فيما تسابقت وتسارعت المواقف العربية والخليجية والإسلامية والدولية رسميا وشعبيا للترحيب بقرار مجلس الأمن الدولي بشأن إدانة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية وفي القلب منها القدس، والمطالبة بوقفه فورا، غاب الموقف الرسمي في الإمارات عن هذا القرار الذي وصفه الكثيرون "بالتاريخي".
وكان لنظام السيسي الذي تدعمه أبوظبي بقوة دورا ملحوظا في مجلس الأمن لجهة سحب القرار وإحباطه وهو الموقف الذي حظي بإدانة شعبية واسعة النطاق، وتنديد رسمي فلسطيني ومواقف إعلامية عربية وإسلامية، وقد يكون الموقف الذي وجدت القاهرة نفسها فيه هو الدافع وراء عدم وجود موقف رسمي إماراتي حتى الآن.
أما إعلاميا، فقد نشرت الصحف الرسمية الإماراتية وخاصة "الخليج" عدة مقالات بعد القرار تقلل من أهميته بزعم أن إسرائيل ترفض تنفيذ هذه القرارات، متجاهلة أن إسرائيل نفسها أدركت خطورة القرار حتى ولو لم ينفذ اليوم إلا أن عدم صدوره يعني شرعنة رسمية للاستيطان.
الموقف الإعلامي غير الرسمي في الصحف الرسمية كان مرحبا بطبيعة الحال بالقرار، ولكنه حاول الدفاع والتغطية على سلوك السيسي في مجلس الأمن بهذه الطريقة.
أما الموقف الأكثر أهمية، هو ما ورد في نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبوظبي كونه مركزا بحثيا وإعلاميا يقوم بدور واضح على الساحة الإماراتية والدولية، من خلال ترؤس الشيخ محمد بن زايد لهذا المركز وقيام مديره جمال السويدي بدور سياسي ودبلوماسي متصاعد من خلال استقباله السفراء في الدولة أو استقبال الوزراء وكبار المسؤولين.
فقد قالت هذه النشرة، تحت عنوان «تحد إسرائيلي لإرادة المجتمع الدولي»، أوضح القرار 2234 والذي صدر بأغلبية ساحقة وأيدته 14 دولة، بينما لم تستخدم الولايات المتحدة الأميركية حق النقض «الفيتو» لأول مرة منذ سنوات، وامتنعت فقط عن التصويت برغم محاولة حكومة نتنياهو إقناع إدارة أوباما بعرقلة صدور هذا القرار، الأمر الذي يؤكد أن هناك إدراكاً دولياً لخطورة السياسات الاستيطانية الإسرائيلية على مستقبل عملية السلام، وكيف أنها تدمر أي جهود حقيقية من أجل استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأكدت النشرة، أهمية قرار مجلس الأمن الدولي الأخير لأنه يشكل إدانة حقيقية لسياسات الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ الرابع من يونيو عام 1967 ولا يعترف بأي تغييرات طرأت نتيجة هذه المستوطنات.
وأضافت أن القرار يؤكد عدم شرعية المستوطنات، ويعتبرها في الوقت ذاته انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وعقبة رئيسة أمام حل الدولتين وعملية السلام الشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولهذا كان من الطبيعي أن تشعر إسرائيل بالصدمة من صدور هذا القرار، بعد أن فشلت في عدم تمريره من مجلس الأمن إذ رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هذا القرار، وقال إن «إسرائيل لن تمتثل له، وستستمر في القيام بما يلزم لخدمة مصالحها».
وقالت: منذ أن جاءت حكومة نتنياهو إلى السلطة وهي تتحرك في الاتجاه المعاكس لعملية السلام وأقدمت على الكثير من التصرفات والمواقف التي تعكس رؤيتها المشوهة للسلام وشروطه إلا أن توجهاتها فيما يتعلق بالاستيطان هي الأخطر ليس لأن الاستمرار في بناء المستوطنات يستهدف فرض أمر واقع على الفلسطينيين كما سبقت الإشارة، وإنما أيضاً لأنه يمثل العقبة الرئيسية أمام إقامة دولة فلسطينية مستقلة وربما يفسر هذا إصرار حكومة نتنياهو على المضي قدما في مشاريعها الاستيطانية متحدية إرادة المجتمع الدولي التي تطالبها بإنهاء الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكدت «أخبار الساعة» في ختام مقالها الافتتاحي أن حالة التوافق الدولي التي بدت ظاهرة في قرار مجلس الأمن الدولي الأخير يمكن البناء عليها واستثمارها ليس فقط في إثناء إسرائيل عن مواصلة مخططاتها الاستيطانية الأخيرة وإنما أيضاً في ممارسة ضغوط حقيقية عليها كي تتجاوب مع أي جهود لاستئناف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين استناداً إلى الأسس والمرجعيات الثابتة التي أقرتها الشرعية الدولية، وبما يحفظ حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ورغم أن ما ذكرته النشرة هو الموقف الرسمي لدولة الإمارات، إلا أن مراقبين يعتبرون أنه موقف إعلامي جدير بحاجة إلى إسناد وتأكيد رسمي من جانب وزارة الخارجية والتعاون الدولي على الأقل.
وكان فلسطينيون من داخل الخط الخضر زعموا مؤخرا أن جمعيات تتلقى دعما إماراتيا تقوم بشراء ممتلكات الفلسطينين وبيعها للمستوطنين، كما ورد على لسان كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية التي حظرها نتنياهو فيما بعد، فيما لم يصدر عن الدولة أية تصريحات تنفي هذه الاتهامات.