أحدث الأخبار
  • 09:32 . "الاتحادية العليا" تقضي مجددا بالسجن المؤبد لـ24 من معتقلي الرأي في قضية "تنظيم العدالة والكرامة"... المزيد
  • 08:53 . "الصحة" تطلق دليلًا وطنيًا لمكافحة السمنة وتعزيز أنماط الحياة الصحية... المزيد
  • 08:44 . أكاديمية الشارقة تطلق أولى دورات "مختبر القيادات" لتمكين إدارات حضانات الأطفال... المزيد
  • 08:41 . رئيس الدولة ونظيره العراقي يبحثان مستجدات المنطقة وأهمية الحوار لحفظ الاستقرار... المزيد
  • 02:42 . كيف تأثر اقتصاد الإمارات بالهجوم الإيراني على قاعدة العديد في قطر؟!... المزيد
  • 02:41 . الاتحاد الأوروبي يدعو لـ"وقف فوري" لإطلاق النار في غزة .. وإسبانيا تطالب بتعليق التعاون مع الاحتلال... المزيد
  • 12:59 . في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب.. أبوظبي تروّج لتحسين سجلها الحقوقي "سيء السمعة"... المزيد
  • 12:57 . الإمارات: تقاعس "إسرائيل" عن ردع المستوطنين يعد "موافقة ضمنية" على التحريض والعنف... المزيد
  • 12:57 . تحت ضغط أمريكي... دمشق تجري محادثات مع "إسرائيل" ولوحات دعائية في تل أبيب تروّج لتوسيع التطبيع... المزيد
  • 12:56 . العين يختتم مشواره في كأس العالم للأندية بالفوز على الوداد المغربي... المزيد
  • 12:55 . الصين تعلن التفاهم التجاري مع واشنطن وترحب برفع القيود... المزيد
  • 12:54 . جنود الاحتلال يعترفون بتلقي أوامر لإطلاق النار على طالبي المساعدات في غزة... المزيد
  • 09:18 . "طيران الإمارات" و"فلاي دبي" تُعلقان الرحلات إلى إيران والعراق حتى 30 يونيو... المزيد
  • 11:50 . واشنطن تفتح تحقيقاً بتسريب تقرير استخباراتي “سري للغاية” عن الضربات في إيران... المزيد
  • 11:47 . شاب مسلم يتقدم الديمقراطيين الساعين لرئاسة بلدية نيويورك... المزيد
  • 11:44 . بعد كمين خان يونس.. أبو عبيدة: جثث العدو ستصبح حدثا دائما ما لم يتوقف العدوان... المزيد

عزلة الإنسان الحالية وفهم جديد للفردانية

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 11-04-2020

قيل وكتب الكثير عن التغيرات الحياتية والفكرية في مجتمعات العالم، التي قد تتحقق، وإن بدرجات متفاوتة، بعد أن يصل وباء فيروس كورونا إلى نهايته. وبُنيت تلك التوقعات على أساس ما يمكن أن يصل إليه الإنسان من قناعات جديدة، بشأن بعض الأفكار، والسلوكيات، والقيم والنظم التي أنشأتها حضارة العصر، وقبل الإنسان أن يعيش ضمن معطياتها، أحيانا عن قناعة، وأحيانا مرغما.
من بين أبرز تلك المعطيات التي طرحت كشعار حياتي، وجُندت الوسائل لإقناع عموم الناس بقبوله وممارسته كنمط حياتي، كان شعار الفردانية المنغلقة على الذات، المحكومة بإملاءات حب النفس الأناني، غير المعنية بحاجات وظروف الآخرين، مالكة حريتها المطلقة في التعبير والتصرف، وبالطبع، بل وفي المقدمة، الممارسة للاستهلاك النهم المجنون، لكل ما تنتجه ماكنة الرأسمالية العولمية، من بضاعة مادية أو خدمية أو ترفيهية.
من أشهر من عبّر عن ذلك الشعار كانت رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت ثاتشر، عندما أعلنت أنه لا توجد مجتمعات، وإنما يوجد فرد: فرد معني بنفسه، أو أصبح ذلك القول، عبر الخمسين سنة الماضية على الأخص، جزءا أساسيا من الثقافة العولمية النيوليبرالية الرأسمالية.
الآن، والبلايين من البشر تنصاع، خوفا وهلعا من زحف ودمار وباء كورونا، لتوجيهات وقرارات الكثير من الحكومات، بالبقاء في مساكنهم ومواجهة وحدتهم الذاتية، ومحدودية حريتهم الشخصية، ألن يقود ذلك إلى البدء بطرح الأسئلة، حول الإعلاء المجنون للفردانية، والإنزال الغريب لأهمية ومكانة الاجتماع البشري بمؤسساته ومجتمعاته؟

