كما هو معروف فإن المجلس الوطني منزوع الصلاحيات والاختصاصات التشريعية والرقابية، إذ يمارس مجلس الوزراء أو المجلس الأعلى للاتحاد هذه الصلاحيات التشريعية في وضع دستوري عرضة للانتقادات الدولية ديمقراطيا وحقوقيا بصورة تجعل وزارة الخارجية الأمريكية والأمم المتحدة على وصف المجلس الوطني التوصيف الحقيقي وهو "سلطة استشارية" في حين يصر مسؤولون على وصفه "بسلطة تشريعية". فكيف هو الحال مع مرسوم مكافحة التمييز والكراهية الصادر في يوليو الماضي، وكيف قيد الدستور المجلس الوطني بهذا الصدد ونقل صلاحياته لسلطات أخرى.
المراسيم بقانون
نصت المادة (110) من الدستور، "إذا اقتضى الحال إصدار قوانين اتحادية في غياب المجلس الوطني الاتحادي، فلمجلس وزراء الاتحاد أن يستصدرها عن المجلس الأعلى ورئيس الاتحاد على أن يخطر المجلس الاتحادي بها في أول اجتماع له".
وتؤكد هذه المادة على نزع صلاحية المجلس الوطني في نقاش ومراجعة المرسوم بقانون، وإنما مجرد "الإخطار به"، وهذا نص دستوري على نقيض معظم دساتير العالم التي تسمح بإصدار مراسيم بقوانين في غياب البرلمانات على أن يعرض عليها القانون للنقاش والمراجعة والتعديل في أول جلسة للبرلمان بعد انعقاده.
ومع أن الدستور الإماراتي قلص صلاحيات المجلس من المراجعة والإقرار إلى الإبلاغ والإخطار، فإن الحكومة لم تقم بإخطار المجلس الوطني بمرسوم بقانون رقم (2) لسنة 2015 بشأن مكافحة التمييز والكراهية.
السلطة التنفيذية على حساب المجلس الوطني
ونصت المادة (113) من الدستور، "إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد المجلس الأعلى، ما يوجب الإسراع على إصدار قوانين اتحادية لا تحتمل التأخير فلرئيس الاتحاد ومجلس الوزراء مجتمعين إصدار ما يلزم منها وذلك في شكل مراسيم لها قوة القانون بشرط ألا تكون مخالفة للدستور.
ويجب أن تعرض هذه المراسيم بقوانين على المجلس الأعلى خلال أسبوع على الأكثر للنظر في إقرارها أو إلغائها، فإذا أقرها تأيد ما كان لها من قوة القانون، ويخطر المجلس الوطني الاتحادي بها في أول اجتماع له. أما إذا لم يقرها المجلس الأعلى فيزول ما كان لها من قوة القانون، الا إذا رأى اعتماد نفاذها في الفترة السابقة ، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار بوجه آخر"، انتهى نص المادة.
فالحسم المُعطى للمجلس الأعلى للاتحاد في قبول مراسيم مجلس الوزراء أو رفضها ووجوب عرضها عليه هو في الأصل أن يكون للمجلس الوطني، كونها إحدى صلاحياته واختصاصاته بالفعل. ولكن السلطة التنفيذية هي التي تقوم بالتشريع فيما بينها، في حين تجعل المجلس الوطني دوره أن يتلقى الإخطارات والإشعارات حتى دون حق "النظر فيها".
لماذا غاب مرسوم الكراهية عن المجلس الوطني
ورغم ما تبين من ضرورة إشعار المجلس الوطني بالمراسيم عل سبيل الإخطار فإن الحكومة لم تقم بفعل ذلك كما أوجبت المادة (113) من أنه يجب إخطار المجلس الوطني في أول جلسة له.
ففي (22|12) القادم سوف يعقد المجلس الوطني جلسته الثانية بعد الجلسة الأولى التي انتخب هيئة المجلس من انتخاب رئيس المجلس ونائبه وتحديد اللجان الدائمة والمؤقتة. وعرض المجلس الوطني على موقعه الرسمي المراسيم بقوانين التي وردت المجلس، وهي ثلاثاة مراسيم بقوانين فقط ليس من بينها مرسوم "الكراهية" الذي أثار جدلا محليا وإقليميا واسعا كونه استهدف الناشطين وأصحاب الرأي مُجرما الكثير من حقوق الرأي والتعبير على أنها "كراهية وتمييز" يعاقب عليها القانون.
وقد أكد الناشطون أن هذا المرسوم بقانون ليس مقصودا منه مكافحة التمييز والكراهية وإنما وضع المزيد من القيود على حرية التعبير بادعاءات مكافحة الكراهية واستخدام مفاهيم غامضة وفضفاضة. ومع ذلكن يبقى التساؤل الرئيس، لماذا لم يُخطر المجلس الوطني بهذا المرسوم، ومن الذي يخالف الدستور وينتهك مواده ولا يرسل هذا المرسوم، رغم أن المجلس الوطني ليس معارضة للسلطة التنفيذية يُخشى منه رفض القانون أو تعديله، في حال إذا كان يحق له ذلك من الأساس.
وكونه ليس معروفا المقصود "بالإخطار" لدى الحكومة، فإن المراسيم التي سوف "تصل" المجلس هي: مرسوم بقانون اتحادي رقم 8 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم 2 لسنة 2011 في شأن إنشاء الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث. ومرسوم بقانون اتحادي رقم 9 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم 3 لسنة 2012 بإنشاء الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني. ومرسوم بقانون اتحادي رقم 10 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم 4 لسنة 2013م بإنشاء المركز الوطني للبحث والإنقاذ.