استرد مستأجرون في أبوظبي زمام المبادرة في السوق العقاري، مع اضطرار كثير من الملاك للموافقة على مطالبات خفض الإيجار، بعد نحو 3 سنوات من تحكم المؤجرين بالسوق.

ومنذ نوفمبر 2013 عانى بعض المستأجرين في أبوظبي، من استغلال ملاك لقرار إلغاء سقف الزيادة السنوية التي كانت محددة بـ 5%، لزيادة الإيجارات بنسب مبالغ فيها أحيانا، قبل أن تعود الكلمة العليا في السوق العقاري للمستأجرين خلال الأشهر الأخيرة مع بداية تسجيل الإيجارات معدلات تراجع في بعض المناطق.

وقال متعاملون ومسؤولون في السوق العقاري في أبوظبي إن الأشهر الأخيرة شهدت موافقة بعض الملاك على خفض القيمة الإيجارية للوحدات السكنية، لاسيما مع لجوء كثير من المستأجرين لإخطار المؤجرين بإخلاء السكن في حالة عدم تخفيض الإيجار.

وأوضحوا أن كثيرا من الملاك يتجنبون تحمل المزيد من الخسائر المالية في حالة إخلاء السكن، مقارنة بخفض الإيجار، لاسيما في حالة عدم إشغال الوحدة لعدة أشهر، فضلا عن تحمل المالك تكاليف مالية في إعادة صيانة وتجهيز الوحدة، وعمولة السمسار، والإعلانات لتسويق الوحدة.

وأكد خبراء أنه رغم موافقة بعض من الملاك حاليا على خفض الإيجار بنسب محدودة تتراوح بين 5 و10% كحد أقصى، لكن لا يزال بعض الملاك يرفضون خفض الأسعار، ويوافقون فقط على تجديد العقود بذات القيمة الإيجارية، فضلا عن اتجاه آخرين لزيادة الأسعار ولكن بنسب محدودة لا تتجاوز 5% غالبا، لاسيما في ظل عدم تفضيل كثير من المستأجرين للانتقال إلى مسكن جديد تجنبا لتحمل تكاليف النقل ومتاعب تغيير السكن.

وسجل متوسط الإيجار السكني في أبوظبي انخفاضاً بلغ 3% خلال النصف الأول من العام الحالي، فيما شهدت الوحدات السكنية الراقية انخفاضاً بنسبة 4%، حسب تقرير صادر عن شركة «أستيكو» للخدمات العقارية المتكاملة.

بدوره، أوضح محمد مصطفى السويركي رئيس مجلس إدارة شركة شمس العاصمة العقارية إن زيادة المعروض مقارنة بالطلب جعل الكلمة العليا في السوق للمستأجرين، موضحاً أن كثيراً من الملاك باتوا لا يتمسكون كثيرا بالأسعار، لاسيما في ظل ارتباطهم بالتزامات بنكية، ما يعنى تحملهم خسائر مالية في حالة تأخير سداد الدفعات.

وأوضح السويركي أن من خلال إدارة شركته لعدد من البنايات السكنية بأبوظبي، فإنه يستقبل الكثير من طلبات المستأجرين لخفض الإيجارات، موضحا أن بعض الملاك يقبلون تخفيض الأسعار، فيما يتم تجديد عقودا أخري على ذات القيمة الإيجارية، بينما لم تشهد الأشهر الأخيرة زيادة في القيمة الإيجارية بأي عقد تم تجديده من خلال شركته.

وأضاف أن عدم قبول المالك لتجديد العقد يمثل مغامرة غير محسوبة في ظل اتجاه الأسعار للتراجع، وهو ما يقلص فرص الملاك في زيادة الأسعار، في ظل تحملهم خسائر مالية في حالة عدم أشغال الوحدة لفترات طويلة.

وأكد السويركي أن تراجع الإيجارات لا يقتصر على البنايات القديمة فقط، موضحا أن سعر تأجير الشقة ذات الغرفتين في البنايات الجديدة في أبوظبي تراجع من 100 إلى 80 ألف درهم سنويا حاليا، وفي الوحدات القديمة من 90 إلى 70 ألفا.

كما تراجع سعر تأجير الوحدة ذات الغرفتين بمشروع الريف من نحو 90 ألف درهم العام الماضي، ليتراوح حاليا بين 70 و75 ألفا، حسب السويركي.

وفرة المعروض

بدوره، أشار رأفت محجوب، المدير العام لشركة قلب المدينة لإدارة العقارات، إلى أن الفترة الحالية تشهد وفرة في المعروض، مع دخول عدد من البنايات الجديدة للسوق، ما أسهم في تراجع الإيجارات.

وأضاف أن كثيرا من الملاك باتوا يقبلون اليوم تخفيض الأسعار بنحو 5 أو 10 آلاف درهم، بهدف الاحتفاظ بالمستأجرين، مشيرا إلى أن سعر تأجير الشقة المفروشة، في إحدى البنايات في شارع المطار تراجع من 140 إلى 110 ألاف درهم مؤخرا.

وحسب موقع إعلانات العقارات المبوبة «دوبيزل» شهدت أبوظبي انخفاضاً عاماً في أسعار الإيجارات، حيث انخفضت أسعار الشقق بغرفة نوم واحدة وبغرفتين وثلاث غرف نوم بنسبة 2% و1% و4% على التوالي، خلال الربع الثاني من العام الحالي مقارنة بالربع الأول من 2016.

وشهدت الشقق بثلاث غرف نوم الواقعة على كورنيش أبوظبي وجزيرة السعديات أكبر انخفاض بنسبة 11% و15% على التوالي، حيث بلغ سعر إيجار الشقة السكنية 160 ألف درهم و220 ألف درهم على التوالي، بحسب التقرير.

وتوقع تقرير صادر عن مجموعة «سي بي آر إي» بعنوان «نظرة على سوق أبوظبي في الربع الثاني 2016» أن يبقى القطاع السكني من أفضل القطاعات أداءً في الإمارة مدعوماً بانخفاض مستويات المعروض الجديد على المدى القريب.