خلال الأيام الأخيرة، عاد اسم محمد دحلان بقوة إلى المشهد السياسي الفلسطيني من خلال جملة من الأحداث والمتغيرات التي جرت على الأرض في قطاع غزة، ومنها دخول زوجته إلى القطاع لإدارة بعض الأعمال والفعاليات المتعلقة بمؤسساتها الأهلية، ومن خلال مؤتمر "مصر والقضية الفلسطينية" الذي جرى في العين السخنة بمصر خلال الأسبوع الماضي، وكان يقف خلفه دحلان.
وقد خرجت مظاهرة ضد محمود عباس في قطاع غزة قادها عناصر وكوادر في حركة فتح محسوبون على محمد دحلان، من بينهم نواب في المجلس التشريعي. في المقابل، ترافقت تحركات دحلان في قطاع غزة مع بعض المكاسب التي استفاد منها المواطنون في غزة، ومنها فتح معبر رفح، حيث ظهر دحلان على أنه من يمتلك مفتاحه، وتصور الناس أن ثمة صفقة تجري بين حماس ودحلان.
إلا أن المعلومات والدلائل على الأرض تقول إنه لا توجد صفقة وإنما رسائل متبادلة بين الطرفين وتبادل منافع في إطار محدود، وحتى قضية زكي السكني ليست كما يروج لها، فهي تأتي في إطار طبيعي، حيث إن الشخص قضى ٨ سنوات ونصف من أصل عشرة في سجون حكومة غزة بتهمة المشاركة في قتل عدد من قيادات القسام، وقد أثبتت التحقيقات حسب مصدر مسؤول أنه غير متورط بشكل مباشر في عملية القتل، وكان يصنع العبوات دون أن يعرف مسارها ومصيرها، ولم تستطع التحقيقات أن تثبت خلاف ذلك، وهو ما أسهم في تخفيف الحكم عليه. غير أن دحلان وظف المشهد لصالحه من خلال الصور التي جمعته بالسكني.
في المقابل، دخل عباس مسرعا إلى المشهد لمحاولة قطع أي محاولة التقاء بين دحلان وحماس، من خلال طرحه لمبادرة جديدة أو المناورة من جديد، واستخدام سياسة العصا والجزرة، غير أنها هذه المرة قد تفشل أمام تحسب حماس لهذه الفرضية، فإما أن يكون لديه شيء حقيقي يقدمه لقطاع غزة، أو أن نتائج جولته ستكون صفرا.
وتبقى الاحتمالات مفتوحة في الأيام القادمة، لكن من الوارد حدوث تغيرات قد تفيد قطاع غزة وتخفف من الإغلاق المفروض عليه، في حال أحسنت الحكومة في غزة توظيف المتناقضات بالشكل الأمثل. وأتوقع أن تستمر حالة تبادل المنافع غير الرسمية بين حماس ودحلان ضمن حدود معينة، إلا إن كان لدى عباس شيء جديد ومختلف كليّاً عن مناوراته السابقة.;