أحدث الأخبار
  • 12:32 . الإسرائيليون يشيدون "بدكتاتورية" أبوظبي في قضية "الإمارات 84"... المزيد
  • 11:59 . بريطانيا تعلن استئناف تمويل الأونروا... المزيد
  • 11:49 . إعلام: الخلل التقني العالمي كان تأثيره هامشياً على الإمارات... المزيد
  • 11:41 . إصابة سفينة شحن في خليج عدن بصاروخين أطلقهما الحوثيون... المزيد
  • 10:41 . الخلاف "الإماراتي - السعودي" على الياسات: نزاع حدودي أم صراع السلطة والنفوذ؟... المزيد
  • 07:44 . الإمارات تُعلن العودة إلى الوضع التشغيلي الطبيعي بعد الانقطاع التكنولوجي العالمي... المزيد
  • 02:34 . تحذير لمرضى السكري.. كيف تضر مدة النوم بصحتك؟... المزيد
  • 10:38 . "مصدر" تطرح سندات على شريحتين بمليار دولار... المزيد
  • 10:37 . سلطنة عُمان تكشف هوية مرتكبي حادثة إطلاق النار قرب مسجد في مسقط... المزيد
  • 10:28 . رئيس الدولة يؤكد لـ"البرهان" دعم المبادرات لإنهاء الأزمة في السودان... المزيد
  • 10:28 . شركة سعودية تتعاون مع ترامب لبناء ناطحة سحاب في دبي... المزيد
  • 10:22 . أسفر عن سقوط قتيل وإصابة 10 آخرين.. الحوثيون يتبنون هجوما في تل أبيب... المزيد
  • 10:21 . تبون يقدم ترشحه رسميا للانتخابات الرئاسية الجزائرية... المزيد
  • 09:42 . الدفاع المدني بغزة: الاحتلال الإسرائيلي يستخدم أسلحة "تشوّه الجرحى وتبتر أطرافهم"... المزيد
  • 09:41 . تعاون بين "أدنوك" و"نافس" لتوفير 13.5 ألف وظيفة للمواطنين... المزيد
  • 08:22 . الوزراء الجدد يؤدون اليمين الدستورية أمام رئيس الدولة ونائبه محمد بن راشد... المزيد

الخلاف "الإماراتي - السعودي" على الياسات: نزاع حدودي أم صراع السلطة والنفوذ؟

خاص – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 20-07-2024

  • ما جذور الخلاف بين الإمارات والسعودية؟

يعود الخلاف إلى ما قبل أكثر من 220 عاماً عندما اندلع بين أبوظبي والدولة السعودية الثانية على "واحة البريمي" الواقعة على الأرض العمانية؛ لتحديد تبعية الواحة.

  • كيف عملت السعودية على سحب محمية "الياسات" من الإمارات؟

عقب تأسيس الاتحاد رضخت أبوظبي للسعودية، وتنازلت عن شريط ساحلي بطول 50 كيلومتراً كان يربط أبوظبي بقطر، مقابل الاعتراف بالإمارات.

يقدم التقرير قراءة تاريخية للخلافات الإماراتية – السعودية من الفترة التي سبقت تأسيس الاتحاد:

للعلن وبشكل نادر؛ يخرج الخلاف الحدودي بين الإمارات والسعودية، ويتصدرّ الأحداث الخليجية والعربية، بعد رسالة رسمية وجّهتها المملكة في 18 مارس الماضي للأمين العام للأمم المتحدة حول إعلان أبوظبي "الياسات" منطقة إماراتية بحرية محمية، معتبرة أن ذلك يتعارض مع القانون الدولي وأنها لا تعتدّ ولا تعترف بأي أثر قانوني له.

ورغم أن الحديث حول وجود خلافات بين البلدين، يظل عند مستوى التداول الإعلامي، وعادة ما يتم تبديده عبر لقاءات رسمية بين الطرفين، أو تصريحات علنية تنفي وجودها، لكن التطور الأخير كشف جانبا مهما عن مستوى العلاقات بين الجارتين الخليجيتين، كما أبرز ما يمكن وصفه بـ"التنافس المبطن" أو "التنازع على الريادة الإقليمية".

