لم يفوت المصريون "المحنة" التي يمر بها الجنيه المصري دون أن يوجهوا إليه سهام السخرية، حيث دارت معظم السجالات الساخرة حول الهزال الشديد الذي يعانيه الجنيه، والتغول "الذي لم يكن الأول ولكنه الأعنف" للدولار، أو "الأخضر" كما يطلق عليه المصريون.
وبدأت السخرية من التفسيرات غير المنطقية التي قدمها بعض "الخبراء" والإعلاميين لصعود الدولار، وانهيار الجنيه، وصولاً إلى كيفية الخروج من الأزمة.
البداية كانت من تفسيرات بعض المسؤولين والإعلاميين لارتفاع سعر الدولار في مصر، إذ عزت السلطات انهيار الجنيه وارتفاع الدولار إلى المؤامرة التي حاكها رجل الأعمال الإخواني حسن مالك، الذي تم إلقاء القبض عليه بتهمة جمع الدولارات من السوق لإحداث أزمة، وهو ما دعا إلى التساؤل عن السبب في الأزمة هذه المرة رغم اعتقال "مالك".
ورأى النائب البرلماني توفيق عكاشة أن ارتفاع سعر الدولار يمثل انتقاماً إلهياً من المصريين؛ لقيامهم بثورة أطاحت بالرئيس "المخلوع" حسني مبارك، في حين اعتبر الإعلامي "سيد علي" أن الإخوان الذين يقيمون بالخليج هم السبب في الأزمة؛ حيث يقوم أعضاء الإخوان هناك بتجميع الدولارات من المصريين قبل إرسالها إلى مصر بمبلغ بخس، ثم يرسلونها عن طريقهم إلى أهلهم بعائد كبير ومجز.
كما نشر شاب يدعى "يوسف نجم" تسجيلاً مصوراً أطلق عليه "طالب منوفي يحل أزمة الدولار"، اكتشف فيه أن الحل هو ترديد أغنية "تسلم الأيادي" حتى تزيد المدخرات الدولارية.
أما الشاب الذي يقدم أغاني ساخرة باسم "الشيخ بحة"، فقد قدم أغنية: "بتحول ليه؟"، تحدث فيها عن الأب الذي يرفض أن يحول إليه ابنه دولارات تقوم سلطات الانقلاب بقتل المصريين بها، وفقاً لكلمات الأغنية.
مواقع التواصل الاجتماعي شهدت طوفاناً من التعليقات الساخرة واللاذعة على الأزمة، بالإضافة إلى عشرات الصور و"الكوميكسات" الضاحكة.
حيث تطوع بعض الناشطين بدعوة الحكومة إلى غلق "محطة السادات" بمترو الأنفاق بالقاهرة ، وهي المحطة التي تعلو ميدان التحرير، التي تلجأ الحكومة إلى إغلاقها بمجرد حدوث أي مشكلة في مصر؛ خوفاً من وصول متظاهرين إلى الميدان.
واعتبر آخر أن السبب الأهم في ضعف الجنيه المصري أنه ليس عسكرياً؛ لذلك لم يصمد أمام الجنيه قائلاً: "أدي آخرة الجنيه المدني مش قادر يصمد قدام الدولار.. أنا بقول الهيئة الهندسية تنزل بالجنيه العسكري بقى بدل دلع المدنيين ده"، في إشارة إلى لجوء الدولة للاستعانة بالعسكريين في إدارة كافة قطاعات الدولة، بينما ذكر أحمد إبراهيم بالمشاريع الوهمية التي تبنتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة قائلاً: "طالب من المنوفية يخترع جنيه أغلى من الدولار، والهيئة الهندسية تتبنى مشروعه".
الكاريكاتير: "اثبت ياد"
ولم تتأخر فرشاة رسامي الكاريكاتير عن المساهمة في السخرية من الأزمة، فنشر "أحمد قاعود" الدولار يقذف بالجنيه كالكرة، واصفاً ذلك بأن "الدولار يتلاعب بالجنيه"، فيما رسم آخر بطلاً رياضياً يحاول أن يبث الشجاعة في قلب الجنيه قائلاً: "اثبت ياد إنت جدع"، بينما مثل ثالث الجنيه يدعو السياحة إلى الجلوس إلى جواره بسبب "خيبتهما المشتركة"، وتخيله رسام الكاريكاتير "إسلام رجب" بأنه فارق الحياة، بحيث يرفع مواطن يده للتأكد من وفاته، كما يفعل الأطباء مع المرضى الذين يشكون أنهم قد توفوا.
وابتكر العديد من النشطاء صوراً تسخر من حال الجنيه، بحيث وضع أحدهم صورة متخيلة لعبد الفتاح السيسي على الدولار حتى يتوقف نموه؛ في إشارة إلى ما يردده معارضو السيسي بأنه "نحس"، وتسبب في جلب العديد من الكوارث على مصر منذ توليه الحكم.
فيما استدعى آخر اللافتة التي رفعها مؤيدون للسيسي، التي كتب على صورة طفل مصري فيها "طفل معاه جيشه"، للمقارنة بوضع طفل سوري "ليس معه جيشه"، حيث كتب ناشط على الجنيه "جنيه معاه جيشه"، فيما كتب على صورة الجنيه الإسترليني "جنيه جيشه سايبه في حاله".