قال شهود عيان إن قوات الأمن السودانية أطلقت الغاز المسيل للدموع على مئات المحتجين في وسط الخرطوم اليوم الاثنين وذلك في وقت تعزز فيه السلطات السودانية وجودها في المواقع الرئيسية بعد دعوة للاحتجاجات عشية ذكرى استقلال البلاد.
ووقف بعض أفراد الأمن فوق أسطح المباني بوسط العاصمة وتمركزت مركبات مدرعة مزودة بمدافع رشاشة على طول الشوارع الرئيسية.
ودفع ارتفاع الأسعار ونقص السلع الأساسية وأزمة السيولة النقدية المحتجين للخروج إلى الشوارع في أنحاء السودان للاحتجاج على الرئيس عمر البشير الذي تولى السلطة في انقلاب عسكري دعمه الإسلاميون عام 1989.
وعلى غير العادة، تبدو شوارع الخرطوم قليلة الحركة صباح الاثنين، مع تلقي بعض المؤسسات توجيهات بتقليص الدوام حتى الساعة الواحدة ظهرا بدلا من الساعة الثانية.
لكن القلق الحكومي يتبدى أكثر في إغلاق مول الواحة في ميدان الأمم المتحدة وسط الخرطوم أبوابه اليوم، وقد كانت هذه السوق الراقية ملاذا لمحتجين في موكب الثلاثاء الماضي بعد أن دخلوا إلى صالاتها الفخمة وهم يهتفون بسقوط الحكومة.
وقبل يوم من موكب تجمع المهنيين، علم رواد "مول الواحة" من إدارته أنه لن يكون مفتوحا الاثنين أمام زبائنه.
ورغم أن جهاز الأمن والمخابرات أفاد مساء الأحد بأنه أطلق بعض الموقوفين، لكن الساعات الـ48 السابقة شهدت المزيد من اعتقال السياسيين والناشطين في محاولة على ما يبدو لشل الحركة الاحتجاجية.
وبحسب بيان أصدره حزب البعث القومي صباح الاثنين، فإن السلطات الأمنية اعتقلت مساء الأحد كمال بولاد رئيس المكتب السياسي للحزب وعضو هيئة قيادة تحالف الإجماع الوطني.
واعتقل جهاز الأمن منذ الأسبوع الماضي نحو عشرة من قيادات تحالفي المعارضة الرئيسيين، "نداء السودان" و"الإجماع الوطني"، وطالت حملات الاعتقال أيضا الناشطين وقادة أحزاب المعارضة في الولايات.
وتدخل حركة الاحتجاجات -التي انطلقت في 19 ديسمبر/كانون الأول- الاثنين يومها الثالث عشر، وحتى يوم أمس شهدت بلدة الهدى في ولاية الجزيرة وسط السودان احتجاجات تخللتها عمليات حرق لمرافق حكومية.
ويلقي خطاب الرئيس البشير -الذي ألقاه أمس الأحد أمام الرتب الرفيعة من ضباط الشرطة- بظلاله على الموكب، حيث تداول ناشطو مواقع التواصل بكثافة استدلاله بالآية الكريمة "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب"، لمنح الشرطة مسوغا لقتل المتظاهرين لمنع التخريب والتدمير.
كما يرى دعاة الاحتجاجات أن إعلان السلطات توقيف خلايا تخريبية تتبع لحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور مدعومة من الموساد الإسرائيلي، كفيل بضمان سلمية موكب الاثنين وعدم سقوط قتلى مجددا، إذا صدقت الحكومة.
وأقرت الحكومة رسميا بسقوط 19 قتيلا وأكثر من أربعمئة مصاب خلال الاحتجاجات التي بدأت بسبب أزمات اقتصادية، لكنها سرعان ما تحولت إلى مطالب بتنحي البشير الذي يحكم السودان منذ يونيو 1989.