كيف بدأت الخلافات الحدودية؟

تعدّ الخلافات الحدودية بين الرياض وأبوظبي حاضرة ‏غائبة، إذ تظهر للعلن بين الحين والآخر، خاصة عندما ‏يتعلق الأمر بالثروة النفطية الكامنة تحت تراب المنطقة، ويعود أصلها إلى واحة البريمي الحدودية، التي كانت ‏مقسّمة بين عُمان وأبوظبي أثناء الاحتلال البريطاني، بينما تطالب الرياض بالمنطقة التي تعدّ أبرز واحات شبه الجزيرة العربية.

وفي ظل الخلاف في الرؤى بين البلدَين الخليجيَّين، وفي خضمّ الظروف الحالية، ربما استعادت الأذهان بعضاً ممّا دار قبل أكثر من 220 عاماً، عندما اندلع الصراع بين أبوظبي والدولة السعودية الثانية على الأرض العُمانية، لتحديد تبعية الواحة التي أصبحت منذ ذلك الحين ساحة معركة جديدة.

وفي خمسينيات القرن المنصرم، تجدد الخلاف حول الواحة مع اكتشاف النفط بعد الحرب العالمية الثانية، ودخول أمريكا وبريطانيا على الخط، وتحديداً عندما بدأت المناوشات عام 1949، وتطورت في بعض الأحيان إلى نزاع محدود شاركت فيه بعض القوات العسكرية، ويُرجع البعض إليه مسألة التنافس الشديد بين البلدَين.

وربما تمثل الواقعة التاريخية التي دارت رحاها قبل تأسيس الاتحاد الإماراتي بعدة سنوات صراعاً من نوع خاص، حيث ظلت عالقة في الأذهان لم تنسها دوافن الأطراف المتصارعة، حتى وإن تناستها الدبلوماسية والتوجُّه السياسي.

وسرعان ما تطور هذا النزاع ليشمل سلطنة عُمان التي شكّلت رفقة الإمارات بعد التأسيس ساحلاً متصالحاً، يمثل الجهة المقابلة لـ"الشقيقة الكبرى" في الحصول على أقصى حقوق ممكنة تقبع أسفل رمال "البريمي"، التي أعلنت السعودية ملكيتها لها وما حولها من أراضٍ غنية بالثروات النفطية الهائلة، متجاوزة -بحسب تقارير ووثائق تاريخية- خط الحدود السعودية المرسّمة عام 1935، والذي يُعرف إعلاميًاً بـ"خط الرياض".

حينها قام الجيولوجيون التابعون للشركة العربية الأمريكية للنفط (أرامكو) بتخطي هذه الحدود دون العودة إلى شركاء الساحل المتصالح في عُمان والإمارات، في محاولة هي الأولى من نوعها، وأعقبها محاولة أخرى تستهدف استمالة قبائل المنطقة. ومع تعقد الأمور أكثر، لم تُحل بالطرق السلمية، وبدأت الغزوات العسكرية في الواحة التي تتكون من 9 قرى متجاورة.

أحد حقول النفط التابعة لأرمكو السعودية خلال أربعينات القرن الماضي

لكن القضية الخليجية الشائكة على الساحل الجنوبي الشرقي للخليج العربي لم يتم تناولها أبدًا بشيء من العدل، ففي كل مرة كانت المصلحة المتحيزة لطرف من الأطراف هي الغالبة، وذلك في رأي الكاتب "جي بي كيلي"، فالصراع كما صوَّره في كتابه "الحدود الشرقية لشبه الجزيرة العربية" حمل صوراً مختلفة أبرزها جمع الشركات البترولية الأمريكية والبريطانية المتنافسة على الساحل المتصالح.

معضلة أخرى كانت تلوح في الأفق، ودفعت الأمور إلى ذلك الصراع الغامض، تتجسّد في أن الحدود بين السعودية التي أُعلنت رسمياً عام 1932، لم تُرسَّم مع كل من المشيخات المتصالحة مع الإمارات وسلطنة مسقط وعُمان في السلطنة الحالية.

على الرغم من ذلك، كانت الأمور لا تزال هادئة، فلا أحد من أصحاب الحق يطالب بأسهمه في الواحة الحدودية النفطية، لكن بإعلان السعودية ملكيتها الكاملة لواحة البريمي، ومحاولة استمالة قبائلها من بني نعيم وبني جابر والنجدة والظواهر، صار من الحتمي مطالبة بريطانيا بالحقوق القانونية للساحل المتصالح.

