أحدث الأخبار
  • 12:28 . تعاون بين "أدنوك" و"أنبي" لتعزيز نمو القطاع الصناعي المحلي... المزيد
  • 12:27 . واشنطن تكشف تفاصيل أسلحة طلبتها السعودية... المزيد
  • 12:21 . الأمم المتحدة: لم يدخل أي غذاء إلى شمال غزة منذ بداية أكتوبر... المزيد
  • 12:19 . مباحثات سعودية فرنسية حول مستجدات الأحداث في المنطقة... المزيد
  • 11:03 . "حزب الله" يعلن استهداف مصنع متفجرات إسرائيلي جنوب حيفا بصواريخ نوعية... المزيد
  • 10:42 . تصفيات أمم إفريقيا.. مصر تقترب من التأهل وفوز تاريخي لجزر القمر على تونس... المزيد
  • 10:40 . "داماك" تستثمر مليار دولار بمراكز البيانات في تايلند... المزيد
  • 10:40 . عبدالله بن زايد يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات الأوضاع في المنطقة... المزيد
  • 10:39 . إيران تعثر على جثة جنرال في الحرس الثوري قُتل مع نصر الله... المزيد
  • 10:37 . مسؤولون أمريكيون: "إسرائيل" تتجه للرد على إيران بضرب أهداف عسكرية ومنشآت للطاقة... المزيد
  • 08:06 . لتحسين سمعة أبوظبي الحقوقية.. اتهامات بالغسيل الرياضي تلاحق رابطة كرة السلة الأميركي... المزيد
  • 08:04 . النائب العام يأمر بالتحقيق مع مواطن بسبب السفر إلى لبنان... المزيد
  • 06:25 . بنك الشارقة يُنجز إصدار صكوك بقيمة 750 مليون دولار لحكومة الإمارة... المزيد
  • 06:25 . النفط يتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية بدعم توترات الشرق الأوسط... المزيد
  • 06:24 . فرنسا تستدعي سفير الإحتلال بعد الهجمات على مواقع اليونيفيل في لبنان... المزيد
  • 06:23 . خبراء أمميون: غزة تشهد أقسى أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية... المزيد

الموقف العربي من العاصفة التركية على الإرهابيين في سوريا والعراق

الكـاتب : محمد زاهد جول
تاريخ الخبر: 07-08-2015


بالنظر إلى أن الغارات الجوية التركية التي تقصف الإرهابيين في سوريا والعراق، تقصف في دولتين عربيتين، فإن معرفة موقف الدول العربية من هذه الغارات ضروري، حتى لا تتم قراءة الحدث على أنه انتهاك لسيادة هذه الدول، أو عدوان عليها، مع العلم بأن تركيا كانت آخر الدول المشاركة في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، التي تشارك بطائراتها في هذه الغارات الجوية في سوريا والعراق، التي سبق لقوات التحالف الدولي قيامها بعشرات ألوف الطلعات والغارات الجوية على أهداف لتنظيم الدولة "داعش" في سوريا والعراق، بما فيها الطائرات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والإسبانية والإيطالية والكندية والأسترالية وغيرها من الدول الغربية والأوروبية، إضافة إلى غارات جوية عربية من السعودية والإمارات والأردن وغيرها، فكل هذه الدول الغربية والعربية قامت بغارات جوية وقصفت أهدافًا لتنظيم الدولة داعش في سوريا والعراق، بدأت من شهر آب/أغسطس 2014، ولكن تركيا امتنعت عن المشاركة في تلك العمليات العسكرية، حتى تكون هذه العمليات العسكرية جزءًا من خطة دولية لمعالجة أسباب النزاع والصراع في سوريا والعراق، وهو ما لم يتحقق حتى اقتنعت أمريكا بأن عدم المشاركة التركية كان له تأثيره السلبي على نتائج العمليات العسكرية لعام سابق، وهو الأمر الذي أصبح مثار تساؤل من الكونغرس الأمريكي للإدارة الأمريكية والبنتاغون، عن أسباب الإخفاق في تحقيق نتائج ملموسة بعد عام من قصف مواقع تنظيم الدولة في العراق وسوريا.

