تصدرت دولة الإمارات الدول الخليجية من حيث حجم الاحتياطيات (الفوائض المالية) بنحو 1,214 تريليون دولار، تمثل نسبة 304% من الناتج المحلي الإجمالي، حسب تقرير لشركة فرانكلين تمبلتون للاستثمار، تم الكشف عن تفاصيله خلال مؤتمر صحفي عقدته الشركة في مقرها في دبي الأحد(28|2).
وأكد التقرير الصادر تحت عنوان «تأثير أسعار النفط على الأسهم وأدوات الدخل الثابت في الشرق الأوسط خلال عام 2016»، أن السعودية جاءت في المرتبة الثانية باحتياطيات تقدر بنحو 677,1 مليار دولار تمثل نسبة 91% من الناتج المحلي الإجمالي، تليها الكويت باحتياطيات تقدر بنحو 592 مليار دولار تمثل نسبة 343% من الناتج المحلي الإجمالي، ثم قطر التي لديها احتياطيات تقدر بنحو 256 مليار دولار تمثل نسبة 122% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين جاءت سلطنة عُمان في المركز الخامس باحتياطيات تقدر بنحو 19 مليار دولار تمثل نسبة 24% من الناتج المحلي الإجمالي، تليها البحرين باحتياطيات تقدر بنحو 10,5 مليار دولار تمثل نسبة 31% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار التقرير إلى أن الاحتياطيات العالية ومستويات الدين المنخفضة في دولة الإمارات والدول الخليجية المصدرة للنفط، توفر حاجزاً أمنياً واقياً ضد انخفاض أسعار النفط، حيث يمثل الدين الحكومي في الإمارات نسبة 16% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل نسبة 44% في البحرين و32% في قطر و7% في الكويت و5% في عمان و2% في السعودية.
لماذا الإعلان عن الفوائض المالية
وفي النظر إلى مقر الشركة المنتجة للتقرير في دبي بالدولة، وبالنظر إلى أن الإعلان غير الرسمي لهذه الاحتياطات في ظل إصرار الدولة والحكومة والمسؤولين الرسميين على أن الإمارات دخلت في مرحلة ما بعد النفط وخطواتها المتسارعة والحثيثة ليعيش الإماراتيون أوضاع دولة غير نفطية، يتبادر عدة تساؤلات حول مغزى هذا الإعلان.
بطبيعة الحال، فإن هذا الإعلان لم يصدر رسميا وإن نشرته صحف محلية رسمية، ما يعني أن المعلومات الواردة فيه حتى ولو كانت صحيحة أو دقيقة يمكن نفيها بسهولة، إذا لن تخدم صناع القرار في الدولة، أو السكوت عنها على الأقل لتبدو في عداد المؤكد إذ كانت تخدم التوجهات الاقتصادية. ففي الداخل، فإنه ليس هناك مصلحة لإعلان هذا الرقم "الفلكي" مع تزايد توجهات رفع الدعم وفرض الضرائب ومراجعة الرواتب كون هذه الاحتياطات المالية متينة بصورة كبيرة ولا تستدعي قرارات اقتصادية واجتماعية مؤلمة على الإماراتيين.
أما للخارج فهي تشكل "تلويحا" للطامعين في المنطقة من الدول التي يمكن شراء مواقفها بالمال كجزء من المنافسة على النفوذ الجاري على قدم وساق. ومن جانب آخر فهي رسالة تطمين للمؤسسات الدولية الاقتصادية وللمستثمرين العالميين بمتانة الاقتصاد.
كما أن الإعلان جاء في أعقاب زيارة مديرة صندوق النقد الدولي "كريستين لاغارد" واجتماعاتها المكثفة مع كبار الساسة في الدولة، وبعد مطالباتها الصريحة بفرض الضرائب ورفع الدعم. فهل هذا الإعلان يتناقض مع توجهات الدولة المتطابقة أصلا مع الصندوق، أم أنه رفض إماراتي غير مباشر لتوصيات لاغارد.
وإذا كانت الفوائض في الدولة بهذا الحجم، فلماذا رفع الدعم ورفع أسعار النفط داخليا، وأسعار الكهرباء والماء ورسوم الخدمات الحكومية، ولماذا خلوة ما بعد النفط والتي صورت أن مصير الدولة الاقتصادي في مهب الريح؟ فهل هذا التقرير الصادر في دبي، تقرير فني بحت أم تقرير سياسي؟