أحدث الأخبار
  • 06:50 . أكثر من 150 شهيداً وجريحاً بغارات الاحتلال الإسرائيلي جنوب وشرق لبنان... المزيد
  • 06:29 . فلاي دبي تمدد تعليق رحلاتها بين دبي وبيروت... المزيد
  • 01:02 . الإعلام الإسرائيلي يتحدث عن غزو وشيك للبنان وخطط لتغيير المنطقة... المزيد
  • 11:54 . النفط يرتفع نتيجة مخاطر مرتبطة بالإمدادات في الشرق الأوسط... المزيد
  • 11:29 . خفض أسعار الوقود في الإمارات للشهر الثاني على التوالي... المزيد
  • 11:13 . اعتماد تاريخ 28 فبراير "اليوم الإماراتي للتعليم"... المزيد
  • 10:49 . أتليتكو مدريد ينجو من السقوط أمام جاره الريال في الدوري الإسباني... المزيد
  • 10:42 . الإمارات تتهم الجيش السوداني بقصف مقر السفير في الخرطوم... المزيد
  • 12:42 . توتنهام يضرب مانشستر يونايتد بثلاثية بعقر داره بالدوري الإنجليزي... المزيد
  • 12:35 . الإمارات تستثمر 30 مليون دولار لدعم غانا في التنوع البيولوجي والمناخ... المزيد
  • 10:13 . هل تشكل أبوظبي قوة استقرار في الشرق الأوسط؟.. تقرير أمريكي تجيب... المزيد
  • 09:27 . وزير الدفاع الأمريكي يوجه بتعزيز قدرات جيش بلاده في الشرق الأوسط... المزيد
  • 08:11 . حذرت من حرب شاملة.. إيران تتوعد بالرد على اغتيال نائب قائد الحرس الثوري... المزيد
  • 08:04 . السيسي: مصر فقدت 60% من إيرادات قناة السويس... المزيد
  • 07:01 . جيش الاحتلال يقصف منشآت غربي اليمن... المزيد
  • 06:51 . توقعات بانخفاض في درجات الحرارة وفرصة لسقوط أمطار غداً... المزيد

الاقتصاد الإسرائيلي..كيف بدأ؟

الكـاتب : خليل علي حيدر
تاريخ الخبر: 30-11--0001


دخل الاقتصاد الإسرائيلي القرن الحادي والعشرين، كاقتصاد قوي متطور له ميزات ثلاث: الأولى، أنه اقتصاد غني يتمتع فيه الفرد بمستوى معيشي يضاهي مستوى معيشة الفرد في الدول الصناعية الغنية. الثانية، أنه اقتصاد منفتح على الأسواق العالمية، ويقيم علاقات تجارية واستثمارية متينة بالتجمعات الاقتصادية الكبرى في الاتحاد الأوروبي وأميركا الشمالية، وبالاقتصادات الصاعدة كالصين والهند، كما أنه يحظى بوجود عالمي مهم في مجال صناعات النمو الجديدة، كصناعة الاتصالات الإلكترونية والمعلومات الرقمية وأجهزة الطب الحديثة. الثالثة، يضيف الباحث «فضل النقيب»، أنه اقتصاد ملتزم بمشروع سياسي يتمتع بتأييد أغلبية التجمعات اليهودية في العالم، «التي تحتضن مراكز ضغط سياسية تعمل دائماً على تطويع سياسات الدول الكبرى على تقديم العون لإسرائيل، سياسياً واقتصادياً».

د. فضل النقيب أستاذ فخري في الاقتصاد الرياضي في «جامعة واترلو» بكندا، وباحث في اقتصادات الشرق الأوسط. وقد ساهم إلى جانب العديد من الباحثين الآخرين في إثراء كتاب «دليل إسرائيل عام 2011»، الصادر عن «مؤسسة الدراسات الفلسطينية» في بيروت.