لقد اضطرت أمريكا بإدارة البيت الأبيض والبنتاغون إلى الجلوس إلى مائدة التباحث مع الحكومة التركية، لدراسة شروط مشاركتها في هذه العمليات العسكرية، وكان منها فرض منطقة آمنة في شمال سوريا، حتى لو كانت جزءًا من الشمال السوري وليس كله، لتكون ملاذًا آمنًا للاجئين السوريين الفارين إلى تركيا، وقد بلغ عددهم نحو مليوني لاجئ، إضافة إلى أن تطورات الوضع في سوريا بعد احتلال داعش لأراض واسعة من الدولة السورية، اضطرت اعدادًا اكبر إلى النزوح خارج سوريا، وتحول الشريط الحدودي شمال سوريا وجنوب تركيا إلى بؤرة توتر واعتداء على الأراضي التركية، دون معرفة الأسباب والأهداف الحقيقية وراء التنظيمات الإرهابية، التي اخذت بزيادة وتيرة اعتداءاتها على الأراضي التركية، سواء من تنظيم الدولة داعش، أو من تنظيم حزب العمال الكردستاني بكك، وتوابعه من الأحزاب السياسية الكردية في تركيا وسوريا، ومنها حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات حماية الشعب الكردية، التي هاجمت التركمان السوريين وطردتهم إلى تركيا في عملية تطهير عرقي للمناطق العربية والتركمانية السنية هناك، فاحتلت قراهم بحجة مقاتلة تنظيم الدولة داعش، وأخذت تعمل على إقامة كيان كردي بقوة السلاح، ورغمًا عن إرادة الشعب السوري، ورغمًا عن إرادة الدول المجاورة العربية وتركيا.

لذلك جاء التحرك العسكري التركي بعد أن استجابت أمريكا للشروط التركية أولًا، وبعد أن تجاوزت التنظيمات الإرهابية حدودها في الاعتداء على الأمن القومي التركي، وأصبحت هذه التهديدات محتملة للزيادة والخطر، نظرًا إلى ظن التنظيمات الإرهابية أن ظروف تركيا الداخلية، في ظل حكومة تصريف أعمال، وتأخر تشكيل الحكومة الائتلافية، هي ظروف مواتية للنيل من الكرامة الوطنية التركية، والضغط عليها لتستمع إلى مطالب الإرهابيين في داخل تركيا، إضافة إلى أنه من المحتمل أن تكون العمليات الإرهابية المكثفة في الاعتداء على تركيا في الآونة الأخيرة، هي جزء من مشروع تخريبي داخلي وخارجي، يهدف إلى ضرب مسيرة النهضة التركية، التي أخذت تنافس الدول الكبرى على مكانة مرموقة في السلم العالمي، وفي التقدم الصناعي والاقتصادي والسياحي وغيرها.

لهذه الأسباب وغيرها، قامت تركيا بقصف الإرهابيين الذي اعتدوا عليها، وهي تعلم أن المجتمع الدولي الأمريكي والأوروبي والأمم المتحدة وحلف الناتو سوف تتفهم الحاجات التركية في حماية أمنها القومي، وحقها المشروع في حماية شعبها وحدودها من الاعتداء، وكذلك كانت تركيا على اتصال مع الدول العربية الكبرى والمنغمسة في الصراع في سوريا، مثل السعودية وقطر والأردن والعراق وغيرها، فالرئيس التركي كان على تواصل مع الرؤساء العرب هاتفيًا حول مستجدات الأوضاع السياسية والأمنية والعسكرية في سوريا والعراق، ولعل زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، كانت قبل القصف التركي بأيام قليلة، كانت دليلًا على التنسيق المباشر والموحد.

من المواقف العربية المهمة موقف الملك سليمان بن عبدالعزيز ملك السعودية، الذي أحدث بعد توليه لعرش المملكة هزة في السياسة الخليجية والعربية والإقليمية والعالمية، فقد قام بعاصفة الحزم الأولى بتاريخ 26-3-2015 لوقف العدوان على دولة عربية هي اليمن، فوضع حدًا للتغول الطائفي الإيراني، بحسب تعبير الرئيس اليمني هادي، ولذلك كان طبيعًيا ان يكون الملك سليمان متفهمًا ومؤيدًا لعاصفة الحزم التركية على الإرهاب الذي يهدد تركيا والمنطقة، فالعدو الإرهابي واحد طالما مارس الاعتداء على الآخرين بغير وجه حق، وقد أعرب ملك السعودية صراحة عن تأييده حق تركيا في الدفاع عن نفسها وحماية مواطنيها من التنظيمات الإرهابية، ومنددًا بالهجمات الإرهابية التي تعرضت لها العديد من المدن التركية.

وأعربت دولة قطر عن أنها تؤيد تركيا في إجراءاتها الأمنية من أجل حماية حدودها، كما استنكرت الهجمات الاجرامية الجبانة التي تهدد أمن واستقرار تركيا، معلنة دولة قطر عن تضامنها مع الجمهورية التركية، وتأييدها الكامل لكافة الإجراءات الأمنية والتدابير التي تتخذها من أجل حماية حدودها وحفظ أمنها واستقرارها، وأوضحت دولة قطر في بيان صادر عن وزارة الخارجية، أن مشاركة ووقوف دولة قطر إلى جانب تركيا يأتي انطلاقًا من موقفها الثابت ضد العنف والإرهاب بكافة صوره وأشكاله، مهما كانت دوافعه ومسبباته.

وأما الموقف العراقي، فأول من أعرب عن دعمه لتركيا السيد مسعود برزاني رئيس إقليم كردستاني شمال العراق، وذلك في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء التركي أحمد داود اغلو، فقال برازاني: إنه يشيد بإجراءات الحكومة التركية حيال عملية المصالحة الوطنية، وقال: "إنّ الحكومة التركية قامت بكلّ ما يتوجّب عليها من أجل إنجاح عملية المصالحة الوطنية بين الأتراك والأكراد، وأنّ بعض الأطراف المعنية بالمصالحة عملت على إفشال محاولات إتمام هذه المسيرة".