في ذلك الوقت، طالبت سلطنة مسقط وعُمان بحقها في الواحة التي على حدودها مع أبوظبي، خاصة بعدما اتفق الجانبان في وقت سابق على أن السيادة مجزّأة بين السلطنة والمشيخة في الإمارات قبل الاتحاد، في حين أقرّت أبوظبي أن إعلان السعودية بملكية الواحة شمل أخماس أراضي أبوظبي في البريمي، الأمر الذي دفع قطر هي الأخرى للدخول على خط النزاع مع جيرانها من دول الخليج.

لكن منذ إشهار الدولة السعودية الأولى، كانت واحة البريمي وقبائلها المتناثرة في الموقع الوحيد الآهل في دائرة قطرها 100 كيلومتر، تدين بالولاء للسعودية بالقوة الناعمة، وأحياناً باستخدام بعض الحملات العسكرية.

منذ ذلك الوقت، ظلت البريمي في نظر قادة الدولة السعودية، سواء كانت الأولى أو الثانية أو الثالثة، لها أهميتها الواسعة، باعتبارها عمقاً استراتيجيّاً للسعودية على الساحل الجنوبي للخليج العربي، لا يجب التخلي عنه في أي وقت من الأوقات.

المؤسس الراحل زايد بن سلطان آل نهيان يراقب تدفق النفط من أحد الآبار الحديثة - الصورة قبل تأسيس الاتحاد

ماذا بعد قيام الاتحاد الإماراتي؟

لكن ومع قيام الاتحاد بين إمارات الدولة السبع، احتاجت الدولة الناشئة، إلى اعتراف من محيطها، فلجأت إلى السعودية، حيث خاضت الإمارات مباحثات عصيبة لانتزاع الاعتراف السعودي بها، حيث اضطر مؤسّسو الدولة للتخلّي عن شريط ساحلي بطول 50 كم، وهو الشريط الفاصل بين الإمارات وقطر. وبناءً عليه، وقّع البلدان اتفاقية الحدود عام 1974، وقد عرفت بـ "اتفاقية جدة" نسبة إلى مكان توقيعها.

اتفاقية جدة

قبلت الإمارات آنذاك بهذه المفاوضات، ضمن سياسة النأي بالنفس التي كان ينتهجها الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان، ونصّت الاتفاقية على تنازل السعودية عن مطالبتها بحقل البريمي الواقع بين سلطنة عُمان والإمارات، والغني بالنفط، في مقابل أراضٍ أخرى لا تقلّ أهمية في مخزونها النفطي، أبرزها حقل شيبة الذي يطفو فوق بركة نفطية هائلة.

وفي الحقيقة دائماً ما عبرت الإمارات عن عدم رضاها عن معاهدة جدة، حيث أدت التناقضات بين الاتفاق الشفهي والنص النهائي إلى توترات متكررة بين الدولتين.

وتعليقا على تلك الفترة، قالت الكاتبة والأكاديمية نورة صابر المزروعي في كتابها "النزاعات الحدودية والعلاقات الدولية في الخليج": بعد انسحاب بريطانيا كان الشيخ زايد وحيداً دون موارد كافية لمقاومة القوة السعودية –بعد تهديد الرياض بالحل العسكري عام 1973- لذلك لم يتمكن من التفاوض على قدم المساواة لذلك كانت معاهدة جدة معاهدة غير متكافئة حققت فيها السعودية مكاسب كبيرة على حساب الإمارات".

وأضافت: "من وجهة النظر السعودية، أدت المعاهدة إلى إنهاء نزاع إقليمي طويل الأمد بشكل مرض، باستثناء الحدود البحرية، التي تركت دون تحديد. لكن من وجهة النظر الإماراتية، كانت المعاهدة بمثابة كارثة".

وأشارت إلى أنه "وقبل أن يجف الحبر، شرع الشيخ زايد في حملة شاقة وغير مثمرة في نهاية المطاف لإقناع السعوديين بمراجعة بعض المواد الواردة فيها". مضيفة: كان نهج الشيخ زايد متحفظًا وصبورًا، وتم إجراؤه خلف أبواب مغلقة، مما دفع العالم الخارجي إلى الاعتقاد بأن معاهدة جدة قد حلت في الواقع النزاع الحدودي بين الإمارات والسعودية".