وبما أننا نمر بالذكرى السنوية لتقسيم فلسطين عام 1948 وقيام دولة إسرائيل، وتمر بنا كذلك «سنوية النكسة» في يونيو 1967، التي نحن على بعد ثلاثة أعوام من ذكراها الخمسين، فمن المستحسن أن نعرض للقراء بعض هذه البحوث العلمية الرصينة التي تدرس إسرائيل بموضوعية، لعلّ في دراستها ما يفيد عالمنا العربي، وما يضيف إلى حسابات وطموح «الربيع العربي».. وتطلعات بلداننا وشعوبنا المستقبلية.

«لم يتمتع الاقتصاد الإسرائيلي بالوضع الممتاز الذي هو عليه الآن طوال العقود الستة من عمر الدولة»، يرى الباحث، فقد عانت منذ ثمانينيات القرن العشرين أزمات اقتصادية ومالية وتضخمية، ويرى د. النقيب أن السبب الرئيسي وراء تلك الأزمات، «أن دولة إسرائيل، بحكم التزامها المشروع الصهيوني، ومن أجل تشجيع يهود العالم على الهجرة إلى إسرائيل، تعمل دوماً على رفع مستوى معيشة الإسرائيليين إلى حد أعلى مما تسمح به مواردها الذاتية».

ويورد الباحث مثالاً لافتاً قليلاً ما نقرأ عنه، يقول: «بينما يصل معدل البطالة إلى أكثر من 10% أحياناً، نجد أن إسرائيل تستخدم نحو ثلاثمائة ألف عامل آسيوي، وعشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين، وذلك بأن العامل الإسرائيلي يفضل أن يكون عاطلاً عن العمل، على أن يعمل في بعض مجالات الزراعة والخدمات والإنشاءات التي يعتبرها غير ملائمة. واختياره هذا ممكن لأن الدولة تضمن نظام تأمين ضد البطالة يوفر له دخلاً معقولاً ما دام بلا عمل. غير أن الباحث، د. النقيب، لا يوفق تماماً في بيان أسباب قدرة الاقتصاد الإسرائيلي على تمويل هذا النظام الاجتماعي وضمان هذه الرفاهية، فيعزوها إلى المساعدات الخارجية، يقول: «وقد تمكنت الدولة - الإسرائيلية - طوال الوقت منذ نشأتها من الاحتفاظ بمستوى معيشة مرتفع لاعتمادها على المساعدات الخارجية (الأميركية بصورة خاصة)، وعلى استغلال الاقتصاد الفلسطيني في داخل إسرائيل، ثم في الضفّة الغربية وقطاع غزّة منذ سنة 1967». (ص، 528).

منذ أن ابتدأ المشروع الصهيوني في فلسطين إلى اليوم، يقول الباحث، وهو يتوسع باستمرار جغرافياً وبشرياً، إذ نجح في ابتكار علاقة دينامية بين نشاطه السياسي ونشاطه الاقتصادي. واستفادت الحركة الصهيونية من فترة الانتداب البريطاني، وتمكن اليهود من التفوق اقتصادياً، ما مكنهم من تجهيز جيش بلغ تعداده نحو 65 ألف جندي خلال حرب 1948، بينما عجزت سبع دول عربية عن الاشتراك بأكثر من 15 ألف جندي. بدأ الاقتصاد الإسرائيلي أول قيام الدولة عام 1948 معتمداً على الملكية الجماعية في الغالب، حيث كانت أغلبية نشاط القطاع الزراعي تتم بالأسلوب التعاوني، «الكيبوتس» و«الموشاف». ومن ناحية أخرى « كانت الحركة الصهيونية والأحزاب العمالية تملك وتشرف على مؤسسات اقتصادية كثيرة صناعية ومالية وخدمات صحية، وكذلك الحال بالنسبة للنقابة العامة للعمال اليهود «الهستدروت».

