شهدت جلسة مجلس الأمن الطارئة، الخميس، بشأن تطورات الأوضاع في السودان، تلاسناً حاداً بين المندوب السوداني الدائم الحارث إدريس ونظيره ممثل أبوظبي محمد أبو شهاب بالمجلس، وذلك على خلفية الاتهامات المتبادلة حول دعم ميليشيا "الدعم السريع" التي سيطرت مؤخراً على مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور.

قال السفير السوداني إن بلاده قدّمت للمجلس وثائق "تثبت تورط  أبوظبي في دعم ميليشيا الدعم السريع" عبر تزويدها بالأسلحة والطائرات المسيّرة وتمويل المرتزقة، إلى جانب "التغطية الإعلامية المساندة".

واتهم الميليشيا بـ"نهب مناجم الذهب وإرسال عائداتها إلى أبوظبي"، مؤكداً أن ما يجري في السودان "ليس حرباً أهلية بل تمرد على حكومة شرعية".

وأضاف موجهاً كلامه لمندوب أبوظبي في المجلس: "مكانك الحقيقي ليس هنا، بل مع ميليشيات الدعم السريع".

ولفت السفير السوداني إلى دور الدعم الخارجي في تمكين الميليشيات، مشيراً إلى تمويل وتسليح المرتزقة وتقديم دعم سياسي ودبلوماسي مباشر من بعض الجهات الإقليمية، ما ساعدها على مواصلة ارتكاب المجازر مع إفلات شبه كامل من العقاب.

ودعا السفير إدريس مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وواضحة، تشمل، إدانة المجازر التي ارتكبتها "ميليشيات الدعم السريع ومرتزقتها والداعمين الإقليميين، كما طالب بإطلاق تحقيق دولي مستقل حول جرائم الإبادة الجماعية في الفاشر لضمان مساءلة الجناة.

وأشار إدريس إلى أن الفاشر "تحولت إلى رمز للفظائع منذ أبريل 2023"، متهماً الدعم السريع بارتكاب "مجازر وتطهير عرقي وجرائم إبادة جماعية"، مستشهداً بمقتل المئات ونهب المستشفيات، بينها المستشفى السعودي.

وطالب مجلس الأمن بإدانة الميليشيا وداعميها، وتصنيفها "منظمة إرهابية"، وفتح تحقيق دولي حول الجرائم المرتكبة.

سفير أبوظبي يتهم الجيش السوداني بخرق اتفاق النار

وردّ سفير أبوظبي محمد أبو شهاب نافياً الاتهامات، قائلاً إن "النزاع سوداني داخلي يجب أن يُحل بالحوار لا بتبادل الاتهامات"، مؤكداً أن بلاده تدعم "جهود السلام ووحدة السودان" وتدعو إلى "تأمين وصول المساعدات الإنسانية فوراً" للفاشر والمناطق المتضررة.

وجدد اتهامه للجيش السوداني، بعدم احترام جهود وقف إطلاق النار، داعيًا طرفي النزاع إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ووقف كل استهداف للمدنيين.

وشدد على "ضرورة حماية المدنيين والأطفال والنساء" ودعم المساعي الأممية والإفريقية للتوصل إلى حل سياسي شامل، محذراً من أن "أي تصعيد عسكري سيزيد معاناة المدنيين". وأعلن عن مساهمة إماراتية جديدة بقيمة مليون دولار لدعم الإغاثة في دارفور.

ودعا مجلس الأمن إلى الضغط على الأطراف المتحاربة واستخدام جميع أدواته لإجبارها على العودة إلى طاولة المفاوضات بالتزام حقيقي بالسعي إلى السلام.

وقال: “نعلن اليوم عن تبرع إضافي بقيمة 100 مليون دولار أمريكي لدعم العمليات الإنسانية المنقذة للحياة في الفاشر. ستواصل دولة الإمارات دعم الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وتحقيق السلام والاستقرار والأمن الذي ينادي به الشعب السوداني”.

واختتم أبو شهاب بالتأكيد على أن "السلام المستدام لا يمكن أن يتحقق إلا بقيادة السودانيين أنفسهم، وضمن احترام سيادة السودان ووحدة أراضيه".

مجلس الأمن يدين جرائم مليشيا "الدعم السريع"

وعقد مجلس الأمن الجلسة المفتوحة بطلب من الجزائر وعدد من الدول، حيث ركّزت المناقشات على تدهور الوضع في مدينة الفاشر، التي تُعد آخر معاقل الجيش في شمال دارفور، وسط تحذيرات من تحول الإقليم إلى كارثة إنسانية شاملة.

وأدان أعضاء المجلس الفظائع المبلغ عنها التي ترتكبها قوات الدعم السريع ضد السكان المدنيين، بما في ذلك عمليات الإعدام بإجراءات موجزة والاعتقالات التعسفية، وأعربوا عن قلقهم البالغ إزاء تزايد خطر وقوع فظائع واسعة النطاق، بما في ذلك الفظائع ذات الدوافع العرقية. ودعوا إلى محاسبة جميع مرتكبي الانتهاكات.

وأكد الأعضاء مجددا أن الأولوية هي أن تستأنف الأطراف المحادثات للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة وجامعة ومملوكة للسودانيين.

وحثوا جميع الدول الأعضاء على الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يهدف إلى تأجيج الصراع وعدم الاستقرار، ودعم جهود السلام الدائم، والوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

ودعت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة جميع الأطراف إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع ارتكاب مزيد من الفظائع، فيما شدد ممثلو الدول الأعضاء على ضرورة وقف التدخلات الخارجية التي تُغذّي الصراع السوداني.

وأكدت تقارير الأمم المتحدة أن السودان يواجه أكبر أزمة إنسانية في العالم حاليًا، مع تزايد خطر المجاعة وتدهور الأوضاع المعيشية، داعية المجتمع الدولي إلى تسريع تمويل خطة الاستجابة الإنسانية ودعم جهود إحلال السلام في البلاد.

اقرأ أيضاً

عاصفة غضب ضد الإمارات بعد مجازر الفاشر.. اتهامات بتمويل الإبادة في السودان ودعوات لمحاكمة أبوظبي دولياً

هل يمكن للمحكمة الجنائية الدولية ملاحقة أبوظبي بشأن المذابح في السودان؟.. خبراء يجيبون

بريطانيا تحث على وقف بيع الأسلحة للإمارات بعد العثور عليها بيد قوات الدعم السريع

صحيفة أمريكية: أبوظبي استعرضت قوتها بهدوء في السودان