أحدث الأخبار
  • 12:35 . سويسرا.. المئات يتظاهرون دعما للفلسطينيين في لوزان... المزيد
  • 12:17 . سهم ستاربكس ينخفض 31 بالمئة منذ تصاعد المقاطعة بسبب حرب غزة... المزيد
  • 12:11 . جنوب السودان ينفي مزاعم "صفقة نفطية مشبوهة" مع شركة تتبع العائلة الحاكمة في أبوظبي... المزيد
  • 11:55 . "جوجل" تعلن وقف تشغيل تطبيق بودكاستس اعتبارا من 23 يونيو المقبل... المزيد
  • 10:52 . رونالدو يقود النصر للفوز على الوحدة بسداسية في الدوري السعودي للمحترفين... المزيد
  • 10:52 . "حماس" ترفض أي اتفاق لا يتضمن وقف الحرب على غزة... المزيد
  • 10:49 . تجمع بين النصر والوصل.. نهائي كأس رئيس الدولة في 17 مايو... المزيد
  • 10:16 . إبراهيم دياز يقود ريال مدريد للفوز والاقتراب من لقب الدوري الإسباني... المزيد
  • 09:25 . رئيس بلدية لندن المسلم صادق خان يفوز بولاية ثالثة... المزيد
  • 08:39 . الشارقة تعلن اكتشافاً جديداً للغاز في حقل "هديبة"... المزيد
  • 08:04 . وكالة: قطر تدرس مستقبل مكتب حماس في الدوحة وما إذا كانت ستواصل الوساطة... المزيد
  • 07:16 . "الإمارات للألمنيوم" تستكمل الاستحواذ على "ليشتميتال" الألمانية... المزيد
  • 07:14 . بفوز ثمين على بورنموث.. أرسنال يحكم قبضته على صدارة الدوري الإنجليزي... المزيد
  • 07:11 . السعودية تجدد المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة... المزيد
  • 07:06 . ارتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 34 ألفا و654 منذ سبعة أكتوبر... المزيد
  • 11:54 . توقعات بتأثر جميع الشركات الإماراتية بقانون الإفلاس الجديد... المزيد

