أحدث الأخبار
  • 06:35 . سلطات غزة تعلن حصيلة الأضرار الكارثية لمنخفض "بيرون"... المزيد
  • 12:11 . إيران تصادر ناقلة نفط في خليج عمان... المزيد
  • 12:11 . ارتفاع حصيلة انفجار "غامض" بحفل زفاف في درعا إلى 33 مصابا... المزيد
  • 11:56 . ترامب يعلن بدء ضربات أميركية ضد عصابات المخدرات في أميركا اللاتينية... المزيد
  • 11:52 . محكمة تونسية تقضي بسجن المعارِضة عبير موسي 12 عاما... المزيد
  • 11:31 . وثيقة تكشف استيلاء أمريكا على ناقلة نفط قرب فنزويلا قبل انتهاء صلاحية مذكرة مصادرة... المزيد
  • 11:30 . وفد إماراتي–سعودي يصل عدن لاحتواء التوتر في المحافظات الشرقية ودفع الانتقالي للانسحاب... المزيد
  • 01:09 . تحليل: صعود نفوذ الإمارات جنوب اليمن يضع السعودية أمام معادلة أكثر تعقيداً... المزيد
  • 12:45 . "الأبيض" يحلق إلى نصف نهائي كأس العرب على حساب الجزائر... المزيد
  • 10:27 . وزيرا خارجية عمان وتركيا يبحثان تعزيز الشراكة وتطورات المنطقة... المزيد
  • 10:27 . بريطانيا تفرض عقوبات على أربعة من قادة قوات الدعم السريع بينهم شقيق دقلو... المزيد
  • 10:26 . حكومة الإمارات تصدر تعديلات جديدة على قانون الجرائم والعقوبات وسط انتقادات حقوقية مستمرة... المزيد
  • 05:36 . قمة كروية مرتقبة في ملعب البيت.. "الأبيض" يواجه الجزائر في ربع نهائي كأس العرب... المزيد
  • 01:59 . وفاة سبعة فلسطينيين بغزة جراء انهيارات بسبب المنخفض الجوي... المزيد
  • 01:58 . الإمارات والاتحاد الأوروبي يطلقان مفاوضات لإبرام شراكة استراتيجية شاملة... المزيد
  • 01:57 . أمريكا " تضغط" للانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف النار وإلزام الاحتلال بإزالة الأنقاض وإعمار غزة... المزيد

