بدأت في فرنسا تتكشف تفاصيل صفقة مثيرة للجدل، حصلت بموجبها مصر على أجهزة تجسس مراقبة على المصريين، إبان وصول قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي للسلطة عام 2013، وتشير إلى تورط إماراتي في قضية تصفها وسائل إعلام فرنسية بـ"الفضيحة".
وكشفت مجلة "تيليراما" الفرنسية في تحقيق لها أجراه الصحفي أوليفيه تسكي، عن سماح السلطات الفرنسية لشركة "أماسيس" بتصدير أجهزة رقابة رقمية إلى مصر بتمويل إماراتي، بحسب ما ذكره موقع إذاعة "مونتي كارلو" الفرنسية السبت 7 يوليو/تموز 2017، مشيراً إلى أن القضاء يلاحق الشركة الفرنسية بتهمة تصدير أجهزة مماثلة إلى نظام دكتاتوري استخدمها لتعذيب المعارضة.
وفي الوقت الذي كانت فيه فلور بيليران الوزيرة الفرنسية المفوضة لشؤون الاقتصاد الرقمي تعلن أن السلطات الفرنسية لن تسمح من الآن فصاعداً ببيع معدات إلكترونية مدنية يمكن للأنظمة القمعية أن تحولها لاستخدامها في قمع شعوبها، كان رئيس شركة "أماسيس" ستيفان ساليس يتفاوض مع موفد إماراتي لبيعه نظام يستخدم التكنولوجيا الرقمية للتجسس على المكالمات الهاتفية، والرسائل الإلكترونية، وشبكات التواصل الاجتماعي.
ومن شأن نظام مراقبة التكنولوجيا الذي حصلت عليه مصر بدعم إماراتي، أن يُسهل من عملية التنصت على المواطنين، والقبض على الحقوقيين داخل مصر، بحسب ما ذكره موقع "فرانس 24"، 7 يوليو2017.
ما هو دور الإمارات؟
وكشفت مجلة "تيليراما" في تحقيقها إلى أن الإمارات دفعت ملايين اليورو ثمن نظام المراقبة، وقدمته هدية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد انقلابه العسكري ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي.
وبيّن التحقيق الصحفي أن الإماراتيين بدؤوا التفاوض مع شركة "أميسيس" ومديرها التنفيذي ستيفان ساليس عام 2013، ودفعوا مبلغ 10 مليون يورو قيمة المعدات، و"أهدوها للرئيس السيسي بعد وصوله إلى الحكم، ليستعملها في حملته ضد الإخوان المسلمين".
وبعد أن توصل الطرفان إلى اتفاق، تمت تسمية الصفقة "توبليرون"، وذلك بإشارة للوح الشوكولا المصنوع على شكل أهرامات.
القذافي حصل عليه سابقاً
وليست هذه المرة الأولى التي تبيع فيها شركة "أمسيس" الفرنسية أجهزة مراقبة لأنظمة دكتاتورية، فقد كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تحقيق لها عام 2011، عن نشر منظومة للمراقبة الإلكترونية واسعة النطاق في ليبيا، من قبل شركة "أميسيس" وبموافقة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، وسمحت لنظام معمر القذافي بالتعرف على النشطاء والمعارضين ومن ثم استهدافهم.
وبحسب الصحيفة، تساعد هذه الأجهزة على اختراق البريد الإلكتروني واعتراض الرسائل الإلكترونية لا سيما عبر موقع "فيسبوك"، الذي استخدمه المعارضون والناشطون بكثافة كوسيلة للتواصل خلال مظاهرات عام 2011.
وكانت الصحيفة قد نشرت تقريرها آنذاك بعد العثور على ملفات تجسس عديدة داخل مركز تجسس إلكتروني جهزته الشركة نفسها في العاصمة طرابلس، بعد سقوطها بيد الثوار الليبيين في أغسطس 2011.
وأشارت المجلة الفرنسية في التحقيق إلى أن ما وصفتها بـ"الفضيحة"، تكمن في أنه بالوقت الذي بدأ فيه القضاء الفرنسي بالاستماع إلى المسؤولين في الشركة التي باعت ذات التقنية للعقيد الليبي معمر القذافي، بطلب من الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، أغمضت السلطات الفرنسية أعينها عن تصدير الشركة لأجهزة المراقبة إلى مصر، بعد أن غيرت اسمها وفتحت لها فرعاً في المنطقة الحرة في دبي.
كما كشف التحقيق أن الشركة لجأت إلى بعض التغييرات بعد الفضيحة الليبية. ففي عام 2011، كان ستيفان ساليس المدير التجاري للشركة، إلا أنه قام ببيع أسهمه إلى شركتي "كريسيندو إنداستريز" و"آي تو إي" اللتين أنشأهما بنفسه، مما مكنه من شراء شركة "أميسيس" من مالكها الأساسي، مجموعة "بول".
وتخضع شركة "أميسيس" لتحقيق قضائي في فرنسا منذ العام 2011، لإمكانية تورطها بأعمال التعذيب التي تعرض لها الناشطون في السجون الليبية. وبحسب مجلة "تليراما" فمنذ فضيحة ليبيا تم وضع الشركة على اللوائح السوداء ضمن الدوائر الاستخباراتية والتجسسية الفرنسية.