نشر مركز الإمارات لحقوق الإنسان، تقريراً مطولاً تناول خلاله أوضاع فئة “البدون” في الإمارات، ومعاناتهم المستمرة، والتي لم تلقى آذاناً صاغية من سلطات أبوظبي على الرغم من المطالبات الحقوقية والدولية بإيجاد حل لقضيتهم.
وطالبت المركز في تقرير له، السلطات الإماراتية بضرورة ايجاد حل سريع وعاجل للأفراد المدرجين تحت فئة (البدون) و (أبناء المواطنات)، لتسوية أوضاعهم ، وصولاً الى منحهم جنسية الدولة، ومنحهم حقوقهم الأساسية في التعليم والعلاج والزواج والتملك وحرية التنقل والسفر.
كما طالب، الأمم المتحدة بالضغط على السلطات الإماراتية لضمان حصولهم على حقهم في الجنسية وحقوقهم الأساسية وفقًا للمادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنصّ على ( لا يجوز، تعسُّفًا، حرمانُ أيِّ شخص من جنسيته ولا من حقِّه في تغيير جنسيته).
وأوضح المركز أن "معاناة البدون لا تنتهي في كل مجالات الحياة، وسط تجاهل وإهمال من السلطات لهذه الفئة، التي تدفع ثمن هذا الإهمال ظلمًا وجورًا لأكثر من أربعة أجيال، في بلدٍ يتغنى بالانفتاح واستقبال أكثر من ٢٠٠ جنسية على أرضه في انتهاك واضح للمواثيق الدولية التي تكفل حق المواطنة والجنسية لكل إنسان".
ولفت إلى أن "البدون في الإمارات تعيش همًّا آخر في توثيق عقود الزواج والطلاق، وفي شهادات الوفاة والميلاد، بسبب رفض وزارة الصحة إدراجهم تحت كشوفاتها، ليجدوا أنفسهم تحت قضية شائكة يعيشون فصولها كل يوم من الحرمان والإهمال والتهميش".
وضمن خطة أقرّتها السلطات، تمنح بموجبها غير الإماراتيين من الفنانين أو الأثرياء أو أصحاب الدرجات العلمية أو المهارات؛ فرصة للحصول على الجنسية الإماراتية، في الوقت الذي تستمر فيه بالتعنت في حل مشكلة “البدون” وفقاً للتقرير.
وأشارت إلى أن فئة “البدون” في الإمارات محرومين حتى اليوم من تسجيل العقارات أو السيارات بأسمائهم، رغم أن ذلك مسموح للأجانب دون قيود، حيث ترفض السلطات توظيفهم أو السماح لهم في العمل بالقطاع الحكومي، وتفرض عليهم وزارة الصحة مبالغ تلقاء العلاج.
كما أنه لا يحق لأبناء “البدون” تلقي التعليم في المدارس الحكومية، ما دفعهم لتسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة مرتفعة التكاليف، فزاد ذلك من معاناتهم.
وفي عام 2008 أبرمت السلطات الإماراتية اتفاقًا مع حكومة جزر القمر ضمن اتفاقٍ سري يقضي بمنح “البدون” جنسية جزر القمر مقابل 200 مليون دولار، في محاولة من السلطات إعفاء نفسها من أي مسؤولية تجاه هذه الفئة، ما جعلهم عرضة لخطر الترحيل القسري كونهم يحملون جنسية دولة أخرى حسب الأوراق التي يحملونها.
ودفعت هذه الاتفاقية الناشط الحقوقي المعتقل “أحمد منصور” إلى التعلّيق عليها في حينها بالقول: ” ذات يوم صحينا في الإمارات وإذا بخبر تجنيس شخص من البدون منشور في صحيفة محلية، صيغة الخبر كانت تشجع البقية ليحذوا حذو ذلك الشخص، وكانت له صورة منشورة في الخبر، الذي كان يشيد بإبداع هذا الشاب وتفكيره المختلف الذي جعله يحصل على جنسية مختلفة، لا أتذكر أي جنسية كانت تلك التي حصل عليها، ربما تكون جنسية جزر القمر، حصل بعدها كما يقول الخبر على جنسية الإمارات بعد أن تقدم لها”
ويتوزع “البدون” في معظم إمارات الدولة مع تركز أكبر نسبياً في الإمارات الشمالية وعجمان والفجيرة وأم القيوين التي تعتبر فقيرة نسبيًا بالقياس إلى أبوظبي ودبي، وتعود أصولهم إما إلى القبائل البدوية التي كانت تتحرك بحرية في منطقة الخليج، أو مهاجرين دخلوا أرض الدولة منذ عقود لغرض العمل وكسب الرزق ولم يقدموا طلب الحصول على الجنسية، وعلى الرغم من أن الحكومة الإماراتية لم تصدر بيانات توضح أعداد السكان “البدون”، إلا أن التقديرات غير الرسمية ترجح أن يتجاوز عددهم 100,000 نسمة، وفقاً لتقرير المركز.
وعند اتحاد الإمارات السبعة؛ صدر قانون الجنسية في الإمارات، فبرزت قضيتهم جلية على السطح، ولم يعالج القانون أوضاع من طالبوا بالجنسية بعد تاريخ صدور القانون عام 1972 ما أدى لتفاقم مشكلتهم في السنوات التالية، حتى أضحت فئة محرومة من أبسط مقومات العيش الكريم، دون هوية تثبت وجودهم، ولا حق في التعليم أو العلاج أو التملك أو الزواج غيرها من الحقوق المكفولة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.