لا تزال عقدة الأجنبي، والتقليد هي المسيطرة على بعض القرارات في مختلف الهيئات الرسمية في الدولة أكثر من دافع الاستفادة من تجارب الآخرين. ففي السنوات الأخيرة تم استنساخ كتب العلوم والرياضات الأمريكية وترجمتها حرفيا للتعليم في الدولة، باعتقاد أن المناهج الأمريكية بحد ذاتها هي ما يضمن مخرجات تعليمية متميزة.
وعلى هذا المنوال، تم تطبيق التجربة الفنلندية وتجربة سنغافورة وكوريا الجنوبية ونيوزلندة وماليزيا وغيرها من التجارب التي لم تسفر عن تقدم حقيقي يذكر، بل التعليم في تراجع مستمر، ليس أدل على ذلك من التخبط المستمر وارتجال القرارات في وزارة حسين الحمادي.
فمناهج الرياضيات والعلوم لهذا العام، وبحسب شكاوى أولياء أمور تحدثوا إلى برامج البث المباشر على الإذاعات المحلية، فهذه الكتب تأخرت كثيرا عن عشرات آلاف الطلبة وخاصة لطلبة الثانوية العامة، كما أنها جاءت مليئة بأخطاء الترجمة والأخطاء الطباعية، فضلا عن عدم تزويد المعلمين بالتدريب الكافي عليها.
إلغاء خطة استمرت 3 شهور فقط
وكان أحدث "مغامرة" لوزارة التعليم، وفق انتقاد إماراتيين، الشهر الماضي عندما أصدر حسين الحمادي قراراً وزارياً حمل الرقم 808 لسنة 2016، بشأن تعديل الخطة الدراسية للتعليم المستمر المتكامل للعام الدراسي الحالي 2016/2017، حيث ألغى القرار، 3 مواد دراسية من الخطة الدراسية المعتمدة للعام الدراسي الحالي وهي مادة علوم الكمبيوتر ومادة مهارات الحياة، ومادة إدارة الأعمال.
وهي مواد تم طرحها هذا العام الدراسي فقط (2016- 2017)، ولم تدرس إلا هذا الفصل الذي لم ينته بعد، رغم التركيز الإعلامي على "التطوير والتقدم" الذي تحمله هذه المواد، ليفاجأ الإماراتيون بأن الوزير تخلى وبدون سابق إنذار عن هذه المواد وعن كل الفوائد والعوائد التي تم التنظير لها قبل طرحها وطوال أسابيع.
ونصت المادة الأولى من القرار على تعديل المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 618 لسنة 2016 بشأن الخطة الدراسية للتعليم المستمر المتكامل للعام الدراسي 2016/2017، وذلك بإلغاء مادة «علوم الكمبيوتر» بالصفوف من العاشر وحتى الثاني عشر للمسار الأكاديمي والدراسة المنزلية، وإلغاء مادة «إدارة الأعمال» بالصفوف من العاشر وحتى الثاني عشر لمسار الدراسة المنزلية، وإلغاء مادة «مهارات الحياة» للصف الثاني عشر لمساري التعليم الأكاديمي والدراسة المنزلية.
اللغة العربية على الطريقة الأوروبية
أعلن الحمادي أن الوزارة تعمل على "تحديث معايير اللغة العربية لجميع الصفوف من رياض الأطفال إلى الثاني عشر ومواءمتها للمرة الأولى مع المنظومة الأوروبية للغات، بما يغيّر تماماً من شكل ومضمون المادة"، على حد تعبيره.
ولفت إلى أن هذا التطوير "هدفه تقديم مادة اللغة العربية بأسلوب شيّق وسلس للطلبة في جميع المراحل الدراسية، شأنها شأن بقية المواد العلمية".
وزعم الحمادي في تصريحات صحفية إلى أن المعايير المطبّقة حالياً لا تساعد الكثير من الطلبة على تكوين فهم كامل للمادة، كما أنها مصدر شكوى للطلبة وأولياء أمورهم، خصوصاً أن شرح الدروس يتم بأساليب كلاسيكية. مدعيا، أن المنظومة الجديدة المطروحة للغة العربية "تتطلب فكراً مختلفاً للمعلمين وأساليب حديثة في الشرح وفي تقديم المواد الإثرائية، وفي أسلوب الاختبارات والتقييم".
وقد أكد متابعون وتربويون، أن هذه الإشادات للمنظومة الجديدة هي نفس الإشادة لأي "مبادرة" جديدة ولكن يتم الانقلاب عليها بعد ذلك إذا تم التخلي عنها، كما أن ذم المنظومة الحالية هي نفسها قد حظيت بإعجاب شديد وقتها من جانب الوزارة ومسؤوليها، ومتى سيهجو الحمادي نفسه المنظومة الأوروبية ذاتها التي أشاد بها؟
وإزاء ذلك، تساءل موطنون، إلى متى ستستمر هذه المبادرة الجديدة، وما هي عناصر القوة والإيجابية في المنظومة الأوروبية ليتم نقلها للإمارات، أم أن اسم "الأوروبية" هو الغاية النهائية، وماذا يعني بشكل ومضمون جديد، ما دام أنه لن يتم تعليم اللغة العربية بحروف لاتينية.