وأدّى نفوذ الأحزاب العمالية إلى تبني إسرائيل في العقود الثلاثة الأولى من عمرها نظاماً هو أقرب ما يكون إلى نظام «الديمقراطية الاشتراكية»، وهو النظام الذي اتبعه كثير من الدول الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، ومبني على أساس شراكة ثلاثية بين رأس المال والعمال والدولة. في هذه الشراكة، يوضح الباحث، «تلتزم المنظمات العمالية تقليص حجم مطالبها النقابية المتعلقة بالأجور وأوضاع العمل، في مقابل تعهد رأس المال والدولة باتباع سياسة توظيف كامل لليد العاملة، والتزام سياسة مكافحة البطالة، وكذلك أن يتعهد رأس المال بمراعاة حقوق العمال والاعتراف بشرعية ممثليهم من النقابات العمالية».

وحققت إسرائيل في هذه المرحلة التأسيسية نجاحات كبيرة، إذ ازداد عدد السكان أربعة أضعاف، وزاد الإنتاج القومي، بمعدل 9% سنوياً، وتم الانتقال إلى مجتمع صناعي ذي قدرة تكنولوجية عالية، وأنظمة متقدمة في مجالات الصحة والتعليم والضمانات الاجتماعية. وتم هذا كله بموازاة بناء جيش عصري وقوي وقادر على استعمال أحدث الأسلحة وتطويرها، حيث استفادت إسرائيل من المساعدات المتدفقة عليها من الخارج، ومن وجود بيروقراطية عقلانية كانت تقريباً، «ذات ثقافة واحدة وشعور مشترك بأنها تخدم هدفاً واحداً، الأمر الذي مكنها من الاحتفاظ بالاستقلالية والقدرة على صوغ مشاريع قومية أكبر وأشمل من المصالح الشخصية أو الفئوية».

ولا يشرح الأستاذ الباحث هذا النجاح الإسرائيلي، وسط كل هذه الظروف الصعبة والحروب، ولا يبين بدقة أسرار نجاح التقدم الإسرائيلي والإخفاق العربي في مجالات الاقتصاد المختلفة، ومن ملاحظات الباحث في هذا المجال استقلالية الجهاز البيروقراطي، «فبدلاً من أن تكون أجهزة الحكومة معتمدة على الضرائب التي تجنيها من رجال الأعمال، كانت على العكس تملك الثروة - من أموال المساعدات الخارجية - التي يطمع رجال الأعمال في الحصول على قسم منها بوسائل الدعم الحكومي المتعددة». وهو وضع يشبه إلى حد ما ظروف التنمية في الدول البترولية العربية الخليجية منها وغير الخليجية، حيث لا تعتمد ثروة الدولة على رجال الأعمال أو الضرائب المفروضة على الإنتاج، ولكن لماذا لم يهيمن الفساد على النموذج الإسرائيلي، بينما تعرض مشروع التنمية في العالم العربي لكل هذه العثرات؟

مع أواسط السبعينيات بدأ التغيير يظهر على ملامح الاقتصاد الإسرائيلي كذلك وما ينهمر عليها من مساعدات. فقد أخذت المساعدات الخارجية تذهب في معظمها إلى الإنفاق العسكري بعد حرب الاستنزاف والمقاومة الفلسطينية وحرب 1973، الأمر الذي حرم الدولة مواد مهمة كانت تنفقها على النشاط الاقتصادي.

ولكن إسرائيل لم تستسلم للعسكرة بمعناها السلبي، «إذ بدأت تتشكل فيها بعد حرب 1967 صناعة حربية متطورة على علاقة عضوية بصناعات التكنولوجيا العالية، وأصبحت تلك العلاقة تعرف باسم المجمع العسكري - الصناعي، الذي أثبت قدرته على انتهاج سلوك مستقل عن الدولة، وعن هيمنة الأحزاب العمالية. وفيما يتعلق بالمشاريع الكبيرة، أخذت المخاطر والشكوك ترافق الاستثمار فيها، فانتهى معظمها في بداية السبعينيات». ويبقى الكثير للحديث عن حول الاقتصاد الإسرائيلي.. في مقالات قادمة!