دعا الأكاديمي والناشط الحقوقي أحمد الشيبة النعيمي في مقال له بعنوان "بين يدي ذكرى إعلان الاتحاد" إلى مراجعة السياسات الأمنية التي ينتهجها جهاز الأمن في الدولة والتي أدت إلى تراجعات عديدة في مختلف المجالات ولا سيما ما يتعلق بتنمية الإنسان الإماراتي.
الناشط الشيبة استعرض الآمال العريضة التي يحملها شعب الاتحاد ويصبو إلى تحقيقها من خلال دولة الاتحاد بعد تاريخ موغل بضنك العيش وقسوة الظروف البيئية والتي انحسرت بحسب الأكاديمي رئيس المعهد العالمي للدراسات والتطوير ليس بسبب النفط وإنما بسبب شروق "شمس الاتحاد الحبيب" وفق وصفه.
وأضاف الشيبة متحدثا عن آمال الجيل الذي عاصر انطلاقة الاتحاد بما كان يرنو إليه ذلك الجيل من "مستقبل واعد في وطن جديد يتأسس على مبادئ تعلي من شأن الإنسان وقيمته".
البداية كانت حسب التوثيق التاريخي الذي عرضه الكاتب مع الآباء المؤسسين، الذين أكدوا "أن أولوية تنمية الإنسان هي أساس هذا البنيان الشامخ بحرية وكرامة جميع أبنائه، وكانت العدالة والكرامة من أبرز أهدافهم النبيلة والسامية".
وبطريقة دقيقة للغاية يفصل الباحث بين الرفاهية التي يمكن لأي كيان وشعب أن يحققه حتى ولو كان يعيش تحت الاحتلال وبين المتطلبات الحقيقية للإنسان التي تتجاوز كثيرا "نعيم الحياة وسعتها"، فكم مرة طرح الاحتلال الإسرائيلي "السلام الاقتصادي" على الفلسطينين مقابل حقوقهم وكرامتهم ومقدساتهم ولكنهم كانوا يبحثون عن شيء لا يمكن إلا أن ينتزع انتزاعا ألا وهو الحقوق والحريات.
هذه المقاربة استمزجها الكاتب بالحالة الإماراتية، حيث تحققت رفاهية بالفعل للشعب الإماراتي بصفة عامة، ولكنها - يقول الشيبة- " تكون حينها رفاهية بائسة يعجز فيها الإنسان عن تحقيق إنسانيته وممارسة حقوقه وحرياته وتجسيد هويته الثقافية، وتغيب فيها جميع حقوق المواطنة المتساوية والمشاركة السياسية والاجتماعية، وحينها لا يجد المواطن في أفياء وطنه ذاته الإنسانية ولا دولة الحق والقانون التي تحمي كرامته، وتمنحه قضاءً عادلاً ومستقلا يلجأ إليه كلما شعر بطغيان البعض على حقوقه وحرياته، دولة الإدراة النزيهة الشفافة التي يأتمنها على ثروات الوطن وخيراته والتي تتوفر على مؤسسات للرقابة والمساءلة لتحمي حقوق المواطن وحرياته من أي إنتهاك". وهذا ما يفتقده الناشط في مقاله الذي نشره بمناسبة الذكرى ال"44" لليوم الوطني.
الشيبة، رأى أن المسؤول عن تقديم الرفاهية وتغييب الحقوق والعدالة هو "السلطة المطلقة"، والتي وصفها بأنها "تخرج أخبث ما في النفس الإنسانية وتدفع صاحب السلطة إلى الطغيان واضطهاد الآخرين".
إزاء ذلك استنتج الكاتب قائلا، "من هنا كانت قيمة الدولة ترتبط بقدرتها على منع الطغيان وتعزيز قدرة الإنسان على تحقيق كرامته وتجسيد إنسانيته في ظل دولة الحق والقانون والمواطنة المتساوية"، وهذه الوظائف التي ينبغي على الدولة تحقيقها يبدو أنها غائبة في الدولة.
وذكّر الشيبة أن تقريرا قدمته الحكومة الإماراتي في ديسمبر 2008 أكدت فيه أنها تواجه تحديات في تحسين حقوق الإنسان، ومنها: مسايرة القوانين المحلية والدولية في مجال حقوق الإنسان، والتحديث المستمر لها، ومحاولة توفير الآليات المناسبة لتطبيقها في بيئة تناسب مجتمع الإمارات،إلى جانب تعزيز قدرات الدولة في مجالات التعليم والتثقيف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، ووضع الخطط الوطنية لذلك.
وتساءل الناشط الحقوقي، "فما الذي فعلته الحكومته بعد إصدار هذا التقرير لتعزيز واقع حقوق الإنسان؟ ولماذا تراجعت للوراء وتخلفت أكثر في المضمار ولم تتقدم إلى الأمام؟ ولماذا تصاعدت وتيرة انتهاكات حقوق الإنسان بضراوة لم يعرفها من قبل تاريخ الإمارات؟".
وأضاف بعدة تساؤلات أخرى، "لمصلحة من يتم تهديم عزة الإتحاد وتخريب الأسس التي شادها الآباء المؤسسون؟وما جدوى الحرب الشرسة التي تستهدف دعاة الإصلاح والتطوير؟ ولماذ يستميت بعض النافذين في تشويه رجال الإصلاح والتحريض عليهم وإذكاء نيران الحقد والكراهية بين أفراد المجتمع الإماراتي؟".
أما التساؤلات الأخيرة التي ضمنها الشيبة مقاله، فجاءت،" هل حان الوقت ليقف الجميع وقفة مراجعة للسياسات الأمنية الأخيرة والتي تجاوزت كل الأعراف الإنسانية والأخلاقية؟ وهل يمكن أن نحتفي بذكرى التأسيس بإحياء أهداف الاتحاد والعمل على تجديدها في النفوس والنضال من أجل تجسيدها على أرض الواقع؟".
وأنهى الكاتب مقاله، " نتمنى أن تتضافر كل الجهود الخيرة للتذكير بأهداف الإتحاد والعمل معاً من أجل مستقبل أفضل تشرق في جنباته شمس الحرية والعدالة والكرامة".