أحدث الأخبار
  • 09:18 . الجيش السوداني يستنكر اتهامات أبوظبي له بمهاجمة مقر إقامة السفير بالخرطوم... المزيد
  • 08:16 . هل تضع بريطانيا حقوق الإنسان أولاً قبل بيع الأسلحة لأبوظبي؟... المزيد
  • 07:55 . إيران تؤكد: لن نرسل مقاتلين إلى لبنان أو فلسطين لمواجهة "إسرائيل"... المزيد
  • 06:50 . أكثر من 150 شهيداً وجريحاً بغارات الاحتلال الإسرائيلي جنوب وشرق لبنان... المزيد
  • 06:29 . فلاي دبي تمدد تعليق رحلاتها بين دبي وبيروت... المزيد
  • 01:02 . الإعلام الإسرائيلي يتحدث عن غزو وشيك للبنان وخطط لتغيير المنطقة... المزيد
  • 11:54 . النفط يرتفع نتيجة مخاطر مرتبطة بالإمدادات في الشرق الأوسط... المزيد
  • 11:29 . خفض أسعار الوقود في الإمارات للشهر الثاني على التوالي... المزيد
  • 11:13 . اعتماد تاريخ 28 فبراير "اليوم الإماراتي للتعليم"... المزيد
  • 10:49 . أتليتكو مدريد ينجو من السقوط أمام جاره الريال في الدوري الإسباني... المزيد
  • 10:42 . الإمارات تتهم الجيش السوداني بقصف مقر السفير في الخرطوم... المزيد
  • 12:42 . توتنهام يضرب مانشستر يونايتد بثلاثية بعقر داره بالدوري الإنجليزي... المزيد
  • 12:35 . الإمارات تستثمر 30 مليون دولار لدعم غانا في التنوع البيولوجي والمناخ... المزيد
  • 10:13 . هل تشكل أبوظبي قوة استقرار في الشرق الأوسط؟.. تقرير أمريكي تجيب... المزيد
  • 09:27 . وزير الدفاع الأمريكي يوجه بتعزيز قدرات جيش بلاده في الشرق الأوسط... المزيد
  • 08:11 . حذرت من حرب شاملة.. إيران تتوعد بالرد على اغتيال نائب قائد الحرس الثوري... المزيد

