أحدث الأخبار
  • 12:51 . "أدنوك للإمداد" توقع عقوداً لبناء 23 ناقلة عملاقة... المزيد
  • 12:26 . جماهير باريس سان جيرمان تتضامن مع فلسطين ووزير الداخلية الفرنسي يحتج... المزيد
  • 12:12 . آمال إسرائيلية بصفقة أسرى قبل تسلم ترامب السلطة... المزيد
  • 11:57 . أبطال أوروبا.. سان جرمان يتعثر أمام أتلتيكو وأرسنال يسقط في ملعب إنتر ميلان... المزيد
  • 11:41 . تقرير: طلبة في الإمارات يقاطعون الدراسة يوم الجمعة... المزيد
  • 11:05 . ولي العهد السعودي يجري اتصالاً هاتفياً بترامب لتهنئته... المزيد
  • 10:59 . العين يقيل مدربه كريسبو عقب النتائج السيئة... المزيد
  • 10:52 . هل يمكن أن يمنح ترامب الفلسطينيين حقهم؟... المزيد
  • 09:29 . مشروع إماراتي علمي جديد للأبحاث القطبية... المزيد
  • 08:57 . أبوظبي تستضيف الاجتماع الدوري لرؤساء البرلمانات الخليجية... المزيد
  • 08:55 . كيف يؤثر فوز ترامب على سعر الدرهم الإماراتي؟... المزيد
  • 07:58 . الإمارات وأستراليا توقعان اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة... المزيد
  • 06:58 . فوز ترامب يطيح بأسعار الذهب ويقفز بالدولار و"بتكوين"... المزيد
  • 06:34 . سقوط صاروخ في مطار بن غوريون يتسبب بوقف حركة الطيران مؤقتا... المزيد
  • 06:03 . حماس تعلق على فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية... المزيد
  • 03:32 . رئيس الدولة يهنئ ترامب بفوزه برئاسة الولايات المتحدة... المزيد

