محامون يرفعون دعوى قضائية ضد ترمب، ولكن هذه المرة ليس ضد قراراته الخاصة بالهجرة أو الأقليات، وإنما لحظره مستخدمين بموقع «تويتر» من متابعة حسابه الشخصي، الذي يغرد فيه دائماً، لمجرد أنهم ردوا عليه بتعليقات مُنتقِدة، أو ساخرة، أو مُعارضة لسياساته.
وجاءت هذه الدعوى التي رفعها معهد «نايت فرست أمندمينت» بجامعة كولومبيا، أمام محكمة اتحادية بنيويورك، تضامناً مع سبعة أشخاص، قالوا إن ترمب حظر عدداً من حساباتهم، رداً على تعليقات انتقدت أو سخرت منه أو خالفته الرأي.
واستندت الدعوى إلى أن فعل الرئيس يخالف التعديل الأول للدستور الأميركي الذي يسمح بحق الحصول على المعلومات، كما أنه يقمع المعارضين له، خاصة أن حسابه أصبح منصة عامة لمعرفة مواقفه، ولا يمكن إقصاء الناس عنها بسبب آرائهم.
ومن المعروف أن ترمب يضيق ذرعاً بالنقد، ولهذا فإن حجب هؤلاء جاء على خلفية انتقادهم عدداً من تغريداته والسخرية منها، بحسب صحيفة «ذا غارديان» البريطانية.
ولا يحق للرئيس -وفق الدعوى- استخدام الحجب، كون هذا الإجراء يقمع حرية التعبير على حسابه، والذي يُعتبر منتدى عاماً للنقاش، محمياً بموجب الدستور.
وأصبح الحساب الذي يتابعه 33 مليون متابع وسيلة للأميركيين لمواكبة قضايا السياسة العامة، ومراقبة تقلب مزاجه على التغطية الإعلامية لإدارته.
ويدعم خطوة أصحاب الدعوى سابقة صادرة عن المحكمة العليا التي قضت بأن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت مصدراً مهماً للمعلومات، وتُطلب الدعوى من المحكمة استدعاء «حجب الاعتراض القائم على وجهة نظر الرئيس»، والافراج عن المدعين على «تويتر» ودفع رسومهم القانونية.
من حُسن حظ المعارضين أنهم في بلد اسمه أميركا يحكمها دستور وقانون، وفيها قضاء مستقل يحمي حقوق جميع الأميركيين، على حد سواء، مواطنين ومسؤولين، ويمنع مصادرة الرئيس حق مواطنيه في التعبير عن آرائهم وانتقاده حتى بحسابه في «تويتر»، وتلك نعمة نفتقدها في العالم العربي الذي يُسجن المرء بتغريدة، ويُمنع من التعبير عن مشاعره إزاء ما يؤمن به.
ومن أهم حسنات مواقع التواصل أنها كسرت القيود التي تفرضها الحكومات المستبدة على وسائل الإعلام التقليدية، وساوت بين المواطنين والمسؤولين في امتلاك منصات للتعبير والرد على بعضهم في مكان واحد.
يملك ترمب صفة نظرائه المستبدين في تعاملهم مع الإعلام تحديداً، ولهذا بمجرد ما تولى الحكم انتقم من كل الإعلام المعارض، وإن لم ينجح، وأراد بنشر مواقفه في «تويتر» القضاء على الوسيط بينه وبين جمهوره، وهو وسائل الإعلام، التي جعلها تنتظر، مثل المواطنين، ما ينشره بحسابه ليلاً أو نهاراً.
مواجهة الإعلام في زمن الفضاء المفتوح رهان خاسر، فما بالنا حينما تكون في بلد رائد للديمقراطية، كأميركا، لا يستطيع الرئيس تجاوز حدود صلاحياته، وإن تعدى فالقضاء والإعلام له بالمرصاد.;