يعرّف العلماء «ساعة القرف» بأنها الساعة التي تكون روحك فيها كما يعبر عنها العرب بعبقريتهم الشاعرية بقولهم: روحك في خشمك! كيف تكون الروح في الخشم؟ وكيف وصلت هناك؟ وهل انفلقت وأصبح كل فلق في منخر مختلف؟ ولماذا ومن أين جاء العرب بهذا التعبير اللطيف المرهف العميق؟ لا أعرف، لكن ما أعرفه أنني في كل يوم أمر بتلك الساعة، وهي الساعة التي تكون فيها روحي في خشمي.. جائع.. محبط.. عاطل عن العمل.. أشكو من جرح غائر في قلبي.. ويقول من يعرفني إنني أشكو من أمر آخر في رأسي.. ولكنكم مثلي تعرفون بأنهم كاذبون.. الحسد يا إخوان!
في تلك الساعة تكون مثل «هوز الحوش» وما أدراك ما هوز الحوش.. هوز الحوش يبقى ساكناً وهادئاً وتعلوه التربة، تنظر إليه وأنت تشعر بأنه مثل أي هوز بريء وهادئ، لكن بمجرد ضغطك عليه بشكل إضافي ينفجر مخرجاً كل ما في خزانه الصدئ من مياه.. تحاول أن تمسكه من الأمام فيتلوى كأفعى، تمسكه من الخلف فيفلت من الأمام، ليستمر في إلقاء ما في جوفه..
في تلك الساعة تلقيت اتصاله.. ألو! وكأي شخص يمر بساعة القرف تقول: نعم! لماذا نستخدم نعم العربية بدلاً من «ألو» مجهولة الأصل للدلالة على مرورنا بساعة القرف؟ سؤال لا أملك إجابته.. يستمر صوته اللاهث: أباك تخشني عندك في البيت.. مسوي مصيبة وأباك تساعدني!
هنا تتحول إلى «هوز الحوش» فبدءاً من تسميع «جدول الضرب» الذي تحفظه له، والذي أتحفظ عن نشر مكوناته خوفاً من رفض نشر المقال.. وانتهاء بتذكيره بأن قصة الرجل الذي ذبح خروفاً وذهب ليختبر أصدقاءه سخيفة وكاذبة، ضمن البروباغندا التي كان أهالينا يضحكون بها علينا كي لا نرابع «الشباب الدويخة»، وإلا ما هذه القصة السخيفة التي لا يفرق فيها البطل بين جسد قتيل و«خروف» جزيري! ثم ما هذه البشكارة التي تقف في وسط المقاتلين وتسمع لعباراتهم المليئة بالسجع؟ وكيف قطع البطل الطريق من مضارب بني عبس إلى منزل صديقه وهو يحمل «الطلي» على صدره.. يا عم بلا كلام فاضي!
المهم أن صديقك ينتظر عودتك إليه بعد الانتهاء من فاصل التحول للرجل الأخضر، ويبدأ بالشرح لك بصوت يملأه المخاط: كانت علي مخالفات مرورية عدة.. ومررت على الجهة المعنية التي قامت بتقسيطها لي بضمان شيكات متفرقة.. ولم أقم بتسديدها.. فتم التعميم علي.. واليوم أنا مطلوب للسجن بسبب مخالفات مرورية عدة أقصاها أنني لم أضع حزام الأمان! هل يرضيك هذا في الشهر الفضيل؟ علماً بأنني وخمسين مواطناً تم التعميم علينا!
إذا آويت صديقي في منزلي فقد ارتكبت مخالفة «إيواء مجرم».. وإذا لبسته الباب فقد رسبت في اختبار «التيس» الشهير.. فماذا فعلتُ يا ترى؟!
لن أخبركم بالطبع!
وكما أقول دائماً: ألم تسمعوا بالنهايات المفتوحة؟!