أعجبني تقرير لإحدى الشبكات الإخبارية العالمية عن الحياة في الصين، وتحديداً العاصمة بكين بعد تفشي فيروس كورونا. كان التقرير يتحدث عن إرادة الصينيين في قهر الخوف من الفيروس الذي غزا العالم من بلادهم. وتناول إقبالهم على مطاعم الوجبات السريعة التي بدورها واكبت الوضع باتباع إجراءات احترازية يطلب معها الزبون ما يريد من خلال شاشات تعمل باللمس، ويتم تعقيمها أولاً بأول تفادياً لأي اتصال بشري بين الزبون وعامل المطعم. وعندما يتسلم الأول طلبه يجد مرفقاً مع فاتورته ورقة أخرى دوّن فيها اسم العامل الذي أعد الوجبة، وكذلك الذي أوصلها، ودرجة حرارة كل منهما لطمأنته على الحالة الصحية لكليهما.
كما أن المقاهي قدمت مبادرات تشجع زبائنها على أخذ مشروباتهم المفضلة معهم في أوراق ورقية معدة لهذا الغرض من أجل تقليل التجمع داخل المقهى.
مبادرات تكشف إقبال الناس على ممارسة حياتهم الطبيعية رغم الظروف الاستثنائية التي يمرون بها مع الالتزام التام بالإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات الصحية في بلادهم. ومن دون الالتفات للإشاعات التي تستهدف معنوياتهم وإثارة الخوف والفزع في نفوسهم لتغيير أسلوب حياتهم وأنماط معيشتهم.
عندنا تضافرت الجهود، كل في مجاله وميدانه من أجل تسهيل حياتنا، وحمايتنا في الوقت ذاته من هذا الفيروس من خلال عدد من المبادرات النوعية، بدءاً من تعليق الرحلات لعدد من الدول التي تفشى فيها المرض، ونصح الراغبين في السفر بتأجيله ما لم تكن هناك ضرورة، ومروراً بتقديم إجازة الربيع والتعليم عن بعد وحتى العمل عن بعد في بعض الجهات، وغيرها من المبادرات، ناهيك عن الشفافية في الكشف عن الحالات المصابة أو تلك التي تماثلت للشفاء. ورغم كل ذلك نجد من ينصت للإشاعات ويستسلم لما تروّج له ليعيش حالة رعب غير مبررة، وانقلبت معها حياته وحياة من يعيشون معه. وأصبح أسير وساوس لا أساس لها، بل ويرددها أينما حل في وقت توجد فيه مصادر ومنصات رسمية تقدم المعلومة الصحيحة أولاً بأول.
نحن اليوم أمام واقع جديد علينا التعامل معه من دون تهويل ولا تهوين، نمارس حياتنا بصورة طبيعية مع الالتزام التام بالإجراءات الاحترازية التي دعت إليها سلطاتنا الصحية، وفق قواعد صحية عالمية عامة متعارف عليها، وكل الجهات الحكومية، ومواقع العمل تتفاعل معها، فعش حياتك بعيداً عن سجن الخوف والوساوس.