توقع الموجز الاقتصادي الفصلي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الصادر عن البنك الدولي أن يصل معدل النمو الاقتصادي للإمارات في 2016 إلى 2,1%، وأن يواصل الارتفاع تدريجياً ليصل إلى 2,4% في العام 2017، ثم إلى 3% في العام 2018، وذلك رغم تنامي مخاطر هبوط أسعار النفط على الاقتصادات النفطية.
وأفاد التقرير الذي حمل عنوان «أسعار النفط.. إلى أين؟» أن الموازنات المالية في البلدان المصدرة للنفط بالمنطقة تحوَّلت من فائض قدره 128 مليار دولار عام 2013 إلى عجز قدره 264 مليار دولار عام 2016، فيما خسرت مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي 157 مليار دولار من العائدات النفطية العام الماضي، ومن المتوقع أن تخسر 100 مليار دولار أخرى هذا العام.
تراجع معدلات النمو بصورة خطيرة
وبحسب التقارير السابقة للبنك الدولي، فقد حققت الإمارات معدلات نمو عند 4.6% في عام 2014، لتنخفض بصورة ملحوظة عام 2015 إلى 3.3%، لينهار هذا العام 2016 إلى 2.1%.
وكان الاقتصاد الإماراتي سجل نموا خلال العام 2013 يزيد على 4%، وفقاً لبيانات البنك الدولي، بعد أن وصل عام 2012، إلى نحو 3,5%، علما أنه بلغ 4,9% في عام 2011.
فالملاحظة الرئيسية في هذه المعطيات، أن معدلات النمو الاقتصادي في الدولة تشهد انهيارا حادا من المتوقع أن يؤثر بصورة كبيرة على وجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الدولة طوال السنوات القادمة وحتى مدة عقد من الزمن.
سياسة اقتصادية أكثر خطورة
ما يؤكد خطورة المؤشرات والمعطيات السابقة أن دولة الإمارات بالفعل بدأت مسيرة التأثر الاقتصادي وظهور انعكاس ذلك على مجمل السياسة الاقتصادية والاجتماعية في الدولة.
وفي تقرير البنك الدولي الحديث الذي نشرته صحيفة "الاتحاد" المحلية اليوم (14|8)، قال شانتا ديفاراجان كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي مع استمرار معدل أسعار النفط المنخفضة، "تقوم حكومات المنطقة بتطبيق بعض الإجراءات الجريئة التي من المتوقع أن تغير العقد الاجتماعي القديم" على حد تعبيره.
وشرح المسؤول الاقتصادي، " حيث تُقدِّم الدولة الدعم للوقود والمواد الغذائية، وخدمات الرعاية الصحية والتعليم المجانية والإعانات والوظائف في القطاع العام، إلى عقد جديد تشجع فيه الدولة خلق الوظائف في القطاع الخاص وتمكين المواطن كي يقوم باختياراته الاستهلاكية".
وما يؤكد ذلك، قرار اتخذته وزارة الموارد البشرية مؤخرا اشترط على شركات القطاع الخاص توظيف المواطنين مقابل رفع تصنيفاتها في السوق، وهو ما يعني أن الحكومة أغلقت الوظائف في القطاع العام، كما فعلت الجزائر وأكده تقرير البنك الدولي ذاته وأبرزته صحيفة "الاتحاد" الصادرة في أبوظبي.
ويشير تقرير البنك الدولي أيضا، "إلى أنه وفي جميع أنحاء المنطقة، تتخذ الحكومات إجراءات ساد الاعتقاد طويلاً أنها مستحيلة، منها، على سبيل المثال لا الحصر، فرض ضرائب جديدة، وإلغاء دعم الوقود، وخفض الوظائف والأجور في القطاع العام".
وهذا يعني بكل بساطة، وما تقوم به الدولة الآن، التخلي عن دعم الطاقة والوقود وبالفعل فقد تم زيادة أسعار البنزين والسولار والغاز والكهرباء والمياه منذ العام الماضي. والإمارات أيضا زادت رسوم الخدمات الحكومية وبصدد تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وهناك دراسات لخفض الأجور والرواتب وإلغاء بدل تعليم الأبناء وخفض منافع التأمين الصحي، ورسوم استخدام المطارات والمبيت في الفنادق وغيرها الكثير مما يجري في الدولة من سياسات اقتصادية واجتماعية تمس بصورة خطيرة بالاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، ما دفع مواطنات ليرفعن صوتهن عبر صحيفة "الإمارات اليوم" (13|8) بأن ظروف المعيشة تجبرهن على ترك اطفالهن من أجل العمل للوفاء باحتياجات الحياة الكريمة التي تواجه تحديات كبيرة.
وفيما يخص العقد الاجتماعي الذي أشار إليه البنك الدولي بين حكومات المنطقة وشعوبها، فإن أي تغيير أو تعديل فيه فإنه يسلتزم تغييرا لدى طرفي التعاقد: الدول والشعوب، بحيث لا تدفع الشعوب ثمن أسعار النفط أكثر من مرة. فلطالما بررت حكومات أن شعوبها تعيش برفاهية تغنيها عن المطالب الحقوقية والديمقراطية؛ فماذا تقول هذه الحكومات إزاء سياساتها الاقتصادية الراهنة والمتوقعة أيضا، ألم يأن للشعوب أن تعوض خسائرها الاقتصادية والاجتماعية بمكاسب في مجال الحقوق والحريات، يتساءل ناشطون.