أصدرت حكومة الإمارات مرسوماً بقانون اتحادي لتعديل بعض أحكام قانون الجرائم والعقوبات، في خطوة تهدف، إلى تعزيز حماية المجتمع وصون حقوق الفئات الأكثر ضعفاً، وتطوير منظومة العدالة بما يتماشى مع المستجدات الاجتماعية والأمنية.
وأكدت الحكومة وفق بيان رسمي نقلته وكالة أنباء الإمارات "وام"، أن التعديلات الجديدة تتيح للقضاء إجراء تقييم شامل للمحكوم عليهم في بعض الجرائم الخطيرة خلال الأشهر الستة الأخيرة من مدة العقوبة، من خلال الفحوص الطبية والنفسية والاجتماعية، وذلك لإعداد تقييم دقيق للخطورة الإجرامية واستناداً إلى التاريخ والسلوك والنتائج المهنية المعتمدة.
كما تتيح التعديلات للنيابة العامة طلب اتخاذ تدابير احترازية بعد انتهاء العقوبة الأصلية إذا ثبتت خطورة المحكوم عليه، بما يشمل الإيداع في مراكز التأهيل أو المآوي العلاجية أو الخضوع للمراقبة الإلكترونية، مع إخضاع هذه الإجراءات لتقدير المحكمة.
تشمل التعديلات أيضًا إمكانية إيقاف تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية في بعض الجرائم الماسة بأمن الدولة، شرط التزام المحكوم عليه بالشروط المفروضة من المحكمة، مع إمكانية إعادة تنفيذه إذا خالفها.
وشملت التعديلات تشديد العقوبات على الجرائم الجنسية، والتحريض على الفجور أو الدعارة، وحماية القاصرين من أي استغلال جنسي، حيث نص القانون على السجن لمدة لا تقل عن 10 سنوات وغرامة مالية لكل من أتم الثامنة عشرة من عمره وارتكب اعتداءً جنسياً بحق شخص دون 18 عاماً، مع مراعاة تطبيق قوانين الأحداث على من هم دون سن الثامنة عشرة.
ووصفت الحكومة هذه الخطوة بأنها ركيزة أساسية في مسيرة التطوير التشريعي، وتعكس التزام القيادة بتعزيز الأمن المجتمعي وحماية الفئات الضعيفة ضمن منظومة قانونية حديثة وفعالة.
وتسعى الحكومة من خلال التعديلات الجديدة، وفق تصريحاتها، إلى الموازنة بين حماية المجتمع وتعزيز الردع من جهة، وتوفير فرص الإصلاح وإعادة الدمج للمحكوم عليهم من جهة أخرى، فيما يواصل المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية مراقبة مدى توافق هذه الإجراءات مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
الانتقادات الحقوقية
لكن هذه التعديلات تأتي في وقت تواجه فيه الإمارات انتقادات حقوقية مستمرة بشأن قانون الجرائم والعقوبات الأصلي، ولا سيما في مسألة حرية التعبير والإعلام الرقمي.
وتشير منظمات حقوق الإنسان إلى أن بعض مواد القانون فضفاضة وتتيح معاقبة أي انتقاد للحكومة أو رموزها، بما في ذلك عبر الإنترنت، مما يقيد الحريات الأساسية ويخالف المعايير الدولية.
وتعرض القانون أيضاً لانتقادات فيما يتعلق بـقانون الجرائم الإلكترونية، الذي يمنع أي نقد للحكومة ويعاقب من يتهم بالإساءة أو السخرية من الدولة، ويحظر نقل معلومات للمنظمات الحقوقية الدولية إذا كانت من شأنها الإضرار بسمعة الدولة.
ولفتت تقارير حقوقية إلى أن العقوبات المفروضة على نشطاء حقوق الإنسان كانت قاسية وغير متناسبة، مع ذكر أمثلة بارزة تشمل، معتقلي الرأي أحمد منصور، وناصر بن غيث، وعبد الرحمن النحاس، ومريم البلوشي، والعشرات من معتقلي الرأي الذين لا يزالون يقبعون خلف السجون ويتعرضون لمحاكمات وأحكام جديدة على الرغم من انتهاء محكومياتهم.
وترى منظمات حقوقية أن تعديلات قانون الجرائم والعقوبات لعام 2022 عززت القيود على الحريات، مما يزيد من المخاوف حول تأثيرها على الحقوق الأساسية، والتجمع السلمي، وحرية التعبير، وتكوين الجمعيات.