أحدث الأخبار
  • 09:18 . الجيش السوداني يستنكر اتهامات أبوظبي له بمهاجمة مقر إقامة السفير بالخرطوم... المزيد
  • 08:16 . هل تضع بريطانيا حقوق الإنسان أولاً قبل بيع الأسلحة لأبوظبي؟... المزيد
  • 07:55 . إيران تؤكد: لن نرسل مقاتلين إلى لبنان أو فلسطين لمواجهة "إسرائيل"... المزيد
  • 06:50 . أكثر من 150 شهيداً وجريحاً بغارات الاحتلال الإسرائيلي جنوب وشرق لبنان... المزيد
  • 06:29 . فلاي دبي تمدد تعليق رحلاتها بين دبي وبيروت... المزيد
  • 01:02 . الإعلام الإسرائيلي يتحدث عن غزو وشيك للبنان وخطط لتغيير المنطقة... المزيد
  • 11:54 . النفط يرتفع نتيجة مخاطر مرتبطة بالإمدادات في الشرق الأوسط... المزيد
  • 11:29 . خفض أسعار الوقود في الإمارات للشهر الثاني على التوالي... المزيد
  • 11:13 . اعتماد تاريخ 28 فبراير "اليوم الإماراتي للتعليم"... المزيد
  • 10:49 . أتليتكو مدريد ينجو من السقوط أمام جاره الريال في الدوري الإسباني... المزيد
  • 10:42 . الإمارات تتهم الجيش السوداني بقصف مقر السفير في الخرطوم... المزيد
  • 12:42 . توتنهام يضرب مانشستر يونايتد بثلاثية بعقر داره بالدوري الإنجليزي... المزيد
  • 12:35 . الإمارات تستثمر 30 مليون دولار لدعم غانا في التنوع البيولوجي والمناخ... المزيد
  • 10:13 . هل تشكل أبوظبي قوة استقرار في الشرق الأوسط؟.. تقرير أمريكي تجيب... المزيد
  • 09:27 . وزير الدفاع الأمريكي يوجه بتعزيز قدرات جيش بلاده في الشرق الأوسط... المزيد
  • 08:11 . حذرت من حرب شاملة.. إيران تتوعد بالرد على اغتيال نائب قائد الحرس الثوري... المزيد

التواصل الاجتماعي أداة استغلال

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 24-08-2019

التواصل الاجتماعي أداة استغلال | القدس العربي

موضوع وسائل ومحتويات وتلاعبات وأخطار التواصل الاجتماعي، أصبح أحد مواضيع الساعة بامتياز. قم بزيارة المكتبات في عواصم الغرب لترى عشرات عناوين الكتب، واستمع لبرامج مستجدات تكنولوجيا التواصل الإلكتروني اليومية عبر محطات الإذاعات الغربية الناطقة باللغة العربية، لتعرف أن موضوع التواصل الاجتماعي، أصبح حديث الساعة الملتهب، المختلف حول فوائده وأضراره حتى في أوطان الذين اخترعوا أدواته وبرامجه.
هناك كتابات وأحاديث الهلع والمبالغة من قبل البعض، وهناك نتائج الدراسات والأبحاث الموضوعية المقلقة من قبل البعض الآخر. 

ما يهمنا هو الصورة الثانية العلمية الموضوعية، المنذرة بالأخطار المقبلة، التي يجب إيصالها إلى وعي وعقول شابات وشباب أمة العرب.
نذكّر بأن أغلب الأوائل، من الذين اخترعوا وسائل الاتصالات الإلكترونية ووضعوا البرامج التي ستنظم عملية وسائل الاتصالات تلك، أرادوها أن تحقق هدفين: جعل المعلومات ونتائج المعرفة متيسرة لكل البشر من جهة، وتيسير وتشجيع التواصل والتفاعل بتسامح في ما بين الأفراد والجماعات من جهة أخرى. تحقيق الهدفين كان سيتم بين جهتين فقط: طالب ومطلوب، مرسل ومتلق، فرد أو جماعة مقابل فرد أو جماعة.
لم يكن في ذهن أولئك الأوائل إقحام جهة ثالثة لنفسها، لكي تخلق برامج ذهنية حسابية ( ALGORITHMS ) توجه وتتلاعب بذلك التواصل والتفاعل الاجتماعي، وتقلب التواصل الاجتماعي في المحصلة إلى وسيلة لتكديس ثروات مالية هائلة في أيادي قلة جشعة، بصورة وأحجام وسرعات لم يعرف التاريخ لها مثيلا قط.

