اتفق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، على فتح صفحة جديدة للعلاقات الثنائية وإقامتها في ظل الاحترام وتوازن المصالح، بعد توتر شابها منذ سنوات واشتد قبل نحو 11 شهرا.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك أعقب محادثات ثنائية وموسعة بين الطرفين في مستهل زيارة للرئيس الفرنسي تدوم 3 أيام.
وقال تبون: "تطرقت مع الرئيس ماكرون إلى جل مواضيع التعاون الثنائي وسبل تعزيزها بما يخدم مصالح البلدين ويضمن إعطاء دفعة نوعية للعلاقات وذلك تكريسا للتوجه الجديد المتفق عليه المبني على إقامة شراكة استثنائية شاملة في ظل الاحترام وتوازن المصالح بين البلدين".
وأشار إلى أنه أجرى محادثات" بناءة مع الرئيس الفرنسي بالصراحة المعهودة تنم عن خصوصية العلاقات بين بلدينا وعمقها، كونها تشمل جميع المجالات انطلاقا من الذاكرة مرورا بالتعاون التقني والاقتصادي".
من جانبه قال ماكرون، إنه "منخرط فيما قاله الرئيس الجزائري، بعناية فائقة لكلماته"، مشيرا إلى أنه من أبرز أهداف زيارته هو "التطلع المشترك إلى المستقبل".
وأضاف أن الجانبين "قررا النظر ومواجهة وفتح صفحة جديدة للعلاقات الثنائية".
وأردف ماكرون: "نعيش لحظة فريدة آمل أن تسمح لنا بالنظر للمسألة بتواضع وصدق، وليس لنا أن نتخلص من هذا الماضي، إنه أمر مستحيل، لأن الامر يتعلق بأرواح وأيضا بتاريخنا".
وأضاف: "لكن أيضا مسؤوليتنا أن نتطلع للمستقبل من أجلنا ومن أجل شبابنا".
وأعلن ماكرون، عن "إنشاء لجنة مشتركة تضم مؤرخين من البلدين لدراسة الأرشيفات حول الاستعمار وحرب الاستقلال".
وقال: "لدينا ماض مشترك معقد ومؤلم وقد قررنا معا إنشاء لجنة مؤرخين مشتركة من أجل النظر في كامل تلك الفترة التاريخية (..) منذ بداية الاستعمار إلى حرب التحرير دون محظورات".
ويمثل ذلك، موافقة فرنسية على طلبات الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، الذي يؤكد في كل مناسبة أن الماضي الاستعماري لفرنسا لا ينحصر في فترة ثورة التحرير (1954-1962) وإنما من أول يوم للاحتلال الموافق لـ 5 يوليو 1830 وفق مراقبين جزائريين.
وشكك ماكرون في 30 سبتمبر من العام الماضي، بوجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي (1830-1962) واتهم النظام السياسي الجزائري القائم بأنه "يستقوي بريع الذاكرة".
وردت الجزائر في 2 أكتوبر (بعد يومين) بسحب سفيرها لدى باريس للتشاور، واستمرت القطيعة 3 أشهر، وحظرت مرور الطائرات الفرنسية العاملة بمالي، قبل أن تستأنف الاتصالات تدريجيا أواخر يناير/كانون الثاني من العام الجاري.
ويرافق ماكرون في زيارته الثانية إلى الجزائر خلال 5 سنوات وفد مكون من 90 شخصية، بينهم وزراء ورجال أعمال ومثقفون مختصون في تاريخ البلدين، فيما تخلف حاخام فرنسا الكبير حاييم كورسيا عن الزيارة، بعد ظهور نتيجة فحص كوفيد-19 الخاص به إيجابية، وفق وسائل إعلام فرنسية.
ويقول محيط الرئيس الفرنسي إنها زيارة موجهة للشباب، وتهدف لتجاوز القطيعة والتوتر الذي ساد بين البلدين منذ قرابة السنة.