هل تغير الحوثي ليكون حلاً في اليمن؟

الكـاتب : عبد الوهاب بدرخان
تاريخ الخبر: 14-09-2015


تتجه الأطراف اليمنية إلى تفاوض يبدو هذه المرة أكثر جدية من تلك الجولة اليتيمة التي عقدت في جنيف في يونيو الماضي. فالوسيط الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد مارس الدبلوماسية الكتومة، واستفاد من تجربة سلفه جمال بن عمر، خصوصاً أنه باشر مهمته في وضع يمني مختلف تماماً بفعل الحملة العسكرية لـ «التحالف العربي»، كما أنه شهد المرحلة التي كان فيها الحوثيون وحلفاؤهم عساكر علي عبدالله صالح معتدين بتفوقهم بالسيطرة على الأرض، ثم استطاع أن يلمس تأثير التراجعات الحوثية - «الصالحية» البرية في شروطهم التفاوضية. لذلك أعتبر أن اللحظة الراهنة مؤاتية للتفاوض من أجل حل سياسي.
ويستدل من الاقتراحات التي وضعت على الطاولة أن الحوثيين تخلوا عن رفضهم المطلق للتعامل مع قرار مجلس الأمن الرقم 2216، وبدؤوا يطرحون صيغاً للانسحابات وتسليم الأسلحة الثقيلة وتنفيذ سائر المطالب التي نص عليها ذلك القرار. بل إن حلفاءهم ذهبوا أبعد في أطروحاتهم، ما كشف وجود تباينات في مواقفهم. وهذا طبيعي ومتوقع في ظل الهزيمة التي باتت مرأى العين وتوجب على كل طرف أن يفكر بمستقبله السياسي، إذا بقي له مستقبل يُذكر. وفي الأساس لم يكن رفض القرار الدولي سوى تعبير عن غطرسة وفائض قوة لا تنمان فقط عن تهور وإنما تسدان كل السبل إلى حل سياسي داخلي ما كان ليرى النور طالما أن ممارسات الحوثيين أوضحت بما لا يقبل الشك أنهم ماضون في إلغاء الدولة وحصر مظاهرها في سلطة استقرت حكراً في أيديهم.
ولكي يكون هناك تفاوض طلبت الحكومة الشرعية أن يصدر الحوثيون التزاماً علنياً بالقرار 2216، باعتباره الضمان للجميع، فكما أنه يتضمن شروطاً على «المتمردين» فإنه يشير إلى واجبات الحكومة نفسها الملزمة بترتيب مرحلة انتقالية يشارك فيها الجميع، بالعودة إلى مخرجات الحوار وربما بقبول اقتراحات لمعالجة أوضاع طرأت بفعل التطورات العسكرية. غير أن محاولة الأمم المتحدة إجراء مفاوضات (أو مشاورات)، قبل عيد الأضحى المبارك، ترمي عملياً إلى تجنب المواجهات القتالية المقبلة، خصوصاً معركة صنعاء، كونها كفيلة بمضاعفة التعقيدات أمام أي مشروع تفاوض مقبل، ليس فقط بما هو متوقع من خسائر بشرية ودمار جراء هذه المواجهات بل أيضاً بسبب تداعياتها الاجتماعية. أي أن الحل سيكون أقل كلفة قبل معارك الشمال أو من دونها، وربما يبقي مجالاً لتفاهمات قد تصبح مستحيلة بعدها.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن هل يمكن تصور أي حل سياسي مع إبقاء الحوثي مدججاً بأسلحته ومتمسكاً بأجندته الإيرانية وممعناً في رفضه المزمن للدولة؟ فحتى مع افتراض انكفائه كلياً إلى «معقله» في صعدة لا يمكن ضمان زوال عدوانيته ضد سائر اليمنيين. ومع افتراض رضوخه للقرار الدولي فإنه يريد استخدام ذلك لاكتساب اعتراف دولي بـ «شرعيته» خارج الإطار اليمني، ما يمنحه ميزة سيستغلها للحصول على حصة في الحكم لا تناسب حجمه الحقيقي (من دون سلاحه). كذلك، مع افتراض تعلمه بعض الدروس من الحرب الراهنة، فإن خروجه منها من دون محاسبة على المجازر والجرائم التي ارتكبها عمداً في حق اليمنيين سيبقي في جدار الحل ثغرة مفتوحة لكل احتمالات الثأر وتصفية الحسابات. من هنا أن المطلوب ليس فقط أن يجلس الحوثي إلى طاولة المفاوضات لينتقي التنازلات التي يمكن أن يقدمها بل أن يعترف في هذه المفاوضات بأنه تخلى عن مغامرته التي ذهب فيها إلى حد الاعتداء على دولة مجاورة هي السعودية وقتل مواطنين من أبنائها خارج ساحات القتال.
لن يكون التفاوض يسيراً، لا مع الحوثي، ولا مع علي صالح، فالأخير أساء للدولة التي كان يوماً رئيسها بأكثر مما فعله الحوثي، رغم أنه نال حصانة لا يستحقها منعت عنه الملاحقة والمحاسبة فاستغلهما لتوظيف أزلامه العسكر في انقلاب أمل في أن يعيده إلى السلطة. هذه المرة يجب ألا يكون لصالح أي دور أو وجود في المشهد السياسي، وآن لحزبه أن يقول كلمته فإذا لم يكن لهذا الحزب دور أو معنى في اليمن من دون زعيمه الموتور، أو إذا لم يكن قادراً على مراجعة نهجه والاعتراف بأخطائه، فكيف يمكنه أن يبقى؟ وفي النهاية كيف لحزب سياسي، سواء كان «المؤتمر الشعبي العام» أو «أنصار الله»، أن يتمتع بقبول وشرعية طالما أن زعيميهما يحتقران الدولة ولا يعترفان بها؟ والأهم كيف يتاح لهما أن يفاوضا على حصص في الحكم مستقوين تحديداً بقدرتهما على تعطيل التوافقات الوطنية وتكرار الاعتداءات على الدولة ورموزها؟
لعل ما أتيحت معرفته خلال سنة كاملة عن حقيقة الحوثيين وحلفائهم «الصالحيين» لا يسمح بكثير من التفاؤل بالنسبة إلى التفاوض. وهذا ما تؤكده معارك تعز والاستعدادات العسكرية المستمرة لتحرير مأرب وصنعاء. فطالما أنهم لم يتلقوا الهزيمة الموجعة فإنهم لن يسهلوا أي حل يُبنى على أسس وطنية، ومن شأن الأمين العام للأمم المتحدة أن يقول إن الحل في اليمن «ليس بإرسال مزيد من القوات»، إلا أن الواقع شيء آخر. كان الحل السلمي متاحاً -نظرياً- قبل عام، ففي 21 سبتمبر 2014 وقع «اتفاق السلم والشراكة» وتبين فوراً أن الحوثي اعتبر ذلك التوقيع إذعاناً من القوى اليمنية كافة لسلطانه، حتى إنه سمى المناسبة «ثورة الـ21 من سبتمبر» وباسمها راح يفرض سيطرته، ولم يتح للمبعوث الأممي آنذاك أن يدرك خطورة ما يحصل، أو لعله أدرك لكنه سكت لغرض في نفسه. لكن الأمر تفاقم بعدئذ على النحو الذي بات معلوماً.