اعتبرت صحيفة «الوطن» (خاصة صادرة بالفرنسية) في الجزائر أن زيارة وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد إلى الجزائر الأخيرة (قبل أسبوع) أعادت طرح التساؤل حول طبيعة العلاقات الجزائرية ـ الإماراتية، حتى وإن كان هناك تشاور بين البلدين بخصوص الملفات الدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها الملف الليبي، بالإضافة إلى التعاون الاقتصادي، في ظل استثمارات تصل إلى 10 مليارات دولار وحديث إماراتي عن رفع الاستثمارات إلى 20 مليار دولار.
وأشارت الصحيفة إلى أن زيارة وزير الخارجية الإماراتي للجزائر جاءت غداة زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مما طرح الكثير من التساؤلات، خاصة في ضوء التوتر الشديد في علاقات البلدين، ودعم الإمارات للمشير حفتر في ليبيا، وفي المقابل دعم تركيا لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا.
وذكرت الصحيفة أنه بصرف النظر عن الاعتبارات السابقة، فإن الإمارات في المخيال الشعبي لها صورة مختلفة، وأن اسم هذه الدولة كان حاضرا في المظاهرات والحراك الشعبي، بدليل أن الجماهير التي كانت تنزل إلى الشارع كانت تهتف «اذهبوا لإجراء انتخابات في الإمارات »، وأن اسم هذه الدولة ارتبط بكلمات مثل « الغموض » و “الثورة المضادة ” و « اللوبيهات المشبوهة »، وأن هناك اتهامات للإمارات بالسعي لخنق الحراك الشعبي في الجزائر، وبتمويل الذباب الالكتروني.
وفي هذا السياق عجت مواقع التواصل الاجتماعي بكثير من التعليقات بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الإماراتي للجزائر.
وذكرت الصحيفة بمساهمة نشرها الباحث في الشؤون الجيو سياسية علي بن ساعد أن الإمارات في الجزائر غير الظاهر للعلن، يتم تسييره بنوع من الغموض بين عصب السلطة، لأنه يتضمن ترتيبات مشبوهة، وأنه من بين التأثيرات الخارجية الأكثر أهمية وفاعلية، وأن هذا التأثير يعود للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي مكن الإماراتيين من التغلغل داخل دواليب النظام وتشكيل توابع لهم.
وذكر الباحث أن الإمارات نجحت في أن تتحول إلى مزود للجيش الجزائري بالسلاح والعتاد، بأسعار مرتفعة، رغم أنها لا تنتج ما تبيعه، متمكنة في ذلك من تجاوز دول كبرى في مجال التسليح، معتبرا أن الجزائر كان بإمكانها الحصول على ما تحصل عليه من الإمارات من المصدر الأصلي وبسعر أقل، متسائلا عن الفائدة بالنسبة للجزائر من ربط مصيرها ومصير جيشها بدولة لا تتحكم في أي تكنولوجيا، بل وتلعب دورا مشبوها في زعزعة استقرار المنطقة، الأمر الذي يتناقض مع المصالح الجزائرية.
وأشارت أيضا إلى مساهمة نشرها الباحث في الشؤون السياسية سيباستيان بوسوا في مجلة “لوبوان” الفرنسية والتي تحمل عنوان « الإمارات .. زعيمة الثورة المضادة »، والتي قال فيها إننا إذا نظرنا إلى ما يجري حوض المتوسط من مصر والجزائر مرورا بالسودان، فإنه من الصعب إعطاء توقعات بشأن فرص دمقرطة المنطقة التي تعاني من مشاكل عدة، في حين أن الإمارات التي تقدم نفسها كوسيط لحل الأزمات، تسعى لتطبيق نفس الدواء في كل مكان، وهو خنق الديمقراطية، وأن هذه الدولة تشن حملة ثورة مضادة فعالة وراديكالية في العالم العربي.