الملك خالد بن عبدالعزيز يستقبل المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان عام 1970 - الصورة من مكتبة الملك فهد الوطنية

مثالب اتفاقية جدة!

يتركز الخلاف حول ثلاث مواد من معاهدة جدة، هي (3، 4، 5، 6) مرتبطة بمنطقتي جنوب ليوا (زرارة/الشيبة)، وخور "العديد"، والحدود البحرية.

وبحسب مؤرخين، فقد تنازلت الإمارات في اتفاقية جدة أكثر بكثير من المطلوب، والذي يظهر في خريطة أعدتها وزارة البترول الإماراتية في عام 1976 أن السعودية حصلت على امتيازات أكثر في عام 1976 مما كانت عليه في عام 1974.

خلاف حقل زرارة/الشيبة

حسب الاتفاقية فإن 80% من منطقة زرارة تقع في الأراضي السعودية و20% فقط في أراضي أبوظبي. وتستغل السعودية بالكامل الحقل منذ 1998 وترفض تماماً أي إمكانية للإمارات لاستغلاله، وتوقفت تحركات أبوظبي الهندسية للتنقيب والعمل في مساحتها الـ20% في عام 2010.

ويضم حقل الشيبة احتياطيا مثبتا يبلغ حوالي 15 مليار برميل من النفط وربما 2,4 مليارات برميل إضافية بحسب تقديرات غير مثبتة. كما تضم 650 مليون متر مكعب من الغاز. ومن المهم ملاحظة أهمية هذا الحقل، الذي ينتج حوالي 550 ألف برميل من النفط يومياً.

خور "العديد" والحدود البحرية

كان الوضع في خور العديد الذي يربط الإمارات بقطر غامضاً حتى 1976 عندما منعت السعودية شركة بناء من تنفيذ اتفاق طريق سريع بين الإمارات وقطر بحجة أنها تعمل في أراضٍ سعودية. ومع ذلك استمر الطريق البري بين أبوظبي وقطر حتى التسعينات. وأكدت مصادر عسكرية إماراتية أنه خلال التسعينيات اتخذت الحكومة السعودية خطوتين للتأكيد على تواجدها الشرقي الحدود:

أولاً: دفعت الحكومة السعودية أموالاً للقبائل السعودية للانتقال إلى القرب من خور "العديد"، وادعت أنهم كانوا يعيشون هناك لفترة طويلة.

ثانياً: قام السعوديون ببناء بنى تحتية عسكرية مختلفة بالقرب من مدخل جديد لدخول السلع بالغويفات.

ويبدو أن الإمارات تخلت عن المطالبة بالطريق البري الذي يربطها بقطر، وتركز على الحقل النفطي والحدود البحرية.

في الحدود البحرية تشترط المادة 5 من معاهدة جدة أن "يقوم الطرفان في أقرب وقت ممكن بتعيين الحدود البحرية بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة". ولعدة أسباب لم يحدث هذا مطلقاً.

في 2009 دعت السعودية الإمارات إلى تنفيذ المادة 5 من المعاهدة، وردت الإمارات بأن المادة لم يعد من الممكن تنفيذها، وكررت الإمارات موقفها الذي مفاده أن العديد من المواد من معاهدة جدة، بما في ذلك المادة 5، بحاجة إلى تعديل.

يذكر أن الإمارات ليست ملزمة بالامتثال للمطالبة السعودية بتعيين الحدود البحرية، لأنها ليست عضواً في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

وكان لاتفاق الرياض والدوحة على ترسيم الحدود البحرية في 2008 نقطة تعارض مع المادة 5 من معاهدة جدة بين أبوظبي والسعودية. وقدمت الإمارات للأمم المتحدة اعتراضاً حولها باعتبار أنه يتعارض ومعاهدة أبوظبي وقطر في 1969م وهي اتفاقية ترفض السعودية الاعتراف بها.

تولي خليفة الحُكم

في العام 2004، تولّى الراحل الشيخ خليفة بن زايد الحكم، ومعه دخلت البلاد في مرحلة جديدة، واعتبر خليفة في حينه أن "اتفاقية جدّة" ظالمة ووقّعت بظروف استثنائية، لتُطلق أبوظبي حملة دبلوماسية عامة لدفع السعودية لإعادة فتح القضية، والدعوة لترسيم الحدود وحل الخلاف حول آبار النفط، لكن الأمور لم تحلّ، بل ازدادت سوءاً.

