نظَّم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية محاضرة بعنوان «الجيوش العربية والدولة الوطنيَّة»، في «قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان» بمقر المركز في أبوظبي، قدَّمها خالد عمر بن ققه، المستشار الإعلامي للاتحاد العام للأدباء والكتَّاب العرب، رئيس التحرير التنفيذي في مجلة «الكاتب العربي».
وأشار إلى أن الحديث عن الجيوش العربية شغل الحيِّز الأكبر من اهتمامات المراقبين على الصعيدَين المحلي والدولي منذ نهاية عام 2010، (لم يقل منذ الربيع العربي) وتحوَّل مع الوقت إلى موقف سياسي من بعض الأطراف المعارضة، والعديد من القوى التي "تتَّخذ العنف أسلوباً ومنهجاً، وبخاصة الجماعات الإرهابية"، على حد تعبيره.
وزعم أن بعض وسائل الإعلام ساعدت على إيجاد مناخ عام سلبي ضمن خطاب إعلامي "يهدِّد أركان الدولة الوطنية، ويشكِّك في وطنية الجيوش وقادتها، الأمر الذي يَشِي بتحوُّل منتظَر في منظومة القوانين والقيم، التي تحدِّد دور الجيوش في دولنا العربية".
وبالنظر إلى تجربة الجيوش الوطنية بعد الربيع العربي، فإن المراقب يجد أن الجيش التونسي كيف ترفع عن الخلاف السياسي في بلاده وحمى الشعب التونسي من بطش النظام ورفض أن يكون عصا غليظة على رؤوس التونسيين، فحفظ أمن تونس واستقرارها وأوصلها إلى بر الأمان.
أما في الدول التي اختارت فيها الجيوش الدفاع عن الأنظمة في مواجهة المطالب الشعبية، فقد قادت الدول إلى الخراب والدمار والفشل كما في سوريا ومصر وليبيا قبيل تدخل الأمم المتحدة لحماية المدنيين من بطش كتائب القذافي.
وزعم المحاضر أيضا، أن "الجماعات الإرهابية تهدف إلى زعزعة أمن الدول واستقرارها، ومن أهم ما تستهدفه تلك الجماعات لتحقيق أهدافها في المنطقة العربية هي الجيوش الوطنية، حيث تشكل تلك الجيوش السند القوي والحائط المنيع أمام تحقيق أهداف تلك الجماعات الإرهابية في الدول العربية، خاصة في ظل الوقت الراهن الذي تشهد فيه المنطقة العديد من التحديات التي تتمثل في الصراعات المسلحة داخل الدول التي تهدِّد بتقسيمها إلى دويلات صغيرة على حساب الدولة الموحَّدة".
وبمفهوم الأنظمة في سوريا ومصر والإمارات وعموم الأنظمة العربية فإن الناشطين هم السلميين المطالبين بالحقوق هم الجماعات الإرهابية كما سيتضح ذلك من خلال أقوال المحاضر بعد قليل.
وفي تقريره السنويّ “تقديرات إستراتيجيّة من أجل إسرائيل” تناول معهد أبحاث الأمن القوميّ-الإسرائيليّ، التابع لجامعة تل أبيب، والذي يرأسه الجنرال المُتقاعد، عاموس يدلين، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)، اتهامات نظام السيسي بتورط الإخوان المسلمين في الإرهاب، أكّد التقرير، أنّه من الصعب تقدير مدى تورط (الإخوان المسلمين) في الإرهاب بصفتهم تنظيمًا، وتحديد مدى مصداقية اتهامات النظام لهم، ولكن ربمّا مارس أعضاء في التنظيم إرهاب الأفراد أوْ انضموا إلى تنظيمات إسلامية نشطة في شمال سيناء وفي مناطق أخرى. أي أن انقلاب الجيش المصري وتدخله في السياسة وإقصاء رئيس منتخب هو الذي يقود للتطرف والعنف، لأن التطرف والعنف كادا أن يختفيا من مصر قبل الانقلاب ولكن الجيش دفع اليائسين لهذا التطرف في حين كانت الديمقراطية واحترام خيارات الشعوب وعدم تدخل الجيش فيها ضمان الأمن والاستقرار.
كما أن مؤتمر الأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان المنعقد في جنيف العام الماضي أرجع سبب عدم الاستقرار وغياب الأمن للتهميش وانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها أنظمة في المنطقة تستخدم الجيوش والأمن والقضاء والفن والدين والثقافة والمال والمجالس التشريعية كلها في خدمة النظام وغالبا في خدمة شخص واحد من هذا النظام أو ذاك، كما يتهم ناشطون عربا يضربون أمثلة بما يحصل في بلادهم
3 أعداء للجيوش الوطنية
وتحدث المحاضر عما سمَّاهم "أعداء الجيوش الوطنية"، وقد صنفهم في عناصر عدَّة هي: "أولاً، بعض المثقفين من الليبراليين وغيرهم الذين يرون، بحسن أو بسوء نية، أن الديمقراطية تُعَدُّ بديلاً للجيوش الوطنية.
وثانياً، المعارضة السياسية التي عادة ما تكون في شكل أحزاب وجماعات ضغط، وهي لا تمانع في حقيقة الأمر من استغلال الجيوش الوطنية لتحقيق أهدافها السياسية.
وثالثاً، جماعات الإسلام السياسي التي قد ترى في الجيوش الوطنية عائقاً أمام تحقيق أهدافها التي قد تضرُّ بالدول، وتعمل على تفكيكها وتقسيمها وفقدانها هويتها". بحسب ما نقلت صحيفة "الاتحاد" المحلية عنه.
وبالنظر للحالة العربية والخليجية، فإن هذه الجيوش هي أداة أيضا في يد حزب البعث في سوريا، مثلا، وتخدم نظام الانقلاب في مصر، وأنظمة المنطقة عموما، ما يجعلها في مصاف أعداء الجيوش كونها تدخلها في معارك سياسية ومشروعات حربية داخليا وخارجيا، على ما يقول محللون.
وتجاهل المحاضر أن الغرب لديه أكبر عدد من الأحزاب والتنوع والتعددية ومع ذلك لم يتم تجيير جيوش الدول الغربية لصالح هذا الحزب أو ذاك عندما يفوز في الانتخابات. أي أن التعددية والديمقراطية والمعارضة بشتى ألوانها ليست خطرا لا على الجيوش ولا على الدول ولا على الأمة، وإنما الخطر الوحيد والحقيقي الذي يهدد الجيوش والأمة والدول هي الأنظمة التي تسخر هذه الجيوش كقوى ضاربة ضد شعوبها وتعمل على تغيير عقيدتها من مواجهة الأعداء إلى اعتبار الناشطين الحقوقيين والسلميين والمطالبين بحقوقهم هم الأعداء وهم الإرهابيين، وتجعل من قتل الجيوش للمتظاهرين السلميين بأنه جوهر الوطنية وحفظ الأمن والاستقرار كما هو الحال في سوريا ومصر وقطاع كبير من الدول العربية، كما يقول مراقبون، يؤكدون أيضا أن الاستبداد والظلم وتهميش الشباب والسيطرة على كل مناحي الحياة هو الذي يقود الدول والشعوب والجيوش إلى الهلاك.