الجهة الثالثة تلك، بمسمياتها المختلفة مثل، منصات فيسبوك وتويتر وغوغل وواتس آب وعشرات غيرها، اختصرت موضوعا إنسانيا وحلما مثاليا جميلا في شعار انتهازي هو: إجمع كل معلومة تفصيلية عن أفكار ومشاعر وميول المتواصلين والمتفاعلين، ثم استعملها من خلال برنامج لوغرثمي حسابي معقد وشديد الغموض لمعرفة المشتَرك بين المتواصلين، ومن ثم قم بمحاولة تعديل تلك الأفكار والمشاعر والميول، وتوجيهها الوجهة التي تريدها تلك الجهة الثالثة، حتى يسهل عليها تقديم المعلومات التي جمعتها وصنفتها بشأن الملايين من المتواصلين، تقديمها كبضاعة لمن يريد شراءها أو استئجارها، من أجل مصالح ترويجية تجارية أو استخباراتية تجسسيه، أو تلاعبات انتخابية لمصلحة هذه الجهة أو تلك.

 والنتيجة النهائية هي أن يقوم مستثمرو ومالكو تلك المنصات التواصلية الإلكترونية باستثمار بضعة ملايين من الدولارات في البداية لينتهوا، خلال فترة وجيزة قياسية، بجمع ثروات تقدر بمئات المليارات من الدولارات، وليصبحوا من بين عليه القوم ومتخذي القرارات الوطنية العالمية الكبرى. 

وهكذا تصبح المعلومات الشخصية عن الملايين من الأفراد بضاعة تباع وتشترى، لكي تجني قلة صغيرة من وراء جمعها وبيعها وتأجيرها البلايين من الدولارات، من دون أن يستفيد على الإطلاق أي من أولئك الملايين من الأفراد، لا ماديا ولا معنويا، إنها سمة الاستغلال العولمي الجديد، الذي قلب كل معلومة إلى سلعة.
تعديل التصرفات والسلوكيات الحيوانية والبشرية ليس بالجديد، فقد بدأه وطوره العديد من مدارس علم النفس عبر القرنين الماضيين. وكان يستعمل في المختبرات والعيادات النفسية لدراسة أو علاج أوضاع فردية. أما في عصرنا الحالي فإنه يستعمل على نطاق واسع ليطبق على الملايين، من قبل برامج وأفراد يقبعون وراء ستائر المنصات التواصلية ـ التفاعلية التي يستعملها بلايين البشر من دون أن يشعر هؤلاء بأنهم يحركون كالدمى، ويوجهون كالخراف، من داخل حجرات مظلمة ومن قبل أشباح لا يعرفونهم. 

إن الفضائح التي انفجرت مؤخرا في وجه العديد من المنصات التواصلية، هي فقط جزء صغير من رأس كتلة الجليد التي تقبع داخل هذا المحيط الاستغلالي المرعب. السؤال الأساسي: كيف تستطيع تلك المنصات للتواصل الاجتماعي القيام بكل ذلك؟ والجواب ببساطة هو من خلال البرنامج الحسابي ـ الذهني الذي ذكرنا من قبل. ما يهم البرنامج هو إبقاء الملايين مشدودة إلى، ومدمنة على استعمال المنصة التي يخدمها. على سبيل المثال: لو أن البرنامج لاحظ أن لديك ميولا غاضبة نابعة من اصطفافات وتعصبات طائفية، أو قبلية أو إيديولوجية، ما على البرنامج إلا أن يرسل لك الرسائل، التي نشرها الغير، والتي تزيد من تأجيج ذلك الغضب، أو من جعلك تنغمس في صراعات وعبثية الشتم والاستهزاء، حتى يقوم البرنامج من جديد بإرسال ما كتبته أو قلته إلى من يخالفونك الرأي ليحتدم النقاش، أو إلى من يتفق معك لتتكون كتلة يتعاضد ويتواصل أفرادها من خلال استعمال المنصة. وهكذا يزداد عدد المستعملين لمنصة فيسبوك أو تويتر، أو غيرهما وتكبر كمية المعلومات والملفات التي ستبيعها الشركة المالكة للمنصة لأي جهة راغبة في الشراء.
دورة الحلقة السابقة نفسها يمكن تطبيقها من خلال إثارة البرنامج لمشاعر الفرح والحزن، أو الأمل واليأس، أو التسامح والتعصب، إلخ، مما لا حصر لها ولا عد. المهم هو الازدياد المستمر لعدد مستعملي منصة التواصل، وإدمانهم استعمالها، والتلاعب بميولهم وسلوكياتهم، وتصنيفها في صورة بضاعة قابلة للبيع، واستمرار تكدس الثروات الهائلة في أيادي القلة المالكة للمنصة، وتعاظم نفود ومكانة هؤلاء في العالم كله، وانتقالهم إلى خلق مؤسسات رأسمالية ربحية امثال، أمازون وأوبر، واحتكارهم لبحوث وتطويرصناعات مثل، الذكاء الاصطناعي أو الروبوتات.
ما يهمنا هو أن يدرك جيل المستقبل العربي بأنهم مقبلون على أمواج هائلة من الكذب والتلاعب بغرائز وأفكار البشر والهيمنة على حرية الأفراد واستقلاليتهم الشخصية.
إنه مستقبل لن يرحم، وعليهم الاستعداد، فهل عليهم إغلاق حساباتهم واشتراكاتهم في بعض المنصات المليئة بالفضائح، والانتقال إلى منصات أقل تلاعبا بانسانية البشر؟