أطلق مركز "صواب" حملة جديدة بعنوان "التنوع أقوى"، وتهدف- بحسب القائمين عليها- إلى إلقاء الضوء على الغنى الذي يجلبه التنوع للمجتمعات، حيث تتزامن الحملة مع موسم الحج الذي يضرب أعلى مثال على التنوع باجتماع المسلمين من شتى الجنسيات والألوان والأطياف على صعيد واحد قاصدين بيت الله الحرام، ملبين دعوة إبراهيم عليه السلام، ومؤدين شعائر الحج لا يفرق بينهم زي أو لون.
وفي حين أن الحملة من المفترض أنها تظهر قدرة الإسلام على تأليف المسلمين بغض النظر عن ألوانهم وأجناسهم ولغاتهم، وفق ما يقوله المركز، ذهب شيخ الأزهر بعيدا وهو يعلق على هذه الحملة، ما أربك الجمهور، في معرفة ما المقصود بالفعل بهذه الحملة، هل ما قصده المركز أما ما تحدث عنه شيخ الأزهر.
و قال أحمد الطيب شيخ الأزهر معلقا على الحملة: «إن دعوتنا إلى تحقيق عالم يتعايش فيه كل أبناء الديانات والأجناس على أساس الاحترام والاعتراف بحقوق كل طرف يمثل دعماً متميزاً للجهود المبذولة في نشر وسطية الإسلام وسماحته».
وأكد أن "هذه الدعوة تأتي انطلاقاً من حقيقة أقرها القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرناً من الزمان، وهي أن الله خلق الناس مختلفين في عقائدهم وأديانهم وألوانهم وأجناسهم، ومن المستحيل أن يحشر الناس في عقيدة واحدة أو دين واحد أو ثقافة واحدة، لأن ذلك يسبح ضد إرادة الله في خلقه"، على حد تعبيره.
فالتنوع الذي تحدث عنه شيخ الأزهر هو مجال آخر مختلف تماما عما قصده مركز صواب. ومع ذلك، فقد أشار ناشطون أن التنوع الذي تحدث عنه "صواب" أو شيخ الأزهر، هو تنوع يحرم منه المسلمون والعرب، خاصة على الصعيد السياسي وحرية الرأي والفكر، حيث لا تتسامح حكومات في المنطقة مع المعارضين والناشطين ولا تنظر للمعارضة السلمية على أنها تنوع يمكن تسخيره لخدمة الدول والشعوب سواء بدل أن حولته هذه الحكومات إلى ذريعة لقمع المعارضة لديها.
وأبدى ناشطون تحفظهم على فهم "التنوع" لدى هذه الأطراف التي تعتبر أن بناء الكنس والكنائس والمعابد البوذية والهندوسية هو مؤشر تنوع، فيما يواجه المسلمون في أوروبا هذه الأيام حملة من فرض التوجهات الغربية على المسلمين هناك إنكارا لحق المسلمين في التنوع والاختلاف.
وعلى صعيد التنوع الديني أيضا، فلا تزال مصر تعاني من انتهاكات حقوقية خطيرة للغاية سواء في ملف المسلمين أنفسهم حيث يسمح لتيارات دينية معينة بالظهور والعمل وتقمع تيارات أخرى.
وكان أحدث ما يكشف تناقض شيخ الأزهر ومركز صواب، هو مؤتمر "من هم أهل السنة" الذي عقد في الشيشان بحضور ومشاركة رئيسية لشيخ الأزهر وتنظيم من مؤسسة طابة في أبوظبي وكلاهما يمثل اتجاها صوفيا. وقد سبب هذا المؤتمر جدلا واسعا بين المسلمين على اعتبار أنه يرفض الاعتراف بالتنوع من خلال عدم اعترافه ببعض المدارس الفقهية والفكرية والدعوية، في موقف يخلو من تقدير أهمية التنوع على النحو المشار إليه "التنوع أقوى".