كيف تطوّر الخلاف؟

مع وصول المساعي إلى طريق مسدود، أعلن الشيخ خليفة بن زايد في يناير 2005، منطقة "الياسات" محمية إماراتية بموجب المرسوم الأميري رقم 33، على أن تدار من قبل هيئة البيئة في أبوظبي.

"الياسات"

وتقع منطقة "الياسات" في أقصى جنوب منطقة الخليج العربي، وتتكون من 4 جزر (الياسات العليا، والياسات السفلى، وعصام، وكرشا) مع المياه المحيطة بها والعديد من الجزر الصغيرة، كما تعتبر موطناً لأكثر من 200 نوع من الأسماك، و13 نوعاً من الثديات البحرية، وتشتهر بالشعاب المرجانية والأعشاب البحرية والشواطئ الرملية والمنحدرات الصخرية.

وتتمتّع المنطقة أيضاً بأهمية تاريخية؛ إذ تحتوي على مواقع أثرية، وتكتسب مكانة ثقافية ترتبط بمواقع صيد اللؤلؤ المنتشرة فيها.

سياسة الأمر الواقع

عام 2006، وصل السجال إلى ذروته، إذ أصدرت الإمارات خرائط جديدة تظهر أراضي تقول السعودية إنها تتبعها، على أنها جزء من الإمارات. ضمّت الخرائط خور "العديد" إلى إمارة أبوظبي، ومدّت الحدود في منطقة الربع الخالي لتصبح ملكية 80% من حقل الشيبة تابعة للإمارات، في محاولة لفرض سياسة الأمر الواقع.

ليجيء الردّ السعودي عبر خطوات عدّة، حيث منع دخول الإماراتيين للمملكة باستخدام بطاقة الهوية عوضاً عن جواز السفر، وعرقل حركة المرور البري بين البلدين، كما عرقل مشروع الجسر بين الإمارات وقطر والذي يمرّ بأراضيها.

عام 2010، كادت العلاقات أن تصل إلى حدّ القطيعة، بسبب حادثة إطلاق زورقين إماراتيين النار على زورق تابع لحرس الحدود السعودي واحتجاز اثنين من أفراده في منطقة خور "العديد".

الربيع العربي والخلاف

وقد بقي التوتر مستمراً إلى أن جاء الربيع العربي أواخر عام 2010، ليشهد الحديث حول النزاع الحدودي تراجعاً وتبدلاً للحسابات، مع اتفاق الدولتين على التهدئة لمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية.

وهو ما كان عليه الأمر منذ 1979 وحتى التسعينات حيث كانت دول مجلس التعاون الخليجي تواجه تهديدات أمنية من قيام الثورة الإيرانية إلى الحرب العراقية-الإيرانية، واجتياح صدام حسين الكويت.

تجدد الخلاف

لكن مع حلول عام 2019، عادت الخلافات لتطفو على السطح من جديد؛ إذ اتخذت الإمارات خطوةً تصعيدية جديدة في مارس، وأصدرت المرسوم الأميري رقم 4 لسنة 2019 بشأن توسيع منطقة "الياسات" المحمية البحرية، بأكثر من أربعة أضعاف، ما زاد مساحتها الإجمالية من 428 كيلومتراً مربعاً إلى 2256، وألغت بذلك المرسوم السابق عام 2005.

على جبهة أخرى، أشعلت هجمات الحوثيين في أغسطس 2019 على حقل الشيبة استعار الأزمة، مع تلويح الإمارات بأن الهجمات لم تكن لتحدث لو كان الحقل تحت سيطرتها.

احتجاج السعودية

بعد خمس سنوات من القرار، توجّهت السعودية مؤخرا إلى الأمم المتحدة لشكوى الإمارات. والتي تعد خطوة مفاجئة، وتبرز تساؤلات عن سبب توجّه الرياض إلى أعلى هيئة دولية بدلاً من توجّهها إلى البيت الخليجي أو حتى العربي لحلّ الخلاف. لكن سياقها لا يبدو مستغرباً، بل يكشف جانباً من الصراع الخفي تحت الطاولة حول ملفات عدّة.