هناك أمل بأن يفتش الإنسان عن فهم آخر للفردانية، قائم على تناغم بين جوانب الحرية والعدالة والعقلانية والتواضع أمام جبروت الطبيعة

لا يمكن للعاقلين من أولئك المعزولين في بيوتهم، إلا أن يلاحظوا كيف أن حدثا كبيرا عالميا، حاملا لأخطار هائلة، غير عابئ بالفروقات الطبقية والاجتماعية والعرقية والحضارية، أظهر في واقعهم اليومي الذي يعيشونه الآن، أن المبالغات السابقة في مدى حرية الإنسان واستقلاليته الفردية، وعدم حاجته للغير، وصدقوها، كانت وهما يجب أن يفيقوا منه. ذلك أن فيروسا صغيرا استطاع أن يسلب الفرد منهم ما كان يعتقد أن لا أحد يستطيع سلبه، أي حرية الحركة والذهاب إلى حيث يشاء، من دون عائق، وجعله يدرك أن حريته تلك مرتبطة أحيانا بحرية الآخرين، وأن قراره الفردي محكوم بقرار الآخرين.
في وحدته، في عزلته في بيته، لا بد أن فردانيته عرفت معنى الشوق لجلسة عائلية تسليه، لأصدقاء يبعدون عنه الضجر، ويشاركونه في مصابه، بينما أدرك أن شبكات التواصل الاجتماعي، ليست قادرة على أن تحل محل ضمة الحنان، وابتسامة الإشفاق والتعاطف، ودفء النفس، وهو ينتشر مع الكلمات والضحك، وحده الاجتماع البشري، قادر على أن يأتي بها بردا وسلاما على حياته. عند ذاك، وإن بشكل غامض، سيشعر ذلك الإنسان بفشل المبدأ الصنم المقدس للفردانية، في إعانته والتخفيف من وحدته، وسيدرك أهمية أن يعود إلى الحياة شعار الوجود الجمعي، الذي يمثل المصلحة العامة، ويعلي فضيلة التعاضد والتعاون، بدلا من رذيلة التنافس التي نادت بها ثقافة الفردانية بهوس ومبالغة. عند ذاك ستنجلي الأهمية الاجتماعية الكبرى للتوازن، بين حرية الفرد وانصياعه لإرادة المجتمع وحاجات الصالح العام.
عبر عدة قرون ظلت فردانية الإنسان، تعريفا وهدفا وسلوكا، جزءا أساسيا في مسيرة تنقلات إنسان الحضارة الغربية المهيمنة على العالم، من إعلاء شأن الإيمان، إلى إعلاء شأن القوة الداروينية، إلى الاعتماد الكلي على العقل والعقلانية التقدمية العلمية، لينتهي به المطاف إلى عقلانية السوق والرذائل المصاحبة له. وفي كل مرحلة حاول الإنسان الرسو على فهم موزون موضوعي إنساني للفردانية، خصوصا بشأن ارتباطها بقيمتي الحرية والعدالة. الآن، وقد اثبت وباء كورونا للإنسان بأن فهمه للفردانية لايزال مليئا بالنواقص والعلل، هناك أمل بأن يفتش الإنسان عن فهم آخر للفردانية، فهم قائم على تشابك وتناغم بين جوانب الحرية والعدالة والتضامن الإنساني، والعقلانية الحكيمة، والتواضع أمام جبروت الطبيعة.