كنت أتابع برنامجا على إحدى الشاشات فإذا بأحد الزملاء المعروفين بتقديمه برامج مسابقات معروف يسأل السيدة التي يفترض أنها قد فازت بالجائزة عن اسمها فذكرت له اسمها وأنها من الشام؟ توقفت كثيرا عند تلك اللقطة، فلكي تفوز هذه السيدة بالسحب عليها أن تتصل مئات المرات وتنفق مبالغ كثيرة لأجل ذلك، فهل أهل الشام فعلا في وارد هذه الممارسة المبالغ في ترفها إزاء الحالة المأساوية التي يعيشونها؟ أم أننا نحن من نرسم صورة خاطئة ونصدقها ونبني عليها فيما بعد استنتاجاتنا حيال ما يعرض علينا؟ في سنوات الحرب الأهلية اللبنانية التي طحنت بلدا جميلا من أوله لآخره ولعشرين عاما، كان القتل على الهوية، وكان القتل مجانياً، مع ذل فقد كانت ممجلات معينة تنشر صورا لعروض الأزياء وحفلات انتخاب ملكات الجمال هناك ! وقيسوا على ذلك حالات كثيرة جدا، بمعنى أن الحياة لا تتوقف في أي مكان حتى في مناطق الحروب وعلى حواف البراكين، ولذا علينا أن لا نسأل فيما إذا كان ما تنشره المجلات والصحف غير صحيح أم أن تصوراتنا لما نظنه حقيقة هو غير الصحيح والمليء بالمغالطات الصادمة !
طيلة الشهور الماضية ونحن نتابع تطورات الوضع السوري، كنت أتساءل عن ماهية البراميل المتفجرة؟ كانت الأخبار تمر على العنوان مرور الكرام، مجرد براميل متفجرة، ولم تثر ثائرة الغرب عليها رغم بشاعتها التي لا تقل عن بشاعة الأسلحة الكيماوية وقنابل النابالم والعنقودية المحرمة، لم تنتفض أميركا كما جن جنونها لضم جزيرة البلقان الى روسيا، كانت البراميل في ظني شيئا بشعا، لكنها كأي سلاح قاتل إلى أن قرأت ما كتبته الكاتبة سمر يزبك على صفحتها في الفيسبوك حول البراميل الأسدية، فأيقنت أننا لا نعرف مما يحدث في سوريا سوى أخبار التلفزيون والصحف..
تلك ليست كل الحرب ولا كل الحقيقة، فالناس يقولون الحقيقة بشكل أكثر صدقاً من أهل الإعلام المتخصصين أحيانا !!