تصف صحيفة "وول ستريت جورنال"، البلدين بالـ"الأصدقاء الأعداء". وتقول إن العلاقات بين السعودية والإمارات تدهورت لدرجة دفعت ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لوصف المسؤولين في الدولة الخليجية الجارة بأنهم "طعنونا في الظهر". وتضيف أن محمد بن سلمان أخبر مجموعة من الصحفيين، في ديسمبر 2022، بأن المملكة مستعدة لاتخاذ "إجراءات عقابية" إزاء الإمارات وستكون "أسوأ مما فعلت بقطر".

على الخط نفسه، يرى تحليل لمجلة "فورين بوليسي"، أنه خلف التحالفات القوية "صراع هادئ" بين الدولتين، إذ تتنافس الرياض مع أبوظبي على "قيادة العالم العربي"، وتخوضان "منافسة جيواقتصادية نشطة بأبعاد متعدّدة" مع بدء العالم في الابتعاد عن النفط.

وبحسب محللين فإن أبرز نقاط الخلاف بين الإمارات والسعودية تتلخص بالنقاط التالية:

أولاً: خلافات تاريخية تتعلّق بترسيم الحدود البرية والبحرية وآبار النفط، ومن بينها حقل شيبة.

ثانيا: حرب اليمن والتباينات العسكرية والسياسية الناجمة عنه، ومن بينها المجاميع المسلحة التي تدعمها كل دولة.

ثالثا: الحرب بالوكالة في السودان ضمن صراع على النفوذ، فتدعم السعودية الجيش الحكومي بينما تدعم الإمارات قوات الدعم السريع.

رابعا: التباين في سياسات الإنتاج النفطي، ومن بين ذلك الخلاف الحاد داخل أوبك بين زيادة الإنتاج وتخفيضه.

خامسا: رفض الإمارات لمقترح السعودية استضافة البنك المركزي لمجلس التعاون الخليجي وانسحابها من اتفاقية الوحدة الخليجية النقدية، ما أدى إلى تعطيل توحيد العملة وإقامة بنك واحد.

سادسا: التنافس المخفي على النفوذ والمكانة العالمية، فقد انتهجت الإمارات سياسة تصفير الأزمات وتبعتها السعودية بخطوات مماثلة تجاه سوريا وتركيا وإيران واليمن وكانت قد بدأت مفاوضات لتطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، على خطى حليفتها اللدودة.

سابعا: التنافس على الزعامة في مجالي الاقتصادي والاستثمار بهدف تنويع مصادر الدخل وتخفيف الاعتماد على عائدات النفط، ومن بين ذلك التنافس في استضافة الشركات والطيران والسياحة.

مستقبل الخلاف وتأثيراته.. إلى أين.

على الرغم من أن بعضهم يحاول التخفيف من وطأة انعكاس الخلاف الحدودي البحري بين السعودية والإمارات على العلاقات بين البلدين، والاكتفاء بوضعه في خانة "الاختلاف" وليس "الخلاف"، يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لندن فواز جرجس أن اتجاه السعودية إلى الأمم المتحدة "يدلّ على حجم الفجوة التي بدأت تتسع بين البلدين"، وأن عدم قدرة الدولتين على حلّ هذا الخلاف الحدودي البحري يدلّ كذلك على أن العلاقة الوطيدة بينهما لم تعد بالصلابة التي كانت عليها سابقاً.

ويضيف جرجس لـ "بي بي سي" أن العلاقة بين البلدين تمرّ بمرحلة ضبابية، ويرى أن هذا التوتر في العلاقة لا يخدم مصلحة أي منهما وسيلقي بتداعياته على مجلس التعاون الخليجي، على اعتبار أنهما يشكلان عصب المجلس، وبالتالي فإن توتر العلاقة سيؤدي إلى نوع من عدم التجانس وعدم قدرة المجلس على تفعيل الملفات المهمة.

وبحسب تقدير جرجس، فإنّ القيادتين ستحاولان "ردم الفجوة مباشرة بينهما في المدى المنظور لوجود مصالح مشتركة وعلاقة استراتيجية بين البلدين، و"الغيوم المتلبدة في سماء العلاقات الثنائية يمكن أن تكون عابرة ولن تدوم".

فهل يتطوّر الخلاف الإماراتي - السعودي إلى نزاع؟ وإلى أين يمكن أن يصل بين البلدين؟