عندما يتم الاعتراف والاعتذار بانتهازية

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 29-10-2015

أن يعترف ومن ثم يعتذر شخص لشخص آخر بسبب ارتكابه جريمة أو أذى بحقه، وأن يقبل الأخير الاعتذار ويمارس فضيلة المسامحة والعفو، تجاه من تسبب في إيذائه، فهذا أمر فردي محمود، يتم بإرادة المعتدي والمعتدى عليه بحرية وبتفهم ندي متبادل من قبل الاثنين وهو شيء، واعتراف ومن ثم اعتذار شخص تسبب في إيذاء الملايين من البشر وجرح وقتل مئات الألوف منهم، شيء آخر. إذ لن توجد جهة أو جماعة مخولة قادرة على التحدث باسم كل الضحايا، وبالتالي قبول أو رفض الاعتذار.
من خلال هذا الفرق الهائل بين حالتي الاعتراف والاعتذار السابقتين يجب الحكم على الاعتراف الجزئي العبثي المقتضب المتلاعب بالكلمات لرئيس وزراء بريطانيا السابق، بشأن دوره الشخصي الإجرامي الانتهازي، وبالتالي دور حكومته وجهاز استخباراته ووسائل إعلامه، في إدخال شعب وجيش ومجتمع العراق في الجحيم الذي يعيشونه منذ عدة سنوات، والذي سيعيشونه لعقود طويلة مقبلة.
توني بلير مارس الكذب على نفسه وشعبه طيلة الاثنتي عشرة سنة الماضية، عندما رفض المرة تلو الأخرى، في مجلس العموم البريطاني وفوق كل ساحة إعلامية ظهر فيها، الاعتراف بأنه وحكومته وأجهزة استخباراته أجرموا بحق الشعب العراقي وأمة العرب، عندما ساهموا في حملات الكذب الإعلامية بشأن امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل، وعندما وعدوا الأمريكيين سراَ، ومن وراء ظهر مجلس العموم والرأي العام البريطاني، باستعدادهم للمشاركة الكاملة في عدوانهم الهمجي لاجتياح العراق، وتمزيقه إربا، وتدمير كل مقومات الحياة في ربوعه، وتهيئته لحروب طائفية وعرقية تؤدي إلى تجزئته وإخراجه من التاريخ والجغرافيا والحضارة.
بدلا من الاعتراف تباهى طيلة تلك السنوات بقيامه هو وصديقه الجاهل الأحمق جورج بوش الابن بقيامهما بدوري مخلصي الشعب العراقي من استبداد طاغية من جهة، وبنقل العراق إلى نظام ديمقراطي تعددي من جهة أخرى. وبعيداَ عن تفاصيل أخطاء وخطايا وآثام وكذب وانتهازية الاثنين وحكومتيهما واستخباراتهما المتآمرة اللا أخلاقية، وقد فصلت في كتب وتقارير كثيرة منشورة ومذاعة، دعنا نعلق على «اعتراف» توني بلير من زوايا عربية وبمعايير عربية قومية.
أولاَ :هذا اعتراف مبهم بارتكاب أخطاء مبهمة، واعتذار لنفسه ولشعبه لارتكاب تلك الأخطاء. ويقول بعض المحللين الإنكليز إن اعترافه بارتكاب أخطاء في تقدير الموقف على ضوء المعلومات الخاطئة التي أعطيت له آنذاك، قصد منه حماية نفسه من وجهة قانونية، قبل أن يصدر التقرير الرسمي للجنة كونت منذ ست سنوات لتنظر في ملابسات تورط بريطانيا في غزو العراق، التي قد تعتبر أن ما قام به توني بلير بالتنسيق مع جورج بوش، تآمر تلفيقي معدّ له قبل اجتياح العراق بسنة على الأقل. والواقع أن الاعتذار لم يتوجه مباشرة إلى ملايين الضحايا من شعب العراق بالاسم، وبدون مواربة ولا التفاف حول الموضوع، وعليه فإن شعب العراق غير معني ولا ملزم بقبول هذا الاعتذار الغامض المراوغ.
ثانياَ:إن العرب، وعلى الأخص عرب العراق، يجب أن يوكلوا إلى الجامعة العربية البدء في الحال النظر في إمكانية رفع الأمر إلى المحاكم الدولية، باعتبار أن كل المعطيات تشير إلى ارتكاب توني بلير وجورج بوش سلسلة من الجرائم الإنسانية، التي تحرمها القوانين الدولية وتعاقب مرتكبيها، وباعتبار أن الرجلين يكذبان عندما يحاولان حصر الأمر في سوء فهم وأخطاء في التقدير. إن دم الألوف وعاهات مئات الألوف ودموع الملايين من العراقيين تصرخ مطالبة بالعدالة.
ثالثا:إن بعض الأنظمة العربية التي وجهت في الماضي الدعوات لتوني بلير لإلقاء المحاضرات ودفعت له مكافآت مالية خيالية، أو التي عينته مستشارا في حقلي الاقتصاد والعلاقات العامة، أو التي تفكر في تعيينه مستشارا في المستقبل، أو التي قبلت أن يكون عضوا في الرباعية الدولية المناط بها متابعة الموضوع الفلسطيني، يجب أن توقف التعامل مع هذا الرجل الذي من فمه ندينه، وأن تقرر أنه لن يكون له ولا لجورج بوش ولا لديك تشيني ولا لرامسفيلد ولا لأمثالهم من الذين يقطر من أياديهم دم الضحايا العراقيين، أي مكان في وطن وحياة العرب في المستقبل.
رابعا: إن تاريخ تعامل بريطانيا مع أمة العرب تاريخ أسود. لقد وعدت العرب بالاستقلال، إن وقفوا مع الغرب ضد الخلافة العثمانية، ثم نكثت وعودها، بل أنها دخلت شريكة مع فرنسا في توقيع معاهدة سايكس ـ بيكو التي جزأت شرق وطن العرب ووأدت حلمهم القومي الوحدوي. وبعدها أضافت جريمة إصدار وعد بلفور الذي جاء بجحافل الصهيونية إلى أرض فلسطين العربية وشرد أهلها. وها أن رئيس وزرائها السابق يعترف بارتكاب بلاده جريمة غزو وتدمير العراق، وقتل وتهجير شعبه.
والسؤال، متى سينسى العرب تلك الجرائم ويتعاملون مع الدول التي ارتكبتها بمنطق الرد المعاقب العادل للأذى الذي ينخر جسد هذه الأمة حتى يومنا هذا؟
مناسبة اعترافات بلير يجب ألا تمر كحدث فردي عادي، إنها مناسبة لفتح الملفات التي يغطيها الغبار وتأكلها حشرات الهوان على النفس العربية.