«داعش» باختصار

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 30-06-2015

ملأ تنظيم الدولة الإسلامية العالم توتراً بأعماله العنيفة، التي وإن كانت لا تزيد في عدد ضحاياها عن قصف أميركي واحد في اليمن أو العراق أو عن جريمة واحدة من جرائم الأسد أو أذناب إيران في سورية، إلا أن تسويقه لجرائمه بهذا الأسلوب السينمائي، وتوافق دول الغرب والشرق على توظيفه لتصفية حساباتهم وخدمة أجنداتهم جعل من هذا التنظيم نجماً عالمياً في سماء الإرهاب، تنكمش معه جرائم لم تعرف البشرية مثلها ترتكبها دول ومنظمات تابعة لها.
هذه النجومية أسهم في تحققها اختيار هذا التنظيم أهدافاً لم تكن ضمن خارطة الإرهاب التي نعرفها، مساجد شيعية في الخليج، ثوار إسلاميون في سورية، ومنتجعات سياحية في تونس، وتختفي جرائم هذا التنظيم عن أعداء الأمة المعروفين شكلاً ومضمونًا، سواء الكيان الصهيوني أو إيران ووكلائها أو حتى القوات الأميركية في المنطقة، هذه التصرفات الغريبة غذت نظرية المؤامرة حول هذا التنظيم، فكل طرف يدعي أن الأطراف الأخرى تموله وتدعمه لصالح أجنداتها، ولكن ما حقيقة وضع هذا التنظيم وتفاعلاته؟
من يدعي معرفة يقينية حول «داعش» هو واهم، وأشك حتى إن كان لدى قيادة هذا التنظيم فكرة واضحة حول نشأته وعلاقاته، ولكن في محاولتنا لبناء تصور نبني عليه أحكامنا هناك حقائق من الماضي لا بد أن نصطحبها معنا، بداية لا بد أن نقول إن هذا التنظيم لم يخرج علينا من فراغ فهو امتداد طبيعي لنكبة المجاهدين العرب في أفغانستان الذين وظفتهم حكوماتهم ثم حاصرتهم وسجنتهم وعذبتهم ودفعتهم إلى حالة التطرف التي أنتجت القاعدة، ثم جاء الاحتلال الأميركي للعراق ليغذي هذا التطرف ويتسبب في ظهور جناح أكثر تطرفاً في العراق تحت الزرقاوي ينمو على أنقاض الجيش العراقي المنهار والمحطم نفسياً فيستفيد من كفاءاته التي تبحث عن انتقام مباشر، ثم جاءت الثورة السورية وسقوط النظام في أجزاء واسعة منه لتمثل مساحة تمدد للتنظيم توفر له المقاتلين والمساحة الجغرافية والعتاد، وفي ظل هذه القصة الطويلة تشكلت الصورة الفريدة لتحالفات هذا التنظيم التي تبدو لأول وهلة مؤامرة عالمية لصناعة عدو وهمي.
حتى نفهم خريطة التحالفات هذه لا بد أن نعود إلى أصل النشأة، المجاهدون العرب في أفغانستان قبلوا بدعم المخابرات الأميركية والباكستانية وبعض العربية في جهادهم ضد السوفييت، ولا شك أنه بالنسبة لهم لم تكن هذه الأجهزة صديقة أو محببة، ولكنها كانت مصالح متبادلة في حينه، بعد انتهاء تلك المصالح تغيرت بوصلة العلاقات فأصبحت القاعدة التي تحارب الأميركان تستفيد من دعم المخابرات الإيرانية، واستضافت إيران العديد من قياداتهم ووفرت لهم المعلومات الاستخباراتية، كما حصلت على دعم المخابرات الباكستانية التي كانت توظف القاعدة في تحقيق أهداف محلية ودولية، اليوم يتبع تنظيم «داعش» نفس النمط من خلال استفادته من النظام السوري والاستخبارات الإيرانية وربما غيرها في سبيل الوصول إلى كيان مستقر في الشام والعراق يمكنه من فرض واقع جديد يضطر العالم إلى التعامل معه.
في تقرير نشرته جريدة الصباح التركية قبل أيام نقلت عن مصدر في المخابرات التركية أن ممثلين للنظام السوري وداعش اجتمعوا في سورية لتنسيق المواقف في القتال الدائر هناك، واتفقوا على تسليم داعش تدمر والسخنة، بما فيها من عتاد عسكري في مقابل استمرار داعش في بيع النظام النفط عبر المناطق التي يسيطر عليها، كما اتفقوا على أن يتولى داعش المعركة الميدانية في شمال حلب، بينما يوفر له النظام غطاء جوياً، ووعد النظام بالتنازل عن السويدة «الدرزية» أو السلمية «العلوية» لداعش في حال تمكن الأخير من دحر الثوار في الشمال، لكن التقرير نفسه يورد خلافات بين الطرفين حول الحسكة وغيرها، يشير ذلك كله إلى ما قلناه سابقاً، فلسفة هذه المجموعات لا تمانع من التحالف مع الشيطان لتحقيق مكاسب ميدانية، والشيطان بطبيعة الحال لا مانع لديه من توظيف داعش في مشاريعه.
تنظيم داعش من منظوره يواجه أربعة أخطار رئيسية، ثوار سوريا، حكومات الخليج، الأكراد المسلحون وتركيا، الثوار يمثلون مشروعاً منافساً لهم ميدانياً يحظى بقبول شعبي ويمثل صورة أنصع للجهاد الذي تحاول داعش اختطافه، لذلك تقبل داعش التنسيق مع النظام الذي تعرف أن أيامه معدودة مقابل التخلص من الثوار، الخليج يملك القدرة المالية لمحاربة داعش ويرى فيهم خطراً حاسماً لا بد من التخلص منه، ويدعم القوى التي تحارب داعش، ويشارك في قصفه، ولذلك قامت داعش باستهداف أمن الخليج سعياً، وراجع إشاعة الفوضى هناك لإشغال الخليج بنفسه عن محاربة داعش، الأكراد وتركيا يشكلون خطراً على حدود دولة داعش المفترضة، لذلك تطمح داعش لإيقافهم عند حدودهم وتجهز لحربهم.
ستبقى داعش صندوقاً أسود لزمن ليس باليسير، ولكن المهم هو ألا نسمح للمستفيدين من داعش بتصويرها كما ينفعهم ليرسموا لنا أدوارنا ومواقفنا في لعبتهم، داعش ابتلاء جديد نتج عن حالة الانهيار التي صنعها العدو الخارجي ووظفها المستبد العربي، ولن تهزم إلا بالوعي الشعبي والإصلاح السياسي.