في مثل هذه الايام المباركة وقبل عشرة أعوام رحل والدنا المؤسس ونبراس العطاء الانساني المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته، لقد رحل جسده وبقيت روحه خالدة في قلب أبنائه، أبناء الامارات الذين أحبوه كوالد أحبهم وأحب الخير لهم ولكل سكان العالم، ومازالت أياديه البيضاء تعطي إلى الآن، وروحه الزكية تجوب بلدان العالم سحابة تمطر بخيراتها أينما مرت.
وتوجت أعماله الخيرة وعطاياه الكريمة، طيب الله ثراه، بحبسه وقفا تعمل من ريعه مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للاعمال الخيرية والانسانية وتواصل مسيرة الخير والعطاء الانساني في الاعمال الخيرية والتعليمية والصحة والجوائز والاغاثة وهي أهداف خمسة تحدد اتجاهاتها ومسيرتها والتي غطت على مدار العشرين عاما التي مضت اكثر من 117 بلدا في قارات العالم الست وتواصل العمل على استراتيجيتها في تنفيذ وصية الشيخ زايد، طيب الله ثراه، في الوصول إلى بلدان العالم اجمع في كافة قاراته.
لقد آمن المغفور له، بإذن الله تعالى، بموضوع الاستدامة والاستمرارية، ولعلنا نتحدث هنا عن الأعمال والمشاريع الخيرية والانسانية التي كان يأمر بها، رحمه الله، حيث كان شديد الحرص على بقاء هذه الاعمال ليستفيد منها أكبر شريحة من مخلوقات الله، ولأطول مدة من الزمن، ولكن السؤال هنا كيف؟
لو نظرنا من حولنا في هذا العالم وبحثنا لوجدنا بأن هناك الكثير من المشاريع التي بدأها أصحابها وانتهت مع رحيلهم، ومشاريع أخرى انتهت قبل أن تبدأ، وأخرى لم يستطع المستهدفون بها أن يستفيدوا منها لعدم قدرتها على الاستمرار وحاجتها الى الدعم المستمر، إلاّ مشاريع زايد الخير، فقد أحيا، طيب الله ثراه، شعيرة الوقف ودعمه، وضرورة الأوقاف التي كان يدعو اليها دائما في مجالسه الطيبة الأثرياء من التجار والمقتدرين لإقامتها دعماً لمساعدة المرضى والمحتاجين وكبار السن، لإيمانه، رحمة الله عليه، بأن الأوقاف تساعد على استمرارية المجتمعات..
وتقوم اقتصادياتها في الأزمات بل وتساعد في استمرارية وديمومة المشاريع الخيرية ليستفيد منها المحتاجون وينال ثوابها من قام على بنائها في حياته وبعد مماته، وهذا ما نراه الان نتيجة للأوقاف التي بناها، طيب الله ثراه، والتي تدعم مشاريع مازالت إلى الآن مستمرة في بقاع العالم من السبعينات أو ما قبل ذلك وحتى يومنا هذا.
ان هذا النهج الذي أسسه وسار عليه المغفور له بإذن الله تعالى، زايد بن سلطان آل نهيان، لابد ان تسير عليه جميع مؤسساتنا وجمعياتنا الخيرية في التركيز على الوقف ودعمه وتخصيص جزء من ميزانية أي مشروع خيري لبناء وقف يكون ريعه دعما لضمان استمراريته وديمومته ليبقى اثره على مر السنين.
عطاء زايد سيستمر وسيظل عمله وذكره وما قدم معنا ومع الأجيال القادمة جيلاً بعد جيل، وستخلد ذكراه سنة بعد سنة، وسيظل حبه في قلوبنا ينتقل منا وإلى الأبناء والأحفاد وسنظل أوفياء لقيادتنا وقادتنا صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية، ونائبه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات وولي عهده الأمين الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظهم الله جميعاً، فهم من يحمل الرسالة الان ويسيرون على نهج زايد المؤسس الذي عمل وسعى، وهم يعملون ويسعون إلى أن أصبحنا في الدرجات الأولى في كل المجالات، وأصبحنا، بشهادة الآخرين، اكثر الشعوب سعادة على وجه الارض، رحم الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وحفظ ولاة أمورنا وبلادنا من كل شر.