي... المزيد
  • 11:19 . ليل الفرنسي يسقط الريال بهدف وينهي سلسلة اللاهزيمة للملكي في أبطال أوروبا... المزيد
  • 11:03 . مندوب الاحتلال بالأمم المتحدة: ردنا على إيران سيكون محسوبا... المزيد
  • 11:00 . بينها الكيوي والبطيخ.. أفضل 10 فواكه لفقدان الوزن... المزيد
  • 10:56 . دول الخليج تحذر من تداعيات التصعيد وتدعو لوقف إطلاق النار بغزة ولبنان... المزيد
  • 10:49 . لبنان.. مقتل 46 شخصا وإصابة 85 الأربعاء جراء العدوان الإسرائيلي... المزيد

وصف المرض أم تشخيصه وعلاجه؟

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 20-04-2018

لا شك أن القمة العربية الأخيرة في المملكة العربية السعودية قد نجحت في أمرين: الأول هو وضع قائمة طويلة بأغلب المشاكل والصراعات التي تعيش جحيمها مجموعة كبيرة من أقطار الوطن العربي، والثاني تقديم وصف، ولو كان محدودا، لتلك المشاكل والصراعات. القائمة والأوصاف كانت كافية لإظهار الأهوال والمصائب التي تواجهها أمة العرب المنكوبة بأمراضها الذاتية من جهة، وبتكالب الأعداء على نهش وتقطيع أوصالها من جهة أخرى.
لكن الطبيب الذي يسمي المرض ويصف أعراضه، بدون أن يشخص أسبابه ويضع علاجه، هو طبيب مقصر في حمل مسؤولية مهنته. وهذا ما حدث، مع الأسف، بالنسبة للقمة العربية التي لم تمارس عملية التشخيص ولا وضع العلاج. وحتى، عندما حاولت على استحياء وضع علاج للمرض الفلسطيني المزمن، اكتفت بالمسكنات والمضمدات، بدون مواجهة حقيقية للمرض الصهيوني الذي ينهش الجسد الفلسطيني بصورة خاصة، والجسد العربي بصورة عامة.
وقف المواطن العربي مشدوها أمام مشهد بائس: بضع ساعات من الاجتماعات للتعامل مع خمسة وعشرين موضوعا من المواضيع العربية المتفجرة، للتداول حول أسوأ وضع عرفه العرب طيلة تاريخهم الحديث، لمواجهة أقبح التدخلات الخارجية وعودة الاستعمار السياسي والعسكري، للمصارحة حول إيقاف انغماس بعض الدول المجتمعة وغير المجتمعة في وحل الجهاد الإسلامي الإرهابي المجنون، لإخراج الجامعة العربية من نومها وإيقافها عن الاستمرار في ارتكاب الأخطاء تلو الأخطاء عند تعاملها مع الجحيم العربي الحالي، لتفعيل القرارات العربية المشتركة السابقة في الاقتصاد والأمن والثقافة من جديد، لاستعادة المصير العربي بكليته من أيادي الأغراب ولإيقاف الابتزاز المالي الأمريكي، ولمنع هذا المسؤول العربي أو ذاك عن الخروج على الثوابت القومية العروبية المشتركة في سبيل مصالحه الذاتية الأنانية المؤقتة، أو من أجل إنجاح حملات إعلامية في هذا المحفل الإعلامي أو ذاك.
التشخيص والعلاج يكمنان في التعامل الجاد مع هذه القائمة التي ذكرنا، وليس في القائمة الوصفية التي خرج بها البيان الختامي المسطح للمشهد العربي. والوقت اللازم للقيام بذلك كان بحاجة أن يكون أطول من بضع ساعات، والمناقشات المطلوبة للدخول في أعماق تلك المسائل كانت يجب أن تكون أكثر من خطب المجاملات والبكائيات التي ألقيت.
والنتيجة؟ النتيجة أنه من الأفضل ألا تنعقد قمة عربية إذا كانت ستقتصر على وصف لمشاكل يعرفها الجميع، فالشعب العربي ينتظر أكثر، ومن حقه أن يحصل على أكثر، وإذا كانت غالبية أنظمة الحكم العربية لا تملك الإرادة للانتقال إلى ذلك الأكثر المطلوب، فعليها أن تراجع أفكارها السياسية واستراتيجياتها القومية، ونوع وزراء خارجياتها الذين يضعون جداول أعمالها، ومقدار الوقت الذي تستحقه منهم قضايا الأمة الكبرى، ونوع المستشارين الذين يطلب منهم تقديم المشورة الموضوعية الصادقة. وإذا كنا سنتعلم من تاريخ العمل العربي المشترك فإننا سنعرف أن ذلك الأكثر المطلوب لن يتحقق بعد أن ينفضّ السامرون وتدخل، حتى تلك القرارات المتواضعة، في أدراج النسيان، ويحج الحجيج إلى واشنطن ولندن وموسكو وباريس وأنقرة وطهران وغيرها، يطلبون التوجيه والمباركة والرضى، ويدفعون الثمن المطلوب من ثروات العرب ودمار مدنهم ومنجزات تاريخهم، ودموع الملايين من معذبيهم من كل شرائح مجتمعاتهم.
هذا ما يتعلق بالمجتمعين، فماذا عن المتفرجين؟
إذا كان الشعب العربي يريد أن يستمر في ممارسة «إذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون»، فان المشهد لن يتغير والأكثر المطلوب لن يتحقق. وإذا كان سيكتفي بهبات ساحات المدن العربية المتباعدة الملتهبة، التي لا يعاضدها فكر سياسي ناضج، واستراتيجيات عمل يومي، وتنظيم لقوى المجتمعات المدنية، والانتقال إلى تكوين الكتلة التاريخية المناضلة المتناغمة التي تعتمد على طاقات الأمة كلها، فإننا سننتقل من حالة الأوجاع والمضاعفات إلى حالة الاحتضار السريري المتنامي. تاريخ العالم كله يقول ذلك، وملحمة الصراع الأبدي بين الخير والشر سطرها التاريخ لتقرأها أجيال المستقبل ولتبصر الطريق الذي لا مهرب منه. عند ذاك، وعند ذاك فقط، ستعزف اجتماعات القمم سمفونية الإرادة والمواجهة نفسها التي تعزفها قوى النضال السياسي والحقوقي والحضاري لشعوب الأمة العربية. عند ذاك لن يكتفي أحد بسرد قائمة ووصف مشهد، بل سينتقل الجميع إلى التشخيص الموضوعي والعلاج الشافي. ليس الهدف تجريح أحد أو الاستهزاء بجهة، وإنما الهدف أن نكون صادقين مع النفس ومواجهة الحقيقة، مهما كانت مرة وصعبة.
ما نقوله ليس جديدا، ثم من قال إن الأمة تحتاج إلى حلول جديدة؟ إنها في الواقع تحتاج إلى الاستفادة من حلول كثيرة قديمة لم تنفذ، حلول طال عليها الأمد، ويتقلب من اقترحوها في قبورهم من شدة الخجل والامتعاض ولسعات بروق السحب العربية التي لا تمطر.
اجتماعات ومداولات وقرارات القمة العربية هي في محنة، خصوصا بالنسبة لتفعيلها في الواقع ولمواجهتها المشاكل بصورة مباشرة، لا الدوران من حولها. القمم العربية تحتاج إلى مراجعة منطلقاتها وأساليب عملها وجعل توجهها الأساسي إلى الداخل العربي، وليس إلى الخارج المتآمر الانتهازي الناهب للثروات، ذي الألف قناع.