أحدث الأخبار
  • 11:15 . إعلام عبري: نتنياهو دعا وزراء لمشاورات أمنية بوزارة الدفاع... المزيد
  • 08:48 . طحنون بن زايد يبحث مع "إنفيديا" التعاون في تكنولوجيا المناخ والذكاء الاصطناعي... المزيد
  • 08:43 . "دبي القابضة" تدرس إنشاء صندوق استثمار عقاري... المزيد
  • 08:19 . تراجع طفيف لأسعار النفط بعد أسبوع من الصعود القوي... المزيد
  • 08:17 . حمدان بن محمد يجري مباحثات مع أمير الكويت وولي عهده... المزيد
  • 07:39 . جيش الاحتلال يقر بإصابة 48 جنديا في غزة ولبنان خلال 24 ساعة... المزيد
  • 02:06 . وزير الخارجية الإيراني يبدأ جولة تشمل السعودية ودولاً أخرى... المزيد
  • 02:05 . سي آي إيه: إيران قادرة على إنتاج قنبلة نووية في أسبوع... المزيد
  • 11:41 . خالد مشعل: طوفان الأقصى كشف وجه "إسرائيل" القبيح والمقاومة ستنهض من الرماد... المزيد
  • 11:08 . "الأبيض" يستعد لمواجهة كوريا الشمالية الخميس المقبل... المزيد
  • 11:07 . قراصنة يخترقون مواقع رياضية إسرائيلية ويضعون صورة "أبو عبيدة"... المزيد
  • 11:06 . مقررة أممية: ما يجري بغزة إرهاب نفسي وجزء من خطة إبادة جماعية... المزيد
  • 11:04 . الشارقة تعتزم إصدار صكوك مقومة بالدولار لأجل 10 سنوات ونصف... المزيد
  • 11:03 . ولي عهد دبي يتوجه إلى الكويت في زيارة رسمية... المزيد
  • 11:01 . "طيران الإمارات" تستأنف رحلاتها إلى بغداد والبصرة وطهران... المزيد
  • 09:08 . المساعدات العسكرية الأمريكية للاحتلال منذ 7 أكتوبر تناهز 18 مليار دولار... المزيد

الإنسان الحقيقي

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 30-11--0001

عائشة سلطان
توقفت كثيرا عند هذا التعبير «الإنسان الحقيقي» وحين شرحه صاحبه قال: أقصد الإنسان الذي لا يخلو من الأفكار الساطعة التي تميزه عن غيره، الذي يمتلك قناعاته ورؤاه الخاصة، ذلك الذي يمكنه التعبير عن نفسه بثقة وقوة واقتحام، لأنه مؤمن بنفسه ولأنه تعب كثيراً ليكون ما هو عليه. 

في الحقيقة لقد راق لي هذا الوصف، وتمنيت أن أحظى دائماً بفرصة الجلوس والحديث مع هذا النوع من الناس، لكن الواقع يفاجئك حين تجلس مع كثيرين فتتحول الأحاديث الى عملية اجترار تشبه الى حد كبير عملية إعادة إنتاج الورق المستعمل لآلاف المرات، الأصعب حين تتوقع أحاديث ونقاشات مختلفة فتجد الناس يقولون كل شيء الا ما يتوجب أن يقولوه أو يعبروا عنه ببساطة !

عادة ما تفقد المجتمعات طبيعتها الإنسانية كلما أوغلت في المدنية والتطور والإعجاب بالحداثة والتقنية، ففي نهاية الأمر تظل التقنية وسيلة لا أكثر، أما حين نضعها محل الإنسان فلن نتوقع الكثير من الإنسانية حتماً، سيتحول الإنسان تدريجياً الى كائن يتحدث بأصابعه ، لا يفكر كثيراً أو بمعنى أدق لا يستخدم عقله في معظم الوقت، لا يتحدث ولا يتفقد جهة صدره اليسرى، ليتأكد إن كان ثمة دوي في صدره أم لا، هل افتقد شقيقه الذي لم يره منذ شهور، هل اطمأن على والدته، هل يعلم إن كانت جدته على قيد الحياة بعد أم غادرت ؟ هل لا زال جاره العجوز يقطع الطريق إلى المسجد كعادته خمس مرات في اليوم أم أقعده المرض والعمر ؟؟ الذي يتماهى مع الآلة يتحول أغلب الظن الى أكثر من آلة، لأن الآلة صنعت آلة لا تزيد ولا تنقص أما الإنسان فيبذل جهداً مضاعفاً ليتفوق عليها !

الإنسان الحقيقي تصنعه الظروف الحقيقية، الحياة الحقيقية، الناس والأصدقاء والآباء والأمهات والتفاصيل الحقيقية، يولد في بيت عادي، يكبر، يواجه الظروف، يعاني، يقرأ، يتحدى، يجتهد ليصنع غده ومستقبله، يملأ نفسه بالتصميم والإرادة، يزود شخصيته بالكثير من الأدوات التي تعينه على اجتياز دروب الحياة الصعبة، في نهاية الأمر لا يوللد كعجين الكيك الرخو ولا يتقولب في أوان من الكريستال، الإنسان الحقيقي هو الذي يؤسس كيانه من كل ما يحيط به، هذا لا يعني أن يكون من جنس الملائكة ولا يعني أن يكون مثاليا فاضلاً بالمطلق، لكنه بالتأكيد لا يكون مضطراً ليكون شخصاً آخر، وللأسف فكثيرون ممن نلتقيهم يحاولون بل يجتهدون بقوة كي لا يكونوا هم، يلبسون أقنعة ليخفوا حقيقتهم، ليزيفوا طرقاتهم وأهدافهم ، ليرسموا ابتسامات وضحكات وكلاما لا يعنونه لكن الظروف تتطلب أن يقولوه، ويظلون طيلة النهار يرسمون خيالاً وشكل شخص لا يمت لهم بصلة حتى ينسوا في النهاية من هم وماذا يريدون بالضبط !

الإنسان الحقيقي يبدو واضحاً للجميع، لا لبس ولا ضبابية في حدوده وملامحه وشكله، خريطة مخه واضحة، تضاريس قلبه واضحة، ولشدة وضوحه يصفه ميلان كونديرا بالكائن الذي لا تحتمل خفته، وأول من لا يطيقه ولا يحتمله أولئك المزيفون، كثيرو الادعاء من لابسي الأقنعة، الإنسان الحقيقي يسير وحيداً معظم الوقت لكنه لا يشعر بوحشة الطريق أبداً، ربما لأنه يمشي في طريق آمن رغم وعورته، ولقد اتضح اليوم أكثر من أي وقت مضى أن الأمان هو المطلب الأكثر إلحاحاً وضرورة وأن معظم الناس مستعدة لتقايض الدنيا بقليل من الأمان.