وقد هاتف رئيس الجمهورية أردوغان الرئيس العراقي فؤاد معصوم، ووصف رئيس الجمهورية أردوغان تنظيم داعش الإرهابي بفيروس انتشر في المنطقة، وأشار إلى أن تركيا ستكافح التنظيمات الإرهابية حتى النهاية، وأكد الرئيس أردوغان أن حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" أيضًا يعتبر مشكلة كبيرة وبلاء بالنسبة للمنطقة، وأشار الى ان الكفاح الشامل سيستمر في حال عدم توقفه عن هجماته المستهدفة لتركيا، ومن جانبه افاد الرئيس العراقي فؤاد معصوم انهم يشعرون بحزن كبيرة من كون بعض المناطق حتى الان تحت سيطرة "داعش" وحزب "بي كي كي" ، مشيرا الى الاهمية الكبيرة للتعاون في مكافحة التنظيمات الارهابية.، كما اعرب الرئيس العراقي عن تعازيه من اجل الذين فقدوا حياتهم في الهجمات الارهابية الاخيرة في تركيا، واعرب عن تفهمه للعمليات التي نفذتها تركيا عقب الهجمات.

كما أجرت الحكومة العراقية المركزية في بغداد مشاروات مع سفير تركيا في بغداد تباحثت في العمليات التي تقودها بلاده شمالي العراق، ودعا وزير الخارجية العراقي الجعفري الحكومة التركية الى "ضرورة التنسيق مع الحكومة العراقية حول تنفيذ أيِّ عمليات عسكريّة في هذه المناطق، كما أكد حرص العراق على أمن تركيا الداخلي وأمن مُواطِنيها".

ومن أكثر الدول العربية المتاثرة بأضرار الأزمات في سوريا والعراق الدولة الأردنية، فهي تستضيف نحو مليون لاجىء سوري، ومن قبل كانت قد استضافت مئات الألوف من اللاجئين العراقيين وغيرهم، كما انها عانت من ارهاب داعش، وقامت بغارات جوية على داعش في سوريا، ولا زالت الأمور مرشحة لمزيد من التوتر على الحدود الأردنية السورية، مما دفع الحكومة الأردنية إلى زيادة تدابيرها الامنية على حدودها مع سوريا والعراق بسبب خطر داعش، فالموقف الاردني رحب بالعملية الجوية التركية ضد داعش ، واعتبر بيان رسمي أردني ان العملية الجوية التركية خطوة هامة في الكفاح ضد الارهاب، واكد الموقف الأردني ان خطر داعش يعتبر موضوعاً يهم العالم برمته وليس فقط دول المنطقة.

هذه بعض مواقف الدول العربية التي تشارك تركيا المعاناة والأضرار والتهديد والخسائر ، ولذلك فهي تشارك تركيا في الأهداف والغايات أيضاً، وتعمل معها لضمان نجاح اهداف هذه العمليات العسكرية، العربية والتركية، ولا شك ان بعض الدول العربية سيكون لها مواقف مضطربة ومتغايرة ومتقلبة في المستقبل بسبب تغير الموقف الإيراني من العملية التركية، فإيران اعربت عن موقفين متناقضين أحدهما مؤيد للعمليات التي تقوم بها تركيا لضرب التنظيمات الارهابية، ولكنها تطالب ان يكون ذلك بالتوافق والتنسيق مع الحكومة السورية الضائعة في شمال سوريا، فلو وجد حكومة سورية في شمال سوريا لما وجدت هذه التنظيمات الإرهابية هناك، بل إن من الثابت أن حكومة الأسد تدعم عسكريا تنظيم حزب العمال الكردستاني، وحزب الاتحاد الديمقراطي وقواته وحدات حماية الشعب، التي تأخذ دعمها المالي والعسكري والبشري من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، حتى ان صالح مسلم محمد رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي هدد أن يضم قواته إلى ميليشيات الأسد والقتال معها ضد الشعب السوري، لذلك فإن مواقف بعض الدول العربية التي ترتبط بالمحور الإيراني قد تكون متذبذة وفق رؤيتها السياسية وأوامرها الإيرانية وارتباطها بالمشاريع الخارجية التي تدفع إلى استدامة الصراعات العسكرية في المنطقة، مما يتطلب من الدول العربية والإسلامية المشاركة في عاصفة الحزم الأولى في اليمن، والمشاركة في عملية الأمل الثانية في اليمن، ان تعتبر عاصفة الحزم التركية ضد الارهاب هي معركتها، لأن تركيا في معركة مشابهة إن لم تكن واحدة، فالأخطار التي تهدد الأمن القومي العربي هي تهديد للأمن القومي التركي، والعكس صيحيح مائة بالمائة.