رفعت الأقلام وجفت المذكرتان، صادق برلمان تركيا وقبله مجلس الوزراء الليبي، على التعاون الأمني والعسكري المتبادل بين أنقرة وطرابلس.
مذكرتا التفاهم تلك حركتا بركة شرق المتوسط والدول المعارضة للترسيم البحري، أو لدعم تركي لحكومة الوفاق المعترف بها دولياً، إيطاليا بصوت خافت وإسرائيل أخيراً، واليونان تندد، ومصر تردد، وحفتر يتمدد، أكثر فأكثر بلا رقيب دولي ولا حسيب، بيد أن تلويح أنقرة المتلاحق بالقوة العسكرية، ومعاضدة طرابلس، بدأ يوقظ اللواء المتقاعد من حلمه.
طمست المذكرتان ببنودهما طموح البعض للتمدد، وخرّبت على الآخرين مطامح اقتصادية أو منافع بحرية، تحدد الأولى ترسيم الحدود الملاحية في البحر المتوسط، بينما تتناول الثانية التعاون العسكري، وتتيح إرسال قوات تركية إلى ليبيا إذا طلبت حكومة الوفاق ذلك، ووفقاً للاتفاق فإن أنقرة توسّع من منطقتها الاقتصادية وعمليات التنقيب عن الغاز في الخط البحري الممتد بينها وبين طرابلس.
تتسارع وتيرة الأحداث على الأرض، تفعّل حكومة الوفاق المذكرة الثانية، وتستنجد بحليفتها بعد نحو أسبوعين من التوقيع، ويوافق مجلس الوزراء بطرابلس على طلب دعم تركي، عله يوقف تمدد حفتر المصحوب بمرتزقة روس دخلوا على خط المعركة.
تستجيب تركيا شفهياً لنداء حليفتها، ويعلن رئيسها رجب طيب أردوغان صريحاً أن بلاده ستوفر «جميع القدرات لتقديم الدعم العسكري إلى ليبيا»، منتقداً الطرف المقابل في تصريحات أخرى، قائلاً: «يدافعون عن بارون الحرب في ليبيا بدلاً من دفاعهم عن حكومة معترف بها أممياً». ثم يضيف أردوغان أن بلاده «لن تتخلى عن مذكرة التفاهم مع ليبيا، خاصة أنها لم تتعدَ على حقوق أحد»، وفق ما نقلت وكالة الأناضول الأحد.
في الاتجاه ذاته يصرح وزير الدفاع التركي مؤكداً تعهّد بلاده بالوقوف إلى جانب الليبيين وحكومة طرابلس حتى يعم الأمن والاستقرار، وفق ما أوردت عنه «الأناضول».
«براً وجواً وبحراً» يتوعد الرئيس التركي بمد اليد العسكرية للوفاق متى طلبت، وتقض تصريحاته مضاجع حفتر ومن تبعه، ويعلن المتحدث باسمه أحمد المسماري السبت، حجز سفينة بها طاقم تركي قبالة سواحل ليبيا، وقبل التعنت الحفتري ذاك، أعلن أحد المسؤولين -الموالين للأخير- تلقي معلومات بإغراق أي سفينة تقترب من سواحل ليبيا، وذلك عقب إعلان تركيا قرب مباشرتها أعمال التنقيب التي تتيحها مذكرتها مع الوفاق.
«زعيم غير شرعي» يصف الرئيسُ التركيُّ حفترَ، أكثر من ذلك يتعهد أردوغان بعدم التزام الصمت تجاه ما يجري في طرابلس، وعدم غض الطرف عن «مرتزقة» مثل مجموعة فاغنر التي تساندها روسيا، وتدعم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا، وفق وسائل إعلامية.
أما المستجد الأشد ثقلاً على حفتر وأتباعه، ما أتى به بيان «الكرملين»، بأن بوتن سيبحث مع أردوغان خطة تركية لتقديم دعم عسكري لحكومة الوفاق، وذلك خلال محادثات بين مسؤولي البلدين في تركيا الشهر المقبل.
تعلن مراراً أنقرة أن تعاونها مع حكومة الوفاق ضمن مذكرة تحترم القانون الدولي، ولا تبخس حقوق أحد في شرق المتوسط، وتشير الوقائع إلى أن الدعم العسكري غير مستبعد في الآجال المقبلة، خاصة مع لهاث حفتر المحموم بدعم عسكري دولي وإقليمي، يسابق الزمن على مشارف أحلامه بانتزاع العاصمة، ولا نتائج بعد حتى عقب صفره الرابع.