نحو 72 ساعة فصلت بين اعتراف توني بلير رئيس وزراء بريطانيا بجريمة تدمير العراق والمنطقة وأن غزو العراق أدى إلى تفشي الإرهاب و"داعش" ليصل الدولة على رأس وفد "استثماري" في السياسة والاقتصاد. فماذا قال نائب رئيس الدولة الشيخ محمد بن راشد عن غزو العراق، ولماذا حجبت صحيفة "الخليج" المحلية مقالا للكاتب البحريني على فخرو؟
بلير يصل أبوظبي
وصل بلير العاصمة أبوظبي واجتمع بولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، بصفة رئيس مجلس "جي بي مورغان الدولي"، ووصفت صحيفة "الاتحاد" المحلية المجلس بأنه، "مجموعة من القادة العالميين الذين يشكلون هيئة استشارية لشركة جي بي مورغان، ويضم نحو 30 عضواً من 18 دولة، من بينهم زعماء دول وحكومات سابقون، و4 مسؤولين سابقين بمجلس الوزراء الأميركي، والعديد من الرؤساء التنفيذيين لشركات عالمية معروفة". وأكدت "الاتحاد" أن المجلس سوف يعقد اجتماعاته في أبوظبي.
وقد أثنى الشيخ محمد بن زايد على الوزن الإقليمي والدولي لدولة الإمارات بأنها أصبحت في "موقع فاعل" على الساحة الدولية بإمكانياتها الاقتصادية وبيئتها الاستثمارية الجاذبة.
محمد بن راشد وغزو العراق
تطرق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في مقابلة له مع "مجلة نيوزويك" الأمريكية نشرته الصحف المحلية اليوم (29|10)، وقال عن غزو العراق،" بداية التدهور الكبير والفوضى في منطقتنا كان مع غزو العراق، وحل جيشه، وفتح المجال لخطاب وجماعات طائفية إقصائية.. ثم رد فعل تكفيري إرهابي، ثم فوضى تقودها أحزاب وجيوش صغيرة امتد تأثيرها لأكثر من مكان.. كنا نرى بوضوح في دولة الإمارات وحسب المعطيات الدولية في ذلك الوقت والحسابات السياسية بأن المنطقة ستكون مقبلة على فوضى كبيرة إذا حصل الغزو". إذن، يحمل الشيخ محمد بن راشد الفوضى والدمار في المنطقة إلى تداعيات غزو العراق الذي شنه توني بلير وجورج بوش. وقد اعترف بلير مؤخرا بأن المعلومات الاستخبارية بشأن خطورة نظام صدام حسين لم تكن حقيقية، وهو ما يعني في كل الأحوال أن بلير متورط بتدمير المنطقة ووصولها إلى هذه الحالة المزرية.
" فخرو" و "بلير" و "الخليج"
الكاتب البحريني علي فخرو نشر مقالا له في صحيفة القدس العربي الأربعاء (28|10) عن اعتراف بلير بعنوان "عندما يتم الاعتراف والاعتذار بانتهازية"، على أن تنشره صحيفة الخليج كالعادة اليوم الخميس (29|10)، ولكن "الخليج" التي تقدم نفسها على أنها ذات توجه قومي حجبت مقال فخرو.
قال فخرو بمقاله الممنوع من النشر، واصفا اعتراف بلير بـ"الاعتراف الجزئي العبثي المقتضب المتلاعب بالكلمات لرئيس وزراء بريطانيا السابق، بشأن دوره الشخصي الإجرامي الانتهازي، وبالتالي دور حكومته وجهاز استخباراته ووسائل إعلامه، في إدخال شعب وجيش ومجتمع العراق في الجحيم الذي يعيشونه منذ عدة سنوات، والذي سيعيشونه لعقود طويلة مقبلة".
وتابع، "توني بلير مارس الكذب على نفسه وشعبه طيلة الاثنتي عشرة سنة الماضية، عندما رفض المرة تلو الأخرى، في مجلس العموم البريطاني وفوق كل ساحة إعلامية ظهر فيها، الاعتراف بأنه وحكومته وأجهزة استخباراته أجرموا بحق الشعب العراقي وأمة العرب".
ولكن الأمر الأهم في مقال "فخرو" المحجوب، هو قوله،" إن بعض الأنظمة العربية التي وجهت في الماضي الدعوات لتوني بلير لإلقاء المحاضرات ودفعت له مكافآت مالية خيالية، أو التي عينته مستشارا في حقلي الاقتصاد والعلاقات العامة، أو التي تفكر في تعيينه مستشارا في المستقبل، أو التي قبلت أن يكون عضوا في الرباعية الدولية المناط بها متابعة الموضوع الفلسطيني، يجب أن توقف التعامل مع هذا الرجل". نقطة آخر السطر!
فهذه المطالبة ضمن مقال فخرو دفعت صحيفة الخليج لوقف نشر المقال، فكيف توفق الصحيفة بين مقال حتى ولو مقال رأي، وبين وجود توني بلير متلبسا "بزيارة" أبوظبي؟! يتساءل ناشطون.
ومع ذلك، فإن الشاهد هو لماذا تستمر الأجهزة الأمنية وشخصيات تنفيذية بالتعامل مع شخصيات كهذه اعترفت بنفسها على دورها بتخريب وتدمير المنطقة، ولماذا الإصرار على وضع سمعة الدولة دائما في الاختبارات "غير المضمونة" على الأقل في مواصلة استقبال أمثال توني بلير، وإلى متى يظل يتغذى بلير ومجلسه من أموال الشعب ويستنزف ثرواتنا في صفقات مشبوهة عسكرية وسياسية كون بلير يواصل دوره التخريبي في مصر وغزة وليبيا وتونس ويعمل بشكل واضح ومعلن ضد حرية الشعوب العربية؟ ولماذا لا تقوم الإمارات بإجراء محاكمة تاريخية ضد مجرم الحرب بوتين كون الأوضاع في العراق أضرت بالدولة ومصالحها كما أكد الشيخ محمد بن راشد في مقابلته مع المجلة الأمريكية، كما يطرح ناشطون.