لا سلام من دون أمل

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 30-11-2019

لا سلام من دون أمل | القدس العربي

لم يكن انخراط الملايين من شباب وكهول ونساء شعب اليمن في قائمة ثورات وحراكات الربيع العربي سنة 2011، مفاجئا لمن يعرفون قدرة شعب هذا القطر العربي على القيام بتغييرات مجتمعية كبرى. فانتفاضته ضد نظام حكم الإمامة المتخلف المستبد في منتصف القرن الماضي، ونجاحه النضالي في توحيد شطري الشمال والجنوب من بلاده، ثم انخراطه في حراكات الربيع العربي بسرعة وتميز سلمي، وخروجه على كل خلافات الماضي وعبثياته… كلها شواهد على حيوية نضالية متميزة.
وكان من الممكن أن ينجح شعب اليمن الشقيق في انتفاضته الأخيرة، وينتقل من حكم ديكتاتوري قبلي إلى نظام ديمقراطي يصهر في مواطنيته الجامعة كل تعدديات تكويناته القبلية وولاءاته الأيديولوجية، لولا نجاح البلادات في إدخاله في أتون وحرائق ثلاثة انعطافات انتهازية تآمرية، ليصل إلى الجحيم المأساوي التدميري اللاإنساني الذي يعيشه الآن.
المنعطف الأول تمثل في إيقاظ حلم أقلية مذهبية بضرورة الرجوع إلى نظام الحكم الإمامي السابق، المستند إلى إدعاءات تاريخية تخطاها الزمن، وإلى أساطير فقهية تتناقض كليا مع كل مقومات الدولة الحديثة. وهو حلم يحصر رئاسة الحكم وخلفاءها في أفراد تلك الأقلية المذهبية، وبالتالي يرفض الأسس التي تقوم عليها الديمقراطية.
وبهذا الطلب أراد هؤلاء محو آخر ستين سنة من الحياة السياسية اليمنية الحديثة وإرجاع عقارب الساعة التاريخية إلى الوراء. وبه أيضا أرادوا تهميش الأكثرية الساحقة من القوى السياسية اليمنية، ومن المواطنين اليمنيين، ونسفا لدستور اليمن الجديد المقترح، وانتكاسة للتوافق الوطني المتوازن، الذي ارتضته جميع القوى، من دون استثناء، بمن فيهم ممثلو تلك الأقلية المذهبية، أثناء مناقشات المؤتمر الشعبي الوطني الجامع، الذي كان في طريقه لطرح دستور جديد، واقتراح خطوات تنقل اليمن إلى مشارف نظام ديمقراطي فيدرالي متوازن.
أما المنعطف الثاني فهو محاولة الاستعمال الانتهازي لأجواء المنعطف الأول ومطالبه المذهبية التعجيزية، من قبل الحاكم الديكتاتوري السابق، الذي أجبره الحراك الشعبي الكبير على التنحي عن الحكم، ولكن من دون مس بثروته المالية الهائلة ونفوذه القبلي الكبير. تمثلت تلك الانتهازية المجنونة في تسهيل استيلاء ميليشيا تلك الأقلية المذهبية على أسلحة الجيش اليمني الوطني، وعلى مجموعة من معسكراته، في سبيل حصوله في المستقبل على دعم سياسي وأمني من قبل تلك الأقلية، ورجوعه إلى الحكم الذي فقده. لكن السحر انقلب على الساحر وانتهى بموته مقتولا بدم بارد من قبل من ظن أن باستطاعته استعمالهم لتحقيق طموحاته الشخصية المجنونة.
المنعطف الثالث تمثل في تدخلات خارجيه، إقليمية وعربية ودولية، لصالح هذه الجماعة أو تلك السلطة، الأمر الذي خلط الأوراق، ونقل الموضوع اليمني من المستوى المحلي الوطني إلى المستوى الإقليمي والدولي. وهو المنعطف الذي قاد إلى فواجع التشريد والموت والدمار والجوع والمرض والفقر المدقع الذي نراه أمامنا.
ليس الهدف هو سرد تاريخ المشهد اليمني المأساوي، خلال أقل من عقد من الزمن، فالبكاء على اللبن المسكوب لن يفيد. الهدف هو إظهار مقدار تعقيدات المشهد اليمني وفداحة المصير المأساوي الذي وصل إليه شعب اليمن العربي الشقيق، بفعل عوامل كانت خارج إرادته وما طرحته ملايينه في سنة 2011 من شعارات وأهداف الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية.

اليوم وصلت نسبة الفقر المدقع إلى ثمانين في المئة، والبطالة إلى أكثر من خمسين في المئة. اليوم يوجد بلد عربي شقيق عزيز يعيش بأقل القليل من خدمات الصحة والتعليم والكهرباء والماء والطرق والمسكن، ومن نشاطات الاقتصاد التي تسد الرمق.
في ظل دمار كهذا يجري الحديث عن التوقف عن الحل العسكري، والانتقال إلى الحل السياسي الذي يراد له أن يعيد السلام إلى تلك الأرض العربية المنكوبة. هذا استنتاج معقول ومطلوب، لكن، وهذا بيت القصيد، السلام وحده لن يكون كافيا ما لم تصاحبه جرعة كبيرة من الأمل.. السلام في ظل ذلك الدمار البشري والعمراني سيكون قابلا للانتكاس في أي لحظة. مفتاح جرعة الأمل لن يكون في يد إيران أو أمريكا أو دول أوروبا المتباكية، بل في يد مجلس التعاون الخليجي. والأمر يجب أن لا يقتصر على إعادة إعمار ما دمرته الحرب، ثم ترك اليمن يعود إلى العيش تحت ظل فقره السابق ومحدودات قدراته التنموية والمعيشية والخدماتية الأساسية.
نحن هنا نأمل بأن قادة دول مجلس التعاون قد تعلموا من دروس ما حدث ويبدأون في التفكير الجدي بإدخال اليمن في مجلس التعاون، وهو المطلب الذي نادى به الكثيرون طيلة عمر المجلس. ولن يكون هذا الإدخال منة، فاليمن لديه إمكانيات هائلة للتنمية لو توفرت الاستثمارات الخليجية، ولديه شعب ذكي نشيط منتج لو توفرت فرص العمل. وبالتالي فانه سيكون إضافة للمجلس، وليس عبئا عليه.
عنذ ذاك، وعند ذاك فقط، سنكون قد ربطنا مشروع السلام المطروح ببناء الأمل، من أجل أن يكون سلاما دائما، وليس مؤقتا. وسنكون قد استجبنا لالتزامات الأخوة العروبية والإسلامية، وأبعدنا اليمن الشقيق عن أن يكون ورقة في يد قوى إقليمية مجنونة، أو في يد قوى صهيونية استعمارية متآمرة حاقدة.