أكد مسؤول إماراتي رفيع لوكالة بلومبرغ أن أبوظبي لن تشارك في إعادة إعمار غزة أو في رسم مستقبلها السياسي قبل نزع سلاح حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، واستبعادها من أي دور في إدارة القطاع، إلى جانب إجراء إصلاح شامل للسلطة الفلسطينية.

ونقلت الوكالة عن المستشار الدبلوماسي لرئيس الدولة، أنور قرقاش، قوله إن أبوظبي "مترددة في تخصيص أموال كبيرة لغزة في غياب وضوح سياسي بشأن مسار الأمور"، مشيرًا إلى أن الإمارات تشترط رؤية طويلة المدى نحو إقامة دولة فلسطينية وترتيبات أمنية واضحة على الأرض قبل الالتزام بأي تمويل.

كما نقلت عن مسؤول رفيع آخر، لم تسمه، أن أبوظبي تطالب بنزع سلاح حماس بالكامل، واستبعادها من إدارة غزة، وإصلاح السلطة الفلسطينية.

ويعكس هذا الموقف، وفق بلومبرغ، رغبة أبوظبي في أن تكون أي مساهمة مالية جزءًا من مقاربة شاملة تضمن استقرار غزة وتفادي تكرار جولات الصراع، وليس مجرد ضخٍّ للأموال دون ضمانات سياسية وأمنية.

تحفظات سعودية

أما السعودية، فذكرت بلومبرغ أنها تواجه قيودًا مالية بسبب تراجع أسعار النفط التي أثّرت في مشاريع "رؤية 2030"، ما قلّص من قدرتها على الالتزام بتمويلات خارجية كبيرة.

ونقلت الوكالة عن الكاتب السعودي علي الشهابي، المقرّب من دوائر صنع القرار، أن الرياض ترفض كتابة "شيكات مفتوحة" بعد عقود من الفساد وسوء الاستخدام في المنطقة، مشيرة إلى أن المملكة أنهت أيضًا تقليد المنح المالية المباشرة.

وتتجه السعودية – بحسب مصادر مطلعة للوكالة – إلى الاعتماد على دول خليجية أخرى مثل قطر والإمارات وربما الكويت لتوفير الجزء الأكبر من تمويل إعادة الإعمار، مع استمرارها في لعب دور سياسي ودبلوماسي داعم لوقف إطلاق النار والاعتراف بالدولة الفلسطينية.

نفوذ قطري مقابل التمويل

أما قطر، التي استضافت قيادة حماس في الدوحة لأكثر من عقد، فتُركّز وفق ما أوردته بلومبرغ، على الحصول على ضمانات من "إسرائيل: بالتزامها الكامل باتفاق السلام قبل أن تشرع في تمويل إعادة الإعمار.

وقالت الوكالة إن الدوحة، رغم تأييدها لخطة السلام الأمريكية، تسعى إلى الاحتفاظ بدور مؤثر في غزة، سواء عبر حماس "شبه منزوعة السلاح" أو عبر صيغة سياسية جديدة للحركة بعد إصلاحها.

ونقل التقرير عن فراس مقصد، المدير في مجموعة أوراسيا، قوله إن "قطر تريد نفوذًا وكلمة في غزة، وهو ما قد يشكّل مصدر إشكال لإسرائيل"، فيما أوضحت ياسمين فاروق من مجموعة الأزمات الدولية أن جميع دول الخليج "تتفق على أنها لن تضخ أموالًا في غزة ما لم تتأكد أولًا من أن الحرب لن تتكرر".

مشهد إقليمي مشروط

وبحسب بلومبرغ، يجتمع الموقف الخليجي – على اختلاف تفاصيله – عند نقطة مشتركة: التمويل لن يكون مجانيًّا ولا غير مشروط.

فأبوظبي تربطه بتفكيك حماس وإصلاح السلطة الفلسطينية، والرياض تقيده بأوضاعها الاقتصادية وبالرقابة على استخدام الأموال، وقطر تراه أداة لتعزيز نفوذها وضمان الالتزام الإسرائيلي.

وفي ظل هذه المعادلة المعقدة، تبقى إعادة إعمار غزة رهينة توازنات سياسية وأمنية لم تتضح معالمها بعد، فيما تحاول القاهرة تنظيم مؤتمر دولي الشهر المقبل لتقريب المواقف وإطلاق